المتابع للقاءات التي اجريت ، والتصريحات الإعلامية للقادمين للخرطوم في ركب السلام ، يؤكد أن كثيرا من المشتركات والقناعات ومعرفة الواقع السوداني بكل تعقيداته مستوعبة ومفهومة لأولئك القادة ،كما أن النوايا الحسنة تحدوهم لفك التعقيدات السياسية التي شابت المرحلة الأولى من الفترة الإنتقالية ، صناع السلام هي الصفة التي توشحوا بها بلا منازع ، طمأنوا الشارع بأنهم شركاء في النجاح المأمول ، وإرساء قواعد للعدل والمساواة في المستقبل ، كما أنهم لم يظهروا نوايا او دعوات لفدرالية أو كونفدرالية لمنطقة من المناطق ، التي قد تتصاعد منها رائحة التشظي والإنقسام في الوطن الذي عانى من غلو أبنائه من النخب السياسية منذ الإستقلال ، جاءوا يحملون هم المشاركة في وطن يسع الجميع بلا قبلية ولا مناطقية ولا إثنية ، رسموا صورة واضحة وخارطة للإصلاح في إتفاق السلام تشمل كل المناطق التي تأثرت بالتهميش والحرب وعانى أبناؤها الإقصاء تحت مظلة التسامح المجتمعي الشامل العريض وليس بمفهومه الضيق كما تتهم الدعوة لذلك والتي جعلت قاصرة على المصالحة مع الإسلاميين ، . المراقب يستشف أن صناع السلام ، على قناعة بأن السودان بموارده قادر على أن يكون دولة عظيمة ومتقدمة لا تحتاج للديون والقروض والمعونات ، فقط ، إدارة ناجحة للتنوع والموارد وفلسفة واضحة للتنافس السياسي بين الأحزاب السياسية وإن تختلف الوسائل وأن تتفق وتتطابق الغايات والأهداف في ظل قداسة الوطن الموحد القوي . دعوتهم لجناحي الحلو ومحمد نور للمشاركة في ركب السلام ، لم يربطوها بالخارج لا إحتواء ولا عمالة بل أكدوا أن هناك قضايا خلافية بين طرفي الحكومة وتلك الفصائل ، الأمل معقود لسماع صوت العقل وعدم تفويت الفرصة للمساهمة في البناء والسلام الوطني .لم يتم الخوض في الملف الشائك ملف فصل الدين عن الدولة وعلمانية الدولة إلا أن بعض الباحثين ومثقفي الإعلام قد أدلوا بدولهم في أن هذا الملف قد حسم في مفاوضات جوبا ولم يشر اليه في نصوص اتفاق جوبا ، تحدث القادمون وبإستفاضة عن مجلس شركاء الفترة الإنتقالية ، بأنه ضرورة أفضت به موافضات سلام جوبا كبوتقة سياسية للجميع ، لتصحيح مسارات الفترة الإنتقالية ووضع لبنات لمستقبل دولة ديمقراطية تتساوى فيها الحقوق وتتحقق من خلالها شعارات الثورة سلام ، حرية وعدالة ، أما الذين خرجوا عن مظلة قحت فإن قحت لم تعد حاضة سياسية للحكومة في مقبل الفترة الإنتقالية ، بل مثلها مثل الجبهة الثورية وأجنحة الكفاح المسلح ، كل منهما تدثره متطلبات المرحلة القادمة تحت رايات إئتلافية سياسية جديدة لتحقيق بنود السلام المستدام بلا إحتكار منبوذ ولا إقصاء مرفوض في ثوب جديد يدعى مجلس شركاء الفترةا الإنتقالية والذي أصبح واقعا لا مراء فيه ، حركة تحرير السودان / جاح مني أركو مناوي وحركة العدل والمساوة / جبريل ابراهيم والحركة الشعبية لتحرير السودان / مالك عقار وتجمع قوى تحرير السودان /الطاهر حجر وتحرير السودان ( المجلس الإنتقالي ) / الهادي إدريس وبقية الأجنحة المتحدة تحت التجمع الثوري ، أجمعت هذه القوى على أن يكون مجلس شركاء الفترة الاإنتقالية هو الوعاء الجامع لشركاء الحكم في الفترة الإنتقالية وعلى أن يكون هو الحاضنة السياسية لكافة القوى السياسية التي شاركت في الثورة والتغيير السياسي وبذلك تختفي من القاموس السياسي على الأقل في المشهد السياسي ، حركات الكفاح المسلح ، قحت بشكلها القديم والجبهة الثورية على أن يلتف الجميع حول مجلس شركاء الفترة الإنتقالية الى حين قيام المجلس التشريعي ، كما أن القادمون تفادوا الخوض في النقاط الخلافية أو تلك التي تؤدي لإنقسامات سياسية والوضع الراهن لا يحتمل أي إنقسامات وقال أحدهم ( جئنا لنتفق لا لنختلف ) . القضايا التي لم يفتي فيها بإسهاب شركاء السلام ، علمانية الدولة وفصل الدين عن الدولة نظاما للحكم ، العلاقة مع إسرائيل ، هواجس إزالة إسم السودان من قائمة الإرهاب وتعقيداتها في أروقة نظام مؤسسية الحكم الأمريكي ، البعثة الأممية القادمة ، الحرب في إقليم تقراي في أثيوبيا وتأثيراته على دول الجوار و لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو ، القضايا الخلافية والحساسة والتي قد تؤدي لشق الصف وإضعافه قد نإوا عنها قدر الإمكان ، حتى يتمهد الطريق لمصالحة مجتمعية وسياسية تكون قاعدة لإنفاذ مقررات اتفاقية جوبا ،