يترى الهاجس المقيم، بوقوفي على لقطة للناشطة السودانية الأستاذة إيمان سيف الدين، تحمل لافتة فحواها تعريبا :" نعم، للديمقراطية في السودان ". وكحالة تعقيبية تحفيزية دافعة، يتعين علينا أن نقر، أننا لن نبتسر معلومة، ونجأر بالقول، إن الديقراطية ليست مفتاحا سحريا، كما لا تمثل حلا بذاتها، ولكنها الأداة / الشرط الذي يؤهلنا مواجهة المشاكل الحقيقية مباشرة، رؤيتها بوضوح، ومن ثم فهمها، تناولها، توطئة للوصول إلى حسم منهجي . إن توخينا المظهر العملي التطبيقي، تبقى الأداة / الشرط وسيلتنا إلى الولوج إلى عالم مغرب في التعقيد والتشابك، وبمعزل عنها سنقبع في متاهة تدور حول الأزمات، .. نتوهمها، .. نؤجلها، .. نحتال عليها، .. نراها عن بعد، ومستغرقين في سلسلة من التجارب والأوهام التي نفرضها على أنفسنا، أو يفرضها علينا الآخرون. إذن، الديقراطية الأداة / الشرط، هي الأس ليس للاستيعاب فحسب، بل للتعامل معها. وهي، أي الديمقراطية، بمقدار حضورها كممارسة يومية، وكقواعد وتقاليد، تضعنا في مواجهة مباشرة أمام المسؤولية المتوخاة، الإسهام في تطبيقيتها المنهجية، وتحمل نتائجها، محفزة إيانا مجتمعين، البحث عن حلول . كما أنها تترك الباب مواربا لمواصلة الاجتهاد، .. ألمراقبة، .. المراجعة، والتطوير، بحثا عن صيغ تنقيحية أفضل عبر الارتقاء بالحلول التي استحدثت سابقا، وبمعزل عن مبدأ التعرض الانتقائي " Selective Exposure ". وهكذا، تصبح الديقراطية شرط التطور ووسيلته في آن، وتصبح الأداة الأمينة، والممارسة ضمن مشاهد أخرى، للانتقال من المتردي إلى الأرقى، بوصفها النظرية لتلافي المجتمع للهزات أو الانقطاع، فضلا عن أنها الصيغة التي تفسح المجال أمام مشاركة القوى الحية، الفاعلة، والجديدة التي تضطلع بالمسؤولية التاريخية. هذا المكون الاستيعابي للديمقراطية، يجعلها الشرط الذي لا غنى عنه كمستهل للتغيير، والتداول الجاد والجديد، ويجعلها الوسط أو المناخ الحقيقي المعاش للتفاعل، تبادل الخبرات، والمشاركة، وبالتالي، القاسم المشترك بين القضايا المأزقية كافة. صحيح، أنها ليست حلا في ذاتها، ولكنها المفتاح لكل الحلول. عليه، فإنها ضرورة دون ان تذكر، وأساس دون يسمى . وعلى ضوء وجودها، أو عدم وجودها، تتحدد مظاهر عديدة، وتكتسب صحتها وجدارتها أو العكس، وبالتالي، قدرة المجتمع أو النظام على الاستمرار، .. التطور، .. أو الضمور .