تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    تشكيل وزاري جديد في السودان ومشاورات لاختيار رئيس وزراء مدني    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فارس الزمن السمح … احمد المصطفى
نشر في الراكوبة يوم 06 - 01 - 2021

على ظهر الباخرة فشودة تواجد معنا اوربي قليل الكلام . كان اسمه مكتوبا على باب ،، القمرة ،، كالعادة ويتقدمه لقب دكتور . في الليل اتي بحار الى اساتذتنا الحبر والجيلاني ابو القاسم طالبا الترجمة عند الدكتورلانه يعاني من الم شديد في بطنه . وضح ان الدكتور لا دخل له بالطب بل هو دكتور جامعي في الانثربولجي بالرغم من صغر سنه . وكنا نشاهد هؤلاء الاوربيين المهذبين يأتون الى السودان للدراسة والتعرف بالناس وطرق الحياة . العالم كان منفتحا على السودان.
بعض هؤلاء الاوربيين تواجدوا في بلدة الرنك المركز السابع في اقصى شمال مديرية اعالي النيل . وبعد قضاء الفترة التي استمتعوا فيها بالترحيب الاهتمام الراحة الكاملة اجود الطعام ، غسيل وكى ملابسهم والسائق للعربة الفورد التي كان تحت تصرفهم ، طلبوا من الرجل الذي كان يقوم بخدمتهم طيلة المدة احضار صاحب الفندق لدفع الحساب . ضحك الرجل ضحكا مدويا لانه كان صاحب الفندق الذي لعشرات السنين يستقبل كل انواع البشر ولا توجد فيه فواتير او حسابات والبعض قد يكون نزيلا لسنين عديدة عندما يحضر لتجارة او متابعة العمل في مشاريعه الزراعية التي ازدهرت في الخمسينات الستينات والسبعينات الخ . انه الفارس احمد المصطفى الامدرماني من ود نوباوي طيب الله ثراه . وقد سارت بذكره الركبان ، ولم يوفيه هذا كل حقه . اعطاه الله بسطة في الجسم والرزق سخركل شئ لخدمة الآخرين.
تعامل معي احمد المصطفي بود واريحية طاغية كما يتعامل مع الجميع بحميمية غير مصدقة لايهمه العمر او المال والمنصب . الجميع عنده انداد واحباب . كان هذا في نهاية ابريل 1963وقد مررت على اخي كمال ابراهيم بدري وشقيقة امي آسيا خليل ابتر . كمال عديل والده . وبعدها ذهبت مع اخي مصطفي عبد العاطي ،، فقوق نقور جوك ،، طيب الله ثراه والذي يحمل اسمه ابني الفيلسوف فقوق نقور. ترافقنا في مدرسة ملكال الاميرية وفي الاحفاد الثانوية . والده كان عمدة جلهاك وشقيقه سلطان عموم قبائل شمال اعالي النيل يوسف نقور جوك له الرحمة والد السفير حسن ،، فقوق ،، الابن عمر ومحمد صالح تيمننا بمولانا محمد صالح عبد اللطيف وأخرين . ومسكنه كان في الرنك.
ذهبت مع كمال ابراهيم بدري مع الفجر الى الرنك بخصوص مساعد سائق ،،الناموسة ،، وهى الجرافة الضخمة التي تنظف الترع من الطمي المتراكم والنباتات . وكان السائق قد اهمل ودهس مساعده في مشروع بركة العجب خارج القيقر الذي كان يديره كمال ابراهيم بدري . وجدنا احمد المصطفى امام منزله في الميدان الفسيح وهو موقف للشاحنات والسيارات والحافلات . قال كمال ابراهيم بدري ضاحكا …. احمد المصطفى بيصطاد الناس في الصباح من الموقف . اذكر أن داره الضخمة تفتح شمالا وخلفها ،، الواك ،، او حظيرة البقر ، الماعز الخراف الدجاج والحمام مخازن المؤن التي تزود ذلك ،،الفندق ،، باحتياجات الضيوف . وكالعادة يكون في تلك المنازل الفنادق ملكات وهن من يحملن العبئ الاكبر في الادارة الاشراف ومتابعة العاملين . وبدونهن لما نجح المنزل السوداني مهما صغر او عظم شأنه. مديرة تلك المستعمرة كانت الملكة / عزيزة محمد احمد …. بت الزلال ، نسبة الى امها خالة احمد المصطفي طيب الله ثراه . يحكي أن احمد المصطفي قد استضاف كل البص من الموقف الى بيته . وفي تلك الفترة كان مفتش الرنك هو القاضي والاداري محمد صالح عبد اللطيف وكانت زوجته شقيقتي آمال ابراهيم بدري تسكن معه في الرنك وتربطهم صداقة فريدة جعلت ابن اختي يحمل اسم احمد المصطفي . وبعد ميلاد حنان ابنة أختي آمال ، رزق الفارس احمد المصطفى بابنة اطلق عليها اسم حنان التي يرد اسمها في الاغنية التي تغنيها الفنانة حرم النور.
تأثرا بالقصص وسيرة الفارس احمد المصطفى كتب الشاعر هيثم عباسقصيدة اخوي احمد . وهنالك فيديو جميل يمثل شاب يعود من غربة وتلقيه شقيقاته بصورة رائعة مع اغنية اخوي احمد ؟
ود امك وابوك تحراة وين المشكل
ان ضاقت عليك الدنيا وين ما تقبل
زوانا يا حنان وساعة بمهل
دركان البصيح فقدناه كيف ما يمهل
البشيل حمل القبيلة ما انفزر وما قال
لى تقيلة ما مشحود وشيلتي بشيلا
بوبيت ليهو ونمليتو اب رسوة
حنك اللواكة غير نار شن بسوي
الله اداك من فضلو واسع
ما كريب النقادة نضيف وناصع
خيرو سابق كفة الطرفة
العينة بالبتخمج والكل فيها راتع
كمال بدري الذي كان متطورا في الادارة قضي بعد تخرجه من االجامعة سنين عديدة في ادارة مشروع الجزيرة ، كان يكون علاقة حميمة مع الموظفين والمزارعين الخ . اخذ الموظفين والعمال في رحلة ترفيهية ونحن محملين بالطعام الماء وخروف كبير الحجم . وعندما توقفنا للتحية عند احمد المصطفى طيب الله ثراه ترك كل عمله واخذ معه مساعدا وبعض الطعام . وواصلنا رحلتنا على ظهر لوري ماجيروس وعربة صالون …. فولقا الروسية . ومعنا نائب المدير الاخ محمد الحسن ، موسى الصراف عبد الله الياس الباشكاتب فضل الله كبير الميكانيكيين اسماعيل المهندس كبس الجبة الزيات معتصم السواق الخاص والده ،، ابو قبورة ،، كان المخزنجي شاهين سواق المجروس، النجار دمعة الشوق وآخرين . الجميع كانوا في ضيافة الفارس احمد المصطفى .
عندما احس احمد المصطفى بتحرقي لممارسة الصيد اعطانا خمسة طلقات خرطوش . وهذا شئ غير مسبوق . فالجميع يعضون على الطلقات بالنواجذ ، ولا يفرطون فيها ابدا ابدا . الحكومة كانت تسمح فقط بمئة طلقة لكل حامل رخصة سلاح ناري في كل السنة . بندقية الخرطوش كان بروح واحدة او بروحين . واول مرة اشاهد خرطوشا بخمسة طلقات كان ملكا للفارس احمد المصطفى . لم اشاهد مثله في كل الجنوب الذي كان يحفل بكل انواع سلاح الصيد . شاهدته فقط في امريكا .
في شمال ملوط وبالقرب من مشاريع الخروع العملاقة انطلق غزال على ثلاثة ارجل بعد ان حطمت طلقة الخرطوش احدى ارجله . وعندما لحقته ركضا التفت الى وغرز قرنه على فخذي وشاهدت الرعب في عينيه . وبعدها كرهت استعمال السلاح الناري .
مع انتهاء برودة الصباح عدنا لقضاء اليوم الجميل في مزرعة الاناناس المشهورة والتي تعهدها احمد المصطفي بالعناية الفائقة . بيوتها كانت جميلة بطريقة مميزة . حجمها كان 120 فدانا او 48 انقاية او 24 حواشة أن لم تخني الذاكرة . الجنينة كان موضع حب احمد المصطفى حفلت بالمانجو الليمون الباباي القشطة القريب فروت الخ . كان يمر عليها قبل الذهاب الى حواشات القطن ، ثم الذهاب الى المشروع الكبير ،، وانتيب كما تخبرني كريمته الاخت / الابنة حنان احمد المصطفى ، لها الشكر .
من مشاريع الفارس احمد المصطفى مشارع الشرق منها المشاريع المطرية امثال قوز روم ومشروع الادهم لانتاج الذرة والسمسم وفي 1973 كان هنالك تكريما عندما فاز باعلى انتاج وحضر نميري التكريم وقلدة وشاح الانتاج في عيد الانتاج . وكانت تلك دلالة كبيرة لحالة الجنوب بعد السلام في السبعينات . والمؤلم ان كل هذه المشاريع قد دمرت خاصة بعد أن اتي المجرم صلاح كرار باهله من الرباطاب في بداية الانقاذ وانتزع عشرات الآلاف من الافدنة من اهلها بالرغم من اعتراض اخي السلطان يوسف نقور جوك الرجل المتدين الشهم .وسلمها لناس لم يعرفوا سوى زراعة الجروف في دار الرباطاب .
لو كان الشماليون مثل الفارس احمد المصطفي لتعلق الجنوبيون لدرجة الجنون بالوحدة . منزله كان مفتوحا دائما ويستضيف المتخاصمين والمتنازعين بسبب الرعى والتنافس على الارض الزراعية نسبة لعدم وجود حدود معروفة . وبما ان المنطقة تبدو كابهام داخل اراضي الشمال فكانت الهجرات من الشرق الى الغرب او العكس تسبب الكثير من التعديات والخلافات والتي كان دموية في بعض الاحيان . بالحنكة ، الكرم والحب المتبادل بين الجنوبيين والفارس أحمد المصطفي ترتفع اصوات المهللين والمرحبين بالسلام وعودة الود من منزل الفارس احمد المصطفي طيب الله ثراه في الرنك .
في تلك الفترة كان شمال اعالي النيل يعتبر سلة غذاء جنوب السودان . فبجانب المشاريع التي تروى بالمضخات العملاقة او الصغيرة . كانت الزراعة المطرية مزدهرة جدا كما في العدالة ، الطيارة ام دلوس الخ حيث تزرع الذرة و قوز فومي والاماكن شبه الرملية حيث يزرع الفول والسمسم . ساعد كل هذا في انعاش الاقتصاد . وكان امثال العم بشير النميري صديق الفارس احمد المصطفى وآخرون يأتون من جوبا لشراء الذرة والفول وينقلونها بالبواخر النيلية . اذكر كذلك العم بابكر نميري ومتجره الكبير في الجزء الشرقي من سوق ملكال . وهو والد زميل الدراسة والطفولة محمد نور بابكر نميري طيب الله ثراه . الجميع كانوا ينزلون كضيوف عند الفارس احمد المصطفى ،فبلدة الرنك كانت مركزا تلاقي وتواصل بين الجنوب والشمال . من الضيوف العم بوث ديو الذي كان يسكن في فنقاك مركز غرب النوير وجزيرة الزراف . تذكر حنان احمد المصطفى ابنته آمال التي كانت تصحبه في بعض الاحيان . فنقالك بلد اخي الحبيب رياك قاي ترت رفيق الطفولة والدراسة تأثرت به كثيرا ، وتعلمت منه الكثير . ومن سكن في ذلك المنزل كان الاستاذ محمود محمد طه عندما كان يمارس مهنته كمهندس مساحة . عمي عبد الرحيم الطيار مهندس المشاريع الزراعية ومسكنه في كوستي كان يحل ضيفا على الفارس احمد المصطفى.
العم يوسف مصطفى سلامة من اصحاب مشروع ابخدرة العملاق الذي يمتد لعشرات الكيلومترات . كان مثل الكثيرين يسكن عند الفارس احمد المصطفى عندما ياتي لزيارة المشروع . والملاك مجموعة من رجال اعمال امدرمان ، ملاك مشرع بركة العجب الذي كان رئيس مجلس ادارته الخال عبد الله ميرغني وشركاءه من تجار امدرمان وكان مدير بركة العجب كمال ابراهيم بدري الذي كان يكن كثيرا من الاعجاب والحب للفارس احمد المصطفى مثل زوجته آسيا خليل شقيقة والدتي التي تزور عزيزة بت الزلال صاحبة المنزل . المشروع كان 48 بوصة وهذا يعني آلاف المزارعين الموظفين العمال ، الزراعيين والموسميين الذين قد يأتون حتى من كردفان . ويماثلهما في الحجم الضخم مشروع جودة لآل ابي العلا الذي كان الجزء الكبير منه في النيل الابيض والبقية في اعالي النيل وتفصلهما قرية دبة الفخار الجنوبية . وفي جودة كانت المذبحة التي ذهبت بارواح 250 من المزارعين بواسطة العسكرفي 1956.
عندما مرض العم يوسف مصطفي سلامة شقيق السيدة مريم زوجة الرئيس الازهري ، ارسل الرئيس طائرة هيلوكوبتر قبل ايام من مأساة انقلاب مايو الى الرنك برفقة النظاسي الكبير النور عبد المجيد الذي كان علما على رأسه نار، شمل فضله الكثيرين في زمن كان الطبيب ورجل البوليس في خدمة الشعب وليس لحلب الشعب ، كما حدث في زمن الارهابي مامون حميدة وامثاله الذين لا يمتون بصلة لعالم الفارس احمد المصطفى وصفيه محمد صالح عبد اللطيف وقيع الله القاضي رئيس مجلس بلدي امدرمان ، والرجل الفاخر الاداري ومحافظ البحر الاحمرحامد على شاش والقاضي الذي شهد له البريطانيون بالكفاءة وسكن في الامتداد شارع 3 . هؤلاء الجهابزة والمئات كانوا اصدقاء الفارس أحمد المصطفى .
من القصص ، أن احد اصحاب المشاريع الصغيرة استدان من الفارس احمد المصطفي عشرين جنيها ، مثل الكثيرين . ثم انقطع عن زيارة المنزل لفترة واحس الفارس ان الرجل لابد أن يكون ،،متحسسا ،، بسبب عدم مقدرته على رد الدين . فذهب اليه الفارس احمد المصطفى حاملا عشرين جنيها اخرى . وافهمه بأنه يحس أن سبب انقطاعه هو ضيق ذات اليد والا لما انقطع عن زيارتهم . واعطاه العشرين جنيه الجديدة وقال له …. يمكنك أن تعيد كل المبلغ في الوقت الذي يناسبك ولكن لا تحرمنا من رؤيتك . الا يستحق هذا الفارس اغنية ،، اخوي احمد ،، للشاعر الرائع هيثم عباس والفنانة حرم النور، واكثر من هذا ؟
في الاسبوع الاول من سنة سباير 1975 ذهبت الى السودان بالرغم من انني كنت في القائمة السوداء التي وضعها الشيوعيون واصدر الامر رئيس الامن على صديق طيب الله ثراه وهو في زيارة براغ مع النميري .عندما شاركوا في جريمة انقلاب جمال عبد الناصر في مايو 1969. كان السبب زواج توأم الروح احمد عبدالله ،، بله ،، . وقابلت الفارس احمد المصطفى في مكتب صفيه وحبيبه محمد صالح عبد اللطيف . كنت قد احضرت آلاف الاطارات المستعملة من المانيا كأول سابقة ، ماكينات سيارات وقطع غيار على ظهر شاحنة بدفورد اشتريتها في السويد واخذتها الى المانيا عابرا الدنمارك . كنت استخدمها في جمع الاطارات من اماكن متفرقة والماكينات الى الميناء الخ . الشاحنة كانت في حالة جيدة جدا . ابدي الفارس احمد المصطفي رغبته في شراء الشاحنة . وقلت له عليه أن يتفق مع محمد صالح .
الشاحنة تركها محمد صالح عند احد اقرباءه وهو صاحب معصره . وكعادة السودانيين قام باستخدام الشاحنة لمدة سنة بدون اخبار محمد صالح . بعد فترة وصلني خطاب من محمد صالح عرفت منه أن الشاحنة في طريقها للرنك قد استهلكت كمية خيالية من الزيت وهذا يعني أن الماكينة ليست سليمة . اضطر السائق لارجاعا الى الخرطوم . طلبت من مولانا محمد صالح ارجاع المبلغ للفارس احمد المصطفى . الا انه رفض بتاتا . وطلبت من محمد صالح أن يتكفل بعمرة الماكينة . ومرة اخرى يرفض الفارس احمد المصطفى قائلا ….. شوقي في بداية الطريق بدل نساعدو نقوم نحبطو؟ شوقي ما غلطان الزول الكان بيستعمل اللوري بدون اذن سيدوهو الغلطان .
عندما كتبت عن الفارس احمد المصطفى قبل عقدين من الزمان كنت مدفوعا بكرم اريحية الفارس احمد المصطفى . وتأثرت في معاملتي التجارية الطويلة بروح الفارس احمد المصطفى . كنت اشاهد وجهه الودود ، ابتسامته العذبة وترحيبه الصادق بكل انسان مهما كبر او صغر شأنه عمره او منصبه .
عندما كان الصادق المهدي في طريقة الى الرنك كان من المفروض ان يسكن عند الفارس احمد المصطفى كعادة المسؤولين وابسط الناس . طلب الفارس من احد رعاة الشاة والخراف أن يبيعه ،،خروف نقاوة ،، لمأدبة الصادق . وبما أن اهل بحر ابيض اغلبهم من الأنصار ، فاختار الراعي خير خرافه ثم تبرع بخروف آخر للمأدبة . هذا الراعي كان يترد الى محلات الفارس احمد المصطفى تحت يافطة ،، بانادر ،، كما كان احبابه ينادونه نسبة لابنه نادر . كرم الراعي ترك اثرا على الفارس احمد المصطفى . ولا يعرف قدر الكرام الا الكرام . تحدد مرتب كل نهاية الشهر للراعي الكريم !!
بجانب الزراعة التجارة كان الفارس احمد المصطفى مقاولا . تمتع بسمعة رائعة . قام ببناء الكثير من المباني في الرنك . وهو من انشأ مدرسة الرنك الثانويى للبنات والى بداية الستينات لم يكن في الرنك مدرسة وسطى حتى للاولاد . وحملت تلك االمدرسة اسم مدرسة اديس اببا تيمنا باتفاقية السلام التي وقعت في اديس اببا .
المقاولات تعلمها الفارس احمد المصطفى من خيلانه آل جاه الرسول عبد الله وهؤلاء رجال يشار اليهم بالبنان في امدرمان وكل السودان تمتعوا على عكس بعض المقاولين بسيرة نظيفة رحم الله الميتين والحيين منهم . قد تكون شهادتنا فيهم مجروعة ونحن من اصهارهم وهم نعم الاصهار . وهم بدورهم اصهار احمد داؤود وحسن داؤود . واحمد داؤود شخصية يعرفها كل اهل امدرمان فهو اول سوداني يمتلك صيدلية وهى صيدلية امدرمان في ركن الجامع الكبير وكان شريكا للبروفسر ابراهيم قاسم مخير اول عميد لكلية الصيدلة في السودان . لقد ذكرت احمد داؤود في كتاب حكاوي امدرمان وفي الكثير من مواضيعي .
تعرفت بالاخ عبد القادر كابوا عندما كان ملئ السمع والعين كرجل اعمال من طراز فريد فهو خريج تجارة وليس رجل اعمال ،، خلا ،، تعلمت منه بعض الاشياء واستعين به في الحصول على بعض المعلموات واجدها دائما حاضرة عنده . تعجبني معقوليته وانه انسان عملي ودغري . لحقت به زوجته حنان احمد المصطفى بعد أن فتكت الانقاذ بكل رجل اعمال شريف يمكن ان يكون حجر عثرة في طريقهم .
بدأ ت الاسرة من الصفر واليوم حالهم بخير والحمد لله.
وقد انضم اليهما الابناء المعز ومنتصر احفاد الفارس احمد المصطفى في عالم التجارة . يقولون الدهب كان راح ميزانو ما بيروح . استضافتنا العائلة في هولندة ومعي اربعة من الاولاد مع امهم السودانية . واحسسنا باننا في منزلنا . ترددت على منزلهم كثيرا وكنت احس بالراحة الكاملة . انه كرم الاخ عبد القادر كابو وروح الفارس احمد المصطفى . كنت لا اشبع عيني من النظر الى الابن منتصر . سبحان الله كان له جسم جده الفارس احمد المصطفى اكتافه العريضة قامته طريقتة الهدوء مشيته وحركته . ما شاء الله . المعز الذي كان يستمتع باغاظتى في مجادلاتنا السياسية . رجل هميم اخذني متطوعا في رحلات طويلة في هولندة بدون تأفف او تصنع . وهو اليوم والد الطفل مازن ابن حفيد الفارس احمد المصطفى .
من الصعب أن يسعد الناس بالضيوف بدون ان يحسوا ببعض المضايقة في ظروف اوربا . ولكن في منزل احفاد الفارس احمد المصطفى ووالدهم الاخ كابو كنت اجبر على اطالة الاقامة . وفي احدى المرات اختفت شنطتي حتى لا اسافر . والابن االمعز يقول ياعم شوقي لاحق شنو خليك معانا شوية . انها روح الزمن السمح .
في مايو 1975 انتقل الفارس احمد المصطفى الى جوار ربه في امدرمان . وبعد أن اكملت زوجته عدتها كانت تريد أن تزور قبره للترحم عليه وتلقى العزاء من الاهل والاصدقاء ، وما اكثرهم . ولكن كان ذلك في سبتمبر وهذا ما يعرف في وسط السودان بالعوا والسماك آخر منازل المطر . ولكن في الجنوب وخاصة اعالي النيل يمتد المطر الى نهاية اكتوبر وربما بداية نوفمبر ,لا توجد مواصلات برية بسبب الامطار . قررت شركة الرش الاوربية وضع احدى طائرتيهما تحت خدمة الاسرة . في فترة وجود الطيارين في الرنك كان منزل الفارس احمد المصطفي الحاضنة التي انستهم الغربة واختلاف البيئة . وكانوا زوارا دائمين . وعندما احس الاوربيون ان طائرة واحدة لا تكفي ارسلوا الطائرة الثانية وتوقف عملهم . قال البعض …… احمد المصطفى علم الخواجات الكرم .
رحم الله الفارس احمد المصطفى .
الفارس احمد المصطفىالفارس احمد المصطفى
فيديو واغنية اخوي احمد
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.