يقع السودان في دائرة الصراع الاستراتيجى بحكم الموقع الجغرافى الممتلء بالموارد الوافرة والقيمة وتمثل هذه الموارد اسباب لتكامل العوامل المسببة للتهديد على مستوى الامن القومى ، وتلعب فى ذلك اجهزة الرصد التقني والمخابرات الدور الرئيس في عملية إعاقة تقدم الدولة من خلال تشتيت الجهود وتغذية المكاسب الشخصية على حساب المكاسب الوطنية عبر إستخدام التحليل النفسى للسكان ، ويظهر هذا التحليل ضعف إرتباط الانسان فى السودان بالمكون الوطني وبالتالي يشير الى تراجع قوة البناء الاستراتيجي للقوة الاجتماعية. تتأثر القوة الاجتماعية في الدولة بعملية التبديل للافكار من حيث المسألة المتعلقة بالاستقلال المادي للدولة والبناء الاجتماعي الوطني للامة وهو ما يعمل على التركيذ في ركن السكان المتفاعل مع السلطة في ادارة الدولة، وتظل خطيئة انعدام البناء الوطنى للامة تلازم الدولة في الامتدادات الزمنية عبر مسار الدولة السياسى دون ان تنتبه النخب الى تأثيرات البناء الوطني للامة مما يؤدي الى تآكل وظيفة الدولة من حيث المنظومة الامنية فتتشكل وفقاً لحالات النخب الجغرافية فكرة العداء للدولة من خلال المجتمع ويظهر اعتراض ركن السكان بالتفاعل السلبى على السطلة ويتم ترحيل القضايا الوطنية ذات الابعاد الاستراتيجية الى عواصم دول اخرى لادارة الاختلاف الداخلي بين السكان والسلطة من خلال عملية السلام الافتراضية والتي تأسست على فكرة الحرب الاستخباراتية في إقليم الدولة على اساس المظالم المتراكمة والاصل في ذلك هو سؤ الادارة المرتبط بالانغلاق الذهني في تمديد عناصر الفكرة الوطنية البديلة لللاستعمار في بناء الدول والامة. ينعكس اثر البعد الاجتماعي للدولة في تنامي الاطماع الخارجية المتحركة عبر الاجندة الداخلية في سياق الحرب والسلام والصراع عبر المكونات الاجتماعية في تغذية النعرات القبلية عبر التركيز على الأخطاء في الممارسة السياسية مما يسهل من عملية ابعاد ركن السكان من مستوى الامان الوطني وبالتالي الامن القومي للدولة، ويحدث ذلك وسط ذهول القوة الاجتماعية وتعدد مراكز القوة العسكرية خارج مؤسسات الدولة الامر الذي ينهي وجود الركن الثاني للدولة وهى السلطة متمثلة في القانون والاحتكام اليه، والمتتبع لمسار الدولة في السودان يجد ان عامل التفاعل بين ركن السكان في الدولة والسلطة في مجال الاقليم قد انتجوا نظاماً داخلياً يحمل في طياته كافة مقومات تهديد الامن القومي للدولة مما يؤدي الى ان يصبح النظام السياسي للدولة من اكبر مهددات الامن القومي للسودان. ينتج النظام السياسي في حالة التهديد مجموعة من التقديرات السياسية الخاطئة تساهم في تفكيك التماسك الداخلي للوحدات الاجتماعية وتنشأ نتيجية لذلك مجموعة من الاجسام المطلبية المستقوية بعناصر الدفع الخارجى مما يساعد في تكثيف الوجود الخارجي والانشطة الاستخبارتية بدافع التأخير نحو إيجاد الحلول وذلك لتدعيم القيود الخارجية وجعلها من الاسباب الجزرية لاعادة انتاج الدولة وفقاً لمصالح الآخرين وبالتالي تصبح الدولة في مسار الادارة الخارجية للشئون الداخلية والاقليم. إن مخاطر انعدام التوافق الوطني للسكان يقع ضمن فرضية القوة الاجتماعية ذات الصلاحية الممتدة زمانياً لادارة الاقليم وفقاً لمجال الدولة الحيوي من الداخل، إلا ان التثبيت في دائرة الصراع السياسي يشغل الامة عن بناء الدولة وبالتالي تصبح الدولة بلا مقدرة ذاتية في ادارة الموارد وتحسين عوامل الفرص الخارجية لامتداد الدولة حسب وزن الموارد الداخلية وهي من القياسات العالمية فى المسألة الاقتصادية التي يعاني منها السودان رقم الموارد المتاحة له لتحقيق ذلك. واستناداً على موقف السودان الداخلي القائم على الموارد والمشحون بالتحديات السياسية والاجماع الوطني يمكن قراءة مؤشر الفرص من خلال التدافع الدولي والاقليمي على السودان ويظهر ذلك جلياً في رفع درجة التشابك الاستراتيجي للمصالح الداخلية للسودان والمشتركة بفعل منطق الجغرافيا السياسية والاستراتيجية مع مجموعة الدول الداعمة لعملية التغيير في السودان (الولاياتالمتحدةالامريكية واسرائيل) بالاضافة الى دول الصراع على منطق النفوذ (روسيا والصين) وكذلك دول محور الادوار الوظيفية (السعودية والامارات) ويساهم هذا التدافع في فرض درجة الامان السياسي باعتبار ان مطلوبات التعامل الدولي مع هذه الدول لا يتأتى إلا عبر منظومة الدولة ذات المقدرات الاستثنائية في ادارة المتغيرات وسيظهر هذا التدافع في المجال الاقتصادي للسودان من حيث الموارد مما يمكن الدولة من بعض العمليات التنموية في مجال البنى التحتية والقطاع المصرفي وكذلك النقل البري والجوي والبحري وهو ما يدعم اتجاه القبول للحكومة الانتقالية بالرقم من ضعف الاسناد السياسي الداخلي لها. وتظل تحديات ما بعد الاستقلال قائمة ومتجددة وممتدة إذ انها مرتبطة بمبدأ البناء الاممي وهو ما يمكن ان يكون من المعطيات المرنة في ظل ما هو متاح من الفرص في المجال الحيوي للدولة، لذلك لابد من عملية بناء متكاملة تشمل تغيير النسق الفلسفي للمكون الثقافي والبيئي وإجراء بعض الاصلاحات في مجال التعليم حتى تتمكن الأمة من توحيد مسارها في القضايا الوطنية وتأمين مسار الدولة بالمفهوم الوطني القائم على انتاج نظام لادارة الدولة لا يتأثر بحالة الصراع السياسي ويمنع تقاطع المصالح والصلاحيات والسلطات ويحفظ حقوق المواطن على مستوى البنية القانونية للدولة وكذلك يساهم في اغلاق المنافذ الخاصة بالتدخلات الخارجية والاختراق الاستخباراتي. إن المسئولية الوطنية تقتضي التعامل مع الدولة من قبل السكان على اساس التفاعل الايجابي مع السلطة لحماية الارض وبذلك تكون اركان الدولة في درجة الامان المانع للانزلاق نحو هاوية الحروب والتسويات السياسية المشوهة للدولة، ويظل نظام ادارة الدولة هو الحاكم لعملية التغيير السلمي للسلطة والمسؤول عن تأمين مصالح الاجيال القادمة عن طريق حفظ حقوقها في الموارد وكذلك الاحسان في عملية الاصلاح عبر منظومة القيم الدافعة لبناء الدولة من الكلية الاجتماعية. ومع كل ذلك تظل مسألة الصراع الاستراتيجي على السودان ناشئة عن مطامع الآخرين نحو فرص السودان مما يتطلب أعلى درجات الدقة في التحليل والتخطيط والتفاوض في ادارة الفرص عبر مصالح الآخرين وتشبيك هذه المصالح بامتدادات زمنية تزيد من معدل قوة الدولة في النسق السياسي والاقتصادي لتحقيق درجة الكفاءة الذاتية لادارة الاقليم وتصدير درجة الامان لمجال الدولة الحيوي في البيئة الخارجية. د. راشد محمد علي الشيخ استاذ العلاقات الدولية والامن القومى