ظلت لجان المقاومة بالأحياء ومنذ اندلاع ثورة ديسمبر، صمام أمان الثورة في جميع أحياء السودان في ظل غياب الأجهزة الأمنية والنظامية عن القيام بدورها في الرقابة واستتباب الامن وحماية المواطن، وحماية لدولة العدل والسلام والحرية. ونجحت في فرض هيبة الثورة وحماية الثوار، وقامت بدورها كاملا حتى الآن في الكثير من الأحياء في حسم ما تسمى باللجان الشعبية (احد اذرع النظام البائد). الا انه تلاحظ في الفترة الأخيرة ظهور اطنان من الشكاوى ضد هذه اللجان في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، الأمر الذي يشير إلى أن هناك ما يحاك بظلام ضد الثورة وحماتها. وتأكدت النية المبيتة من فلول النظام ومن شايعهم من خلال البيان الوافي الذي اصدرته لجان المقاومة بالعديد من مناطق العاصمة الخرطوم، والذي تحدث بلغة ثورية جاء فيه (تتعرض لجان المقاومة لحملة هجوم منسق ومنظم تتعدد فيها الاوجه والأدوات بغرض اضعافها وتشويه صورتها وتحييد دورها المقاوم تمهيدا لتصفيتها ، تارة بالاعتداء والترهيب الذي تعرض له عدد من أعضاء لجان المقاومة بالعاصمة والأقاليم .
وتارة بمحاولات الاختراق والتخريب وخلق الإشكالات الداخلية من اجل تعطيل خط عمل اللجان وشغلها بمعارك يومية تصرفها عن أهدافها وتعيق مسارها)
ولكن العين الساهرة ممثلة في شباب الثورة وثوارها تصدوا لكل هذه المحاولات اليائسة بقوة بعد خطوات من الرصد والمراقبة لأفراد بعينهم والجهات التي يتبعون لها في الاحياء المستهدفة ممن ثبت تورطهم في سيناريو تصفية اللجان وتشويه صورتها. ما يحدث حاليا امر مؤسف جدا ومزعج للغاية خاصة مع الاستخدام السيئ للوسائط ومواقع التواصل الاجتماعي التي اضحت ساحة للاقتتال الفكري واغتيال الشخصية وتصفية الخلافات السياسية والفكرية، ومساحة موحشة للكسب السياسي الرخيص لبعض الاحزاب الفاشلة.
الثورة التي أدخلت الفرح في نفوس ملايين السودانيين، قبل أشهر، يبدو أنها في طريقها لتكون (ثورة عابرة)، وليست ثورة تغيير كما ظن الجميع، فالاختلافات التي من المفترض انها طبيعية وصحية، وضح انها تفاعلت مع حالة الاحباط في الشارع السوداني بعد النجاح النسبي لمخطط الدولة العميقة في زعزعة الاستقرار بخلق الأزمات المتتالية خاصة أزمة المواصلات. وجاءت متزامنة مع مخطط مليشيا الدعم السريع في استقطاب رموز الثورة ولجان المقاومة الذي فشل حتى الآن بنسبة كبيرة جدا، ولكن الخوف كله من انكسار البعض وعودته من منتصف الطريق.
نعم هنالك العديد من الأخطاء صاحبت فترة ما بعد الثورة، وحتى مع بداية عمل الحكومة الانتقالية، ولكنها أخطاء يمكن معالجتها ان صفيت النوايا، وخلت من شوائب الغرض.
والحفاظ على مكتسبات الثورة ليس بالأمر السهل، نعم قد نشعر باليأس والاحباط احيانا، ويخيفنا البطء الشديد في خطوات تفكيك الدولة العميقة، وعدم التجاوب في بعض الأحيان من قبل المسئولين لما يطرحه المواطن من مشاكل مستفحلة، ولكن الحقيقة التي لا تقبل الجدال، هي أن ما تم من انجاز يستحق أن نعض عليه بالنواجز، والا فالثورة الثالثة قادمة لا محال، ولكنها ستكون باهظة التكلفة هذه المرة.
امنحوا لجان المقاومة ثقتكم وامنحوهم العون والرعاية وطوروا من آدائهم وتوعيتهم وابعدوا عنهم سموم التحزب والاستقطاب آلحزبي اللعين لينعموا بالبيئة الصالحة للعمل وينعم معها المواطن بالاستقرار الذي طال انتظاره.