يلزمني بدءا أن أزجي ثناء مستحقا للوزير مدني عباس مدني لتعففه من استلام مبالغ كبيرة بالدولار والعملة المحلية منحت له نظير ترؤسه لاجتماعات اثنتين من شركات السكر، ففي الانباء أن الوزير مدني بعث بخطاب لوزارة المالية يعتذر فيه عن قبول هذه الأموال ويطلب من المالية تحويلها للصالح العام، وأرفق مع الخطاب شيكين أحدهما بمبلغ تجاوز الثمانية عشر الف دولار عبارة عن حافز منحته له شركة سكر كنانة بوصفه رئيس مجلس ادارتها ولادارته لاجتماعات المجلس، والشيك الآخر بمبلغ يلامس المائتي الف جنيه سوداني عبارة عن حافز ترؤسه اجتماع مجلس ادارة شركة سكر النيل الأبيض الذي يرأسه أيضا..هذه اللفتة من هذا الوزير تلفت الانتباه لموضوع الحوافز والمكافآت ورئاسة وعضوية اللجان ومجالس الادارات. وضرورة الالتفات لهذا الموضوع لا تحتمها فقط فرضية أنه من الممكن أن يكون نفاجا يتسلل منه الفساد، بل لأنه فعلا كان كذلك وكان من ثغرات استنزاف المال العام، وفي الصدد أذكر أن تقريرا سابقا من وزارة العمل كشف عن تجاوزات كبيرة و(هبر) مصلّح وقع على المال العام تحت بند الحوافز والمكافآت، ليس ذلك فحسب بل وعدم عدالة وخيار وفقوس حتى في توزيع هذا المال المهبور والمهدور، وهذا مما لا شك يعدّ تحدٍ من بين التحديات العديدة التي تواجه الحكومة الحالية.. لا أحد يغالط في أهمية التحفيز مادياً كان أو معنوياً حفزاً للعاملين وحثاً لهم على الاجادة والتجويد في العمل عملاً بمبدأ الثواب والعقاب، أن يثاب من يحسن ويجيد ويعاقب من يهمل ويقصّر، ولكن من الغلط المفضي إلى الفساد أن يترك أمر الحوافز هكذا (سداح مداح) تصرف بعشوائية وإنفلات وبلا ضوابط ناظمة ولا قواعد منظمة، وتمنح فقط بالمزاج للحاشية أو الشلة، فلا بد اذن للحوافز كي تكون عملاً إيجابياً تحقق الهدف منها لدفع العمل خطوات إلى الأمام وبث روح الحماس والاخلاص في العاملين للتنافس الشريف من أجل الاتقان والتجويد، لا بد من وجود آلية ونظام محكم ودقيق وعادل يُحتكم إليه عند تنفيذ مبدأ التحفيز، وإلا ستكون وبالاً على العمل والعاملين إذا أحسوا بالظلم وعدم العدالة في توزيعها..وليس بعيداً عن فوضى الحوافز والمكافآت وما يفوح منها من روائح فساد ومحاباة وعدم عدالة، هناك أيضاً إحتكار بعض الكبار لعضوية وربما رئاسة عدد من مجالس إدارات اللجان والشركات والبنوك والهيئات والتي يحلبون منها مبالغ ضخمة كحوافز ومكافآت، وقد عدد لي من قبل أحد العالمين ببواطن النظام المخلوع عشرة مناصب كان يشغلها شخص واحد، وفصلها حسب البيان أدناه، رئيس دائرة العلوم الطبية بالمركز الفلاني، وعضو مجلس ادارة البنك العلاني، وأمين عام الجمعية الفلتكانية،ورئيس نادي كذا التابع لجمعية كيت،ورئيس مجلس ادارة مجمع كذا،وعضو مجلس ادارة الجامعة الفلانية، ورئيس دائرة الثقافة والاعلام بالمجمع العلاني ورئيس الجمعية السودانية لكذا،ورئيس المنظمة السودانية لكيت،وخطيب وامام المسجد العلاني، فكم يا ترى مثل صاحبنا هذا من أصحاب العشرة صنايع في الوقت الذي لا يجد فيه الالاف المؤلفة من الخريجين والشباب فرصة عمل وحيدة وحتى ان وجدوها لاتسد الرمق.. حيدر المكاشفي بشفافية الجريدة الوسوم