ليس هنالك مبرر موضوعي للخلافات العلانية التى تنشب بين الحين والآخر بين مجلسي السيادة والوزراء، وان دل هذا على شئ إنما يدل على فشل المجلسين في قيادة وإدارة الفترة الانتقالية، وهذا الفشل ناتج عن عدم قدرة المجلسين على إدارة خلافاتهما بشكل واضح وصريح، الشئ الذي أدى إلى ان تسود ربكة وتعقيدات كبيرة في المشهد السياسي السوداني. وما تعانيه بلادنا اليوم من أزمات سياسية، إقتصادية وصحية على رأسها (الخبز، الوقود، الدواء ومجابهة كورونا) هو ليس بسبب انعدام الموارد اللازمة لسد الحاجة، وانما ناتجة عن سوء إدارة الدولة وفشل القائمين على أمرها في ترشيد واستخدام الموارد المتاحة، وافتقاد مكونات الحكومة الانتقالية إلى رؤية وبرنامج سياسي واضح وعدم وجود قيادة واعية وحكيمة، وبلادنا تحتاج إلى حكمة سياسية لإدارتها أكثر من الرؤية السياسية، وحيث أن من ضمن مكونات هذه الحكومة تيارات عديدة متصارعة داخل العسكريين أنفسهم وداخل المدنيين، وبين العسكريين والمدنيين لها أجندات خاصة وتعمل ضد مصالح الدولة واهداف الثورة السودانية، وأصبحت مكونات الحكومة الانتقالية مهتمة بخلافاتها والعمل ضد بعضها البعض أكثر من اهتمامها بقضايا المواطنين والتغيير في السودان، وعليه وفي سبيل وجود مكونات حكم غير متجانسة وغير متفقة ماذا نتوقع غير الفشل الذي لا شك انه سوف يؤدي إلى إجهاض الفترة الانتقالية ومن المؤكد نتوقع أن تتوالى العديد من الأزمات والمزيد من التعقيدات، وأعتقد أن غالبية الشعب السوداني يشعرون بالاسف الشديد حيال هذه الأوضاع الراهنة المتأزمة. ولا يستقيم الظل والعود أعوج فكيف لحكومة لا تستطيع أن تدير وتحل خلافاتها أن تتحدث عن حلول قضايا الشعب السوداني وأزمات البلاد، وأن الخلاف الأخير بين مجلس السيادة والوزراء حول تكوين مجلس شركاء الفترة الانتقالية والذي نصت عليها المادة (80) في الوثيقة الدستورية المعدلة يعكس بجلاء عجز الحكومة الانتقالية في حل خلافاتها والفشل في إدارة البلاد، كما أن تكوين مجلس شركاء الفترة الانتقالية لا يستحق كل هذه الزوبعة وقومة وقعدة البعض، وذلك لأن تكوينه جاء وفقاً للوثيقة الدستورية التي تمثل القانون الأعلى في البلاد، وبالتالي إذا كانت المادة (80) في الوثيقة الدستورية غير مضبوطة قانونياً ولم تبيٌن مهام وصلاحيات واضحة للمجلس ولم تسمي رئيس ونائب رئيس وأعضاء المجلس بصورة واضحة، هذا ليس خطأ الذين كونوا هذا المجلس وانما خطأ الذين اعدوا هذه المادة ووافقوا علي إجازتها، وغض النظر عن المادة (80) في الوثيقة الدستورية وبدلاً عن الجدال بين مجلس السيادة والوزراء في الفضاء العام عبر البيانات ووسائل الإعلام المختلفة حول العديد من القضايا كان من الممكن حلها بأسلوب حضاري يحفظ ود واحترام كل الأطراف، ولا سيما في موضوع تكوين مجلس شركاء الفترة الانتقالية الأخير، كان يمكن للسيد رئيس الوزراء طلب اجتماع مع السيد رئيس مجلس السيادة لمناقشة هذا الأمر الذي يخص قرار الأخير الصادر حول تكوين المجلس، أيضاً هنالك وسيلة آخرى لحل الخلافات بين السلطة ذات الطبيعة السيادية والتنفيذية، حيث ورد في الوثيقة الدستورية في الفصل السادس عشر الفقرة (ب) الآتي: "في حالة نشوء نزاع بين السلطة ذات الطبيعة السيادية والتنفيذية تكون المحكمة الدستورية هي المختصة بالبت في ذلك النزاع". على مجلسي السيادة والوزراء؛ وكافة مكونات الحكومة أن يعلموا أن بلادنا لا تحتمل مشاكساتهم التى تعمق التعقيدات وتزيد الأزمات وتؤدي إلى إطالة الحلول، وليس هنالك أحد يستطيع أن يخدعنا سواء إن كان داخل مكونات الحكومة الانتقالية أو خارجها، والحقيقة التى نؤمن بها وينكرها البعض هو أن مجلس الوزراء وحده لا يستطيع أن يعبر ببلادنا إلى بر الأمان، ومجلس السيادة كذلك، وقوى الحرية والتغيير كذلك، وقوى الكفاح المسلحة كذلك، وان بلادنا لا يمكن أن تعبر إلى بر الأمان ما لم يكون هنالك شراكة حقيقية مع كآفة الأطراف مدنيين وعسكريين وقوى الكفاح المسلحة واشراك جميع مكونات الثورة السودانية المجيدة من لجان المقاومة وأسر الشهداء والنساء والشباب والطلاب، وتبنى هذه الشراكة أساس المصالحة الشاملة وتقديم الأجندة الوطنية، وتقوم على الثقة والاحترام المتبادل والشفافية والنزاهة والتعاون المشترك بين جميع الأطراف، وإلا علينا وعلى بلادنا السلام.