من اراد الدين فعليه بالدنيا! ومن أراد الدنيا فعليه بالدين، ومن أرادهما جميعاً، فعليه بالعقل والعلم والتدبر والنظر، وتقبل كل رأي مخالف على أنه يعكس مستوى معين من الفهم، لا بد من وجوده لتكتمل الخلافة والاختلاف (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ۖ قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم ۖ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)! لا يقين قاطع لصدق قلب سمي قلباً لكثرة تقلبه، فالانسان "السوي" يغير مواقفه تبعاً لما يستجد له من معرفة! فلا تغتر كثيراً بموقفك فربما تغيره غداً. يقول تعالى (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ۖ وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي)! في ذلك إشارة واضحة لنا على أنه بإذنه تعالى يمكننا أن نخلق حاضراً أفضل من واقع الفقر والعوز والمرض، فالدين الذي لا يورث حياة كريمة لا حاجة للناس به! لماذا إذن نستهين بأنفسنا وقد حزنا "إمتياز" الاستخلاف في الأرض بقبولنا الأمانة، وقد تم تزويدنا "بالعُدة" المطلوبة وهي العقل! (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)…! كل شيء ممكن في هذا الوجود لمن يؤمن بالمشيئة. لذلك من يقول بعلوم دين وعلوم دنيا، إنما هو صاحب عقل "أبتر" ناقص وغير مكتمل! هنالك علم واحد يشمل الجميع! (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)، فالوجود والقرءان كلاهما من عند الله تعالى، والاختلاف يكون في العقل كضرورة "بحثية" ونتيجة طبيعية للتدبر، وليس "الكفر" كما يخوفوننا، فإذا وجدت تفاوت بين القرءان والوجود، فهذا أمرٌ طبيعي جداً، ودلالة على صحة عقلك، فما عليك إلا أن تبذل مزيداً من النظر والتفكر (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ، ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ)! يقول الفيلسوف الرباني أبو القاسم حاج حمد "القرءان هو الوعي المعادل موضوعياً للوجود"! بمعنى أن الوجود هو تجسيد للقرءان وبالتالي لن يكون هنالك تعارض بين الاثنين إلا فيما نعقل نحن! لا يخاف من عقله إلا من جهل ربه! ونحن أمة تخاف العقل!