بدلاً عن الإستسلام لأجندة الإستخبارات الخارجية والتماهي معها .. بعد مرور عام ونصف علي بدء الفترة الإنتقالية والشراكة بين القوي المدنية والعسكرية للحُكم وفقاً لأحكام وثيقة دستورية وفترة زمنية مُحددة تعقبها الإنتخابات في نهايتها للإنتقال الديمُقراطي الكامل والحُكم المدني .. وضح من خلال هذا العام ونصف أن النوايا لم تكن خالصة لإنتقال ديمقراطي حقيقي ، وليست هنالك أي سلاسة وتناغُم بين كل مكونات السُلطة .. فالإختلافات والتباينات والأجندة الخاصة موجودة داخل كل مكونات السُلطة .. ولغة التخوين موجودة بينهم والإقصاء و التحالفات الداخلية للوصول لأكبر قسمة للسُلطة كذلك .. و لا يوجد إتفاق علي طريقة وكيفية إدارة البلاد .. الكل يسعي للإنفراد بأجندته .. العسكرين في المجمل يريدون أن تكون لهم الكلمة العُليا .. ويعملون بأيديهم وأرجلهم ليس لخدمة وبناء الوطن ولكن يستنفذون كل طاقاتهم في تفشيل وتفتيت القوي المدنية وحكومة البلد والثورة .. والشواهد علي ذلك كثيرة ومعلومة لكل الشعب السوداني .. أما القوي المدنية وضح أن تحالفهم كان مبنياً فقط علي هدف إسقاط رأس النظام السابق علي وجه الدقة وليس كل النظام السابق بكلياته ، وإلا لكان قد إستمر تحالفهم وإتفاقهم وبشكل أقوي مما كان عليه قبل الثورة وأثناءها ، لسبب أن النظام السابق لم يذهب ويسقط بالكلية ولاتزال مؤسساته والكثير من سياساته وكوادره خاصة الأمنية والإقتصادية موجودة ومُتمكنة .. فما أن بدأت المرحلة الإنتقالية إلا وتشرزمت هذه القوي ودخلت في إتجاهات أُخري وتحالفات جديدة ليس لها علاقة بمسؤليتها أمام الشعب السوداني في إدارة المرحلة الإنتقالية ومهامها و إكمال مطلوبات الثورة وبناء البلد والمُضي في عملية التغيير .. وأصبح الشئ الوحيد الذي يتنادي له الجميع هو السُلطة ومواقعها .. بل حتي الوثيقة التي كان من المُفترض أنها هي التي تحكُم هذه المرحلة تم وضعها في (ثلاجة) تُشابه ثلاجة (الموتي) .. لا مجلس تشريعي وبرلمان .. لا مُفوضيات .. لا تعديلات قضائة ونيابية تنسجم والمرحلة .. لا حكومات محلية .. وحتي الولاة المدنيون تم الإتيان بهم بعد شد وجذب وخلافات .. ثم تبع كل ذلك تجميد و إنسحابات لقوي مؤثرة وتنصل عن المسؤولية التي أعطاهم لها الشعب وفوضهم عليها .. السِمة البارزة كانت عدم التعاون وإعلاء المصالح الحزبية و الأنا الشخصية علي مصالح الشعب والوطن .. في الجانب الآخر من المشهد ظلت كل قوي الثورة المُضادة وعلي رأسها أجهزة الإستخبارات للدول الأقليمية والدول ذات المصلحة في عدم إستقرار السودان ولا في إكتمال الإنتقال للديمُقراطية فيه تعمل بكل قوتها لأجل أهدافها ومصالحها .. مُستغلة في ذلك كل الوسائل من إستقطاب وإختراق وأموال .. شهدنا زيارات لقادة عسكريين ومدنيين وفي قمة السُلطة وبصفة مستمرة لدول كالأمارات ومصر والسعودية .. و من المُحزن أن تستمر الأدوار القذرة لأشخاص كصلاح قوش وطه الحسين كظل إستخباراتي لهذه الدول ووجودهم بها مُستغلين عدم وصول التفكيك الكامل لكل أجهزة النظام السابق الأمنية والعسكرية .. وأنتقل الصراع لداخل المنظومة الأمنية والعسكرية و ما خطابات ( حميدتي ) المتكررة في هذا الجانب والحديث عن المؤامرات والدسائس في إشارات مُبطنة لزملاء له داخل المكون العسكري وجيوب النظام السابق من ( الكيزان ) والإسلاميين وكل ذلك من خلفه طمعه كغيره من العسكرين في السُلطة والإنفراد بها وتمرير سياسات دول محور الامارات والسعودية ومصر الذي يدعم مصالحه في الأساس الداخلية وكراسي حُكمهم لشعوبهم ، وعلي رأس أولوياتهم في هذا عدم الإنتقال للديمُقراطية والمدنية ولا إستقرار السودان وتطوره إقتصادياً ونهوضه وإمتلاكه لقراره .. ويرتبط دعهمهم للأسف للسودان بالقدر الذي يُبقيهم فقط في المشهد ويُمرر شروطهم وسياستهم ، ولإن تركونا وشأننا وألتزموا حُسن الجوار والعلاقات والمصالح المُشتركة وعدم التدخل في شئوننا فهو قطعاً الأفضل لنا .. في الأخير نكتُب للتاريخ ولصالح الوطن وشعب السودان العظيم وثورته المجيدة .. إن لم يتنازل الجميع وأولهم القوي المدنية والحركات المُسلحة للأجندة الوطنية في السلام الشامل والديمُقراطية والمدنية والحُريات و رفع المُعاناة عن الشعب السوداني فلن يُكتب لهذه البلاد الإستقرار وما مات من أجله جميع الشهداء والشباب اليُفع والنساء ومن تعذبوا وتشردوا و من ضحوا بأرواحهم فداءً .. وإن لم تأتي أو تتنزل علي المكونات العسكرية خاصة الجيش الوطني و من تبقي من الشرفاء بداخله وبداخل كل المنظومة الأمنية وليس القادة فقط وكبار الضباط لمصلحة الوطن العُليا وتحقيق رغبة الشعب السوداني في الحرية والسلام والعدالة والمدنية والديمُقراطية والمساواة فلن يُكتب لهذا الوطن الهدوء والتقدم ، ولشعبه توقف مُعاناته التي إستطالت .. إفعلوا جميعكم هذا فالتاريخ لن يرحمكم والمسؤولية الوطنية تنتظركم وإمتحانها الأخير ..