فقط الحيطة العالية، أي السور، هي التي تخلق الجار الممتاز وإنفصال دارفور هو سلام وأمان لاهل دارفور في المقام الأول، وبقية السودان والمنطقة كلها، وبعدها يتوجب النظر في حال بقية الأقاليم .. الإنفصال لا يجب أن يعني عداوة وحرب وكراهية ولكنه يعني دولتان جارتان شقيقتان تعيشان في وئام وسلام وتساندان بعضهما البعض .. البيت الذي تسكنه أسرة واحدة أكثر أماناً وهدؤاً من ذلك الذي تسكنه أسر متعددة .. بالطبع ستكون جاراً طيباً أن كان جارك أيضاً طيباً كان من الطبيعي أن تسهب حركة العدل والمساواة في وصف وتصوير معاناة أهل في دارفور ولكن ليس من المعقول أن تسميها هولوكوست مماثل لمحارق اليهود من قبل أدولف هتلر، في ألمانيا النازية، وتطالب بتعويضات لأهل دارفور على غرار تعويضات اليهود .. ذلك ما ورد في ميثاق الحركة وأجندتها وهو ما أكده زعيمها، خليل إبراهيم، في لقاء مع تلفزيون قناة الجزيرة الفضائية في 16 يونيو 2008 م وأن حملهم للسلاح كان دافعه مناهضة العنصرية الواقعة عليهم .. ولذا دعوني أحدثكم عن العنصرية الحقيقة: أدولف هتلر رئيس الحزب النازي الألماني National Socialist German Workers Party عين مستشارا لألمانيا العام 1933 و سرعان ما أنشأ نظام حكم شمولي سمي بالرايخ الثالث، وفي العام 1935، ومن خلال البرلمان الألماني القومي، أجاز الحزب ما عرف بقوانين نورمبيرج (Nuremberg Laws) في مدينة نورمبيرج، و هي قوانين عنصرية تهدف إلي تحديد و تمييز من هو المستحق للجنسية الألمانية من الدرجة الأولى، وهو الإنسان الآري و يجب أن يكون أجداده الأربعة من العرق الآري ألماني الخالص .. والدا الأب ووالدا الأم .. أما البقية الباقية بما فيهم اليهود فهم أصحاب الوضعية الدونية في الدولة الألمانية حظيت قوانين نورمبيرج بقبول شعبي كبير بجانب الإجماع النيابي ورجوعاً لذلك النموذج كان يتوجب على حركة العدل والمساواة الانتظار حتى يجيز البرلمان السوداني قوانين مماثلة لقوانين نورمبيرج لتشرعن تأسيس حركتها ولتصبح المطالبة بتعويضات الهولوكوست النازية مقبولة وموضوعية .. وجب التنويه بأن مؤسس حركة العدل والمساواة، الدكتور خليل إبراهيم، كان أميرا من أمراء طالبان السودان، كما قالها بعظمة لسانه، في نفس اللقاء التلفزيوني، وأنه كان أميراً مسئولاً عن الحاج عطا المنان، والي ولاية غرب دارفور آنذاك .. وفي نفس اللقاء نوه خليل لأنهم ظلموا ظلما شديدا بعد العام 2003 و بذلك يؤكد علي رعونة العمل المسلح وأن الأوضاع في دارفور، ما قبل 2003، لم تكن تستحق كل تلك الدموية والتفلتات الأمنية وهي التي حولتها لتكون مرتعاً خصباً لعصابات النهب المسلح وجاذبة لبعضها القادم من دول الجوار .. للأسف الشديد كان الكتاب الإسود هو المرجعية الغبية لهذا المنطلق وأيضاً دعوني أحدثكم عن العنصرية الحقيقة، وفي أبشع صورها، وهي: في العام 1902 دعى الرئيس الأمريكي ثيودور روزافلت الزعيم الزنجي بووكر تي واشنطن (Booker T. Washington) لإجتماع في البيت الأبيض، و كانت هي المرة الأولى التي تطأ فيها قدم سوداء بساط ذلك البيت الأبيض الذي تتباهى به أمريكا كصرح و رمزا للحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة وكان قد مضى على إنشائه ما يفوق المائة عام .. وقتها كان بووكر واشنطن أول عميد لأول معهد للمعلمين السود والناطق الرسمي بتجمع منظمات السود، الآفروأمريكان .. طال زمن الاجتماع مما إضطر الرئيس روزافت لدعوة بووكر لمائدة العشاء .. قامت الدنيا ولم تعقد في مجتمعات البيض واعتبرت الصحف في الجنوب العنصري أن ما حدث كارثة قومية، وحتى صحف الشمال المعتدل، لم تنتقد، و لكنها لم تكن مؤيدة لتلك الدعوة .. تمادى الرئيس روزافلت وتجرأ بتعيين Dr. Crum في هيئة المواني البحرية في ولاية كارولاينا الجنوبية، والسيدة ميني كوكس رئيسة لمكاتب البريد في إنديانابولس، فهدد البيض بقتلهما وحتي الشرطة تنصلت عن حمايتهما .. ولذا يجب علي كل الفصائل المسلحة في دارفور أن تتوحد ثم تستعرض و بكل الأمانة الأوضاع وما كانت عليه دارفور قبل فتنة 2003 ومن ثم الإجابة على أسئلة منطقية تطرح نفسها و هي:- 1- ما الذي كان متاحا من إمكانيات، منذ الاستقلال و حتي 2003 فصرفت على الشمال وأحدثت فيه تنمية ما وحرمت منها دارفور؟ 2- ما الذي كان من الممكن إنجازه في دارفور و لم يتم إنجازه لأسباب عنصرية وبقصد التهميش؟ أي مشابهاً للحالة الأمريكية حيث البيض هم كل شيء والسود ليس لديهم أي شيء 3- هل حدث أن قامت ثورة شعبية أو إعلامية ضد تعيين أي وزير أو مسئول حكومي من دارفور أو الجنوب أو جبال النوبة في أي حقبة زمنية ما بعد الاستقلال وحتى اليوم؟ و هل كتبت أي من الصحف السودانية نطفة مما كتبته، The Memphis Scimitar، صحيفة ممفس سشميتر إحتجاجا وإمتعاضاً من دخول الزعيم الأسود للبيت الأبيض ودعوة العشاء الرئاسية؟ 4- هل حدث أن تجمهر الطلاب في أي من الجامعات أو المدارس في الشمال لمنع طلاب من دارفور أو الجنوب أو جبال النوبة من دخول قاعات الدراسة كما كان يحدث في أمريكا حتي وقت قريب؟ .. عن أي عنصرية تتحدثون وأهل الشمال النيلي يسكن بينهم كل عنصر أفريقي دون أي تمييز أو تحديد لمناطق سكنية مميزة كما عند أهل الغرب؟