أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    محمد وداعة يكتب: مصر .. لم تحتجز سفينة الاسلحة    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن الراهن الغنائي ومستقبله، ما تقوله نانسي عجاج ورؤياها..
نشر في الراكوبة يوم 04 - 04 - 2021


——————————
الحوار الكبير*.
فى الطريق إليها، وإلى الحوار.
(أيها الرفيق،
أن كنت تقصد بيتي..
فأحمل لي معك مصباحا
ونافذة،
كي أري صخب الشارع السعيد)…
– فروغ فرخزاد –
طلبى للحوار
قادنى إلى الضوء
(النجمة) قادتنى إلى القمر.
أتوه هائما فى الأغانى،
أغانيك
لأعثر علي
وأعثر عليك.
أسعى إليك
ولا أصادف فى دربى إليك سواك
غنية بالمودات
بالموسيقى والأغنيات
قريبة من القلب
سالمة من العماء،
سالمة فى النجاة.
ولى وردة من نعيم الغناء/
نعيمك…
تلك التى أسميتها (الجوهرة)،
تلك التى في غناك.
هكذا إذن، لم تكن مهمتى سهلة، أنا الذى اخترتها وسعيت إليها، بالتضرع حينا، وبالوعى حينا آخر. أخط الكلمات ، وأتأملها وهى تتخلق على الورق، على الأبيض، كلمات ظننتها محملة بفيوضات المعانى، لكننى سرعان ما أشرع فى محوها لتوها، ثم أعود لكتابة غيرها، أبدلها بأخرى أو اكتب جديدها، مرة تلو المرة. كم انكببت عليها، تلك الكتابة عنها، مرات تسعفنى المعانى بما يصلح للحب والنجاة، فأكتبها، فأضع المعنى وأسنده بالنص. والليالى حبالى، أطول من كل ما حولى، وكل ما هو حولى لا يؤازرنى، إلا القلب، قلبى ووعيي يقوياننى على مسعاى.
فى الفن، مثلما فى الحياة، كلما مشيت، وتقدمت تدخل ردهات المعرفة، ثم تحوزها. فى الحياة تعرف الناس، وفى الموسيقى والغناء تعرف الطبائع والمشاعر والمعانى وتحولات الليل والنهار، بالهبات والعطايا الجليلة التى تمنحنا لها الحياة، فى الناس، وأنت منهم وبينهم، تدرك المتاح وتراه وتتجاوزه، وفى الموسيقى تدرك السائد والمحظور فتكسرهما لتصعد إلى أعلى، وعليك أن لا تتوقف البته، فالحركة سر الحياة والتقدم والمستقبل الذى فى المسرات. هكذا، شرعت أمشى إليها، لاعرف (السر) الذى خلف هذا الملكوت الظليل لمشروعها الفنى. ماذا أريد أن أقول، هل سأصغى إليها ملء قلبى؟ أم أن رؤاي هى التى ستقودنى وتحدد مسعاى؟ قدماى دربتهما للإكتشاف والكشف، والمسافات إليها تقربنى من زمانها والمكان. لكأننى قارب وقدماى مجاديفه وصواريه وأشرعته. لاشك، أن ( نانسي ) معدودة فى النساء، لكنها فى الغناء، تسقط هذه الصفة لتكون مشروعا فى الغناء يطال المغنيات والمغنون، فالفارق هنا ينمحى بالكلية، ليبقى الغناء هو الغناء، وهو عندها، متعاليا، باسقا ومزهرا، لأجل الحياة، لأجل الوطن والشعب، ولأجل الإنسان.
ذلك المساء، الأربعاء 20 فبراير 2019م، برهبة ولوعة، صعدت إلى شقتها بضاحية الرياض م 21 بالخرطوم. قرينان، يبتكران لنا، دائما، الوقت والمكان: الضوء والظل. صحيح، يتقاطعان ويحنو أحدهما على الآخر. يمتزجان، حد تبدو الموسيقى والغناء فى حضرتهما غنيان شفيفان، مثل جناحى الملاك. وعلي أن أطرح عنى التخوم المعروفة لصلات الظل والضوء نحو شهوات الموسيقى والغناء، الخفية أعنى، ليلها، وليل منزلها نفسه، ليل يبتكر النهار، لنكون فى الضوء، الضوء الذى يضئ الحياة ويضئ الأغانى. بهرنى الضوء الذى خلقته نانسي ووزعتة فى ردهات منزلها. فى البهو الأنيق، حيث جلسنا ندير الحوار، كان الضوء والظلال والليل وروح الغناء، هم سادة المكان. الضوء عنفوان، لربما هو أمتحان الفنان فى مزاعمه فى الموسيقى والغناء، ففى الموسيقى ضوء، وفى الغناء ضوء، فى منزلها، أيضا، أضواء، تموسقها الظلال، ترى هل لديها، في قلبها ووعيها، روح الرسام أيضا؟
هى التى تضئ الآسئلة، لنحوز منها الاجابات.
هكذا، جلست إليها، وشرعت أسأل، لأعرف:
– الموسيقى، نعدها من جميع وجوهها، هي روح الأغنية، جوهرها الذى يضئ ويشع، ثم يبدأ يفيض على جسدها كله، أعنى كل أطرافها، ظاهرا ومرئيا بما هو يبدو وجها للآخر، وباطنا، هو الذى تخلق فى روح ووعى الفنان نفسه. هنا، بالضبط، ما أراه وأعده من الفيوضات التى تطلع، بجلال سيماءها، فى الناس، ويكون ما سوف يكون: الأغنية. إذن، كيف هى الموسيقى فى رؤية نانسي عجاج؟ حدثينا عنها.
* الموسيقى، بشكل عام، بالنسبة لى، هى الحياة، هى كل الأصوات من حولنا، هى اللغة الأولى. كلها، هى جزءا منا ومن الأغنية، لاشئ يصنعها، نحن نصنعها، نجعلها فى متناول وجداننا، والأغنية، لا تكون ولا نسمعها إلا حين ترتدى ثوب الموسيقى. ثم أن الموسيقى هى محاولة لترقية النص، نقص ما فى النص، أن وجد، تكمله الموسيقى والمغنى. حسب فهمى ووعيي، الموسيقى هى تعبير، وسيلتى للتعبير عن رؤاى للعالم.
– عن الصوت، فى بعض كتابتى عن وردى، كنت قد قلت:
(من أقصى أطراف بلادنا إلى طرفها الآخر؛ وسط سهولها وجبالها وأنهارها وغاباتها، يصادفك هذا الصوت العذب، الفريد العميق، الغامض كالماس. إنك تتعرف عليه بسرعة، وبحاسة ذوقٍ ذات حساسيةٍ عالية، فهو يدخل إلى أعماق النفس، نفسكَ أنت بالذات، ويدخل إلى سويداء الفؤاد، كالشهوة والنزوة والرعشة.
إنه يدخل فيك ليمتِلكك!.
في إحدى المناسبات الغنائية قال الفنان الأندلسي العظيم (مانويل توريز) لأحد المغنين: "إنك تمتلك الصوت، وتمتلك الأسلوب، ولكنك لن تنجح أبداً لأنك لم تمتلك (الدويندَى)". ويعني بالدويندَى روح الغناء الذي يسري في الأغنية كالعافية! وقد امتلك وردي ذلك الصوت والأسلوب والدويندَى معاً؛ في عروقه تجري دماء الثقافة ونضارتها وحيويتها ودفئها. إن في موهبته أصوات متعدّدة برَّاقة، سحرية وغامضة، فيها حساسية الروح وشفافيتها ورشاقتها؛ إنه السرُّ الذي يسكن ويلتحم في أصواته جميعها، إن في صوته كما قال جوته: (قوةٌ غامضةٌ يحسها كل فردٍ لكن لم يشرحها أيّ فيلسوف)! إن تلك القوة الملازمة للفنان هي سلوك، نضالٌ مستمرٌّ دافق، وليست هي، على أية حال، مفهوماً محدداً؛ إنه شكلٌ حقيقيٌّ في الحياة، في الدم والثقافة والفعل الخلاَّق. لهذا تراه، عندما يبدأ يغني، يحتشد بالحياة وعنفوانها وحيويتها، تعتمل في فورانٍ كالدوامة في داخله، وتطلع من خلال حنجرته تلك الأصوات العجائبية الفذة. لا، لا، تلك القوة الموحية العميقة ليست في الحنجرة، لكنها تطلع من خلالها؛ من خلالها وعبرها. نعم، هي قوى غامضة لا شك في ذلك أبداً، لكنها تنتمي للأرض والتربة والماء. ولهذا كله، فإنني أرى أنه من هنا، بالضبط، تكمن تلك الصلة العميقة التي تشتدُّ وتمتدُّ بين الفنان والأرض والوطن؛ علاقة تبادلية، ولكن على مستوى روحي عميق. إن بعضاً من جذور حياته ومعاشه اليومي مرتبطٌ بأوثق رباط بهذه القوى الروحية الغامضة في داخله).
إذن، يا نانسي، هل هى مزاوجة أم(حلول) بينهما، أعنى تلك العلاقة الحميمة المفترضة، فيما بين الفنان وروحه ووعيه، كيف تنظرى إليها؟
* دائما أزعم فأقول، أن الغناء/ الصوت، لا يطلع من الحنجرة، فهنالك أناس لديهم أصوات جميلة، لكنهم لم يبلغوا بها مراتب الغناء الجميل، ولم تنجح أعمالهم. الصوت عندى هو (خامة)، بالأحرى خاصية، مؤهلة للغناء، يصدر من القلب والوعى والوجدان. أنا حين أغنى، لا أتذكر حنجرتى ولا أعيرها اهتماما، يتحرك ذلك الغامض فى دواخلى ويحركنى لأغنى، وهو، ذلك الغامض، الذي يجعلنى، تلك اللحظة، رائية لوجهة المواءمة بين الصوت والموسيقى، تلك، هى، من الجواهر الحية للأغنية، فأحس، فى تلك الملازمة، رؤى الجديد فى بزوغه الخلاق.
– كنت أنا، منذ وقت مبكر قد رأيت، من ضمن ما رأيت، أن الأغنية، ليس بالطبع أى أغنية، هي (شكل) حقيقى فى الحياة، تجدينه في الدم والثقافة والفعل الخلاق. لهذا، أراك عندما تشرعى في الغناء تحتشدى، بكل كلك، بالحياة وعنفوانها وحيويتها، تعتمل وتشتغل فى دواخلك، فوران أشبه بالدوامة المتعالية تفعل فعلها في دواخلك، لكنها تطلع من خلال الحنجرة، يقولون، من خلالها وعبرها، نعم، هى كذلك، لكنها قوى غامضة لاشك في ذلك أبدا، لكنها، كما أردد دائما، تنتمى للأرض والتربة والماء. والحال كذلك، فأننى أرى أنه من هنا بالذات، تكمن تلك الصلة العميقة، التى تشتد وتمتد، بينك والأرض والوطن. علاقة تبادلية، لكن على مستوى روحى عميق. أن بعضا كثيرا من جذور حياتك ومعاشك اليومى، مرتبط بأوثق رباط بهذه القوى الروحية الغامضة في دواخلك. قولى لنا، إذن، رأيك الذي ترينه في هذا المنحي بالذات، في مشروعك الفني.
* لنتفق أولا، الغناء هو (غنا ) بس، وليس أداء صوتي فقط، أو هو، كما أراه، نتيجة عوامل كثيرة مختلفة لها علائقها بالإحساس والمشاعر والعواطف كلها. منذ بداياتى الأولى، وقد صرت خارج الوطن، بدأ عندي فراغ مليء بالتساؤلات وبالأمل، كنت دائما، أتشبث بالأرض والإنسان والأسرة، وهى كلها، تعد رهانى الأساس في حياتى. إذن، لا هى صوت بس ولا هى روابط فقط، مهما بدت عميقة وذات أثر، لكنها تفاعلات بحساسية عالية وباهرة، فيما بين هذه المكونات كلها.
– والحال كذلك، فأن على الفنان أن يخوض نضالا هنا، فنيا وبإبداع حقيقى، مع هذه القوى الحية، وعليه، لكى يكون كلى القدرة، أن يتخطى بها إشكاليات عديدة، معقدة وشديدة التنوع: مع الشعر والموسيقى والصور والألوان والألحان. ترى، كيف هو خطوك/ مشيك، في هذه الدروب الشائكة، لكنها العذبة ومزهرة؟
– الأداء، الأداء هو بعضا كثيرا من الجسد الحى للأغنية، لا، ليس رداء ولا هو كسوة حلوة، برغم حلاوته طبعا، لكنه هو من جواهرها الثمينة لاشك. ماذا فعلت باللحن والموسيقى، وهما في أيدى العازفين؟ أعرف حرصك على مهاراتهم ووعيهم وأذواقهم، لكن كيف هو تعاملك مع هذه (القدرات) وهى، على تباينها وتنوعها، تسعى لتكون حية، نابضة بالحياة وجالبة للدهشة والفرح والجدوى، فى جسد الأغنية. هل أنت راضية عن هذا الذى هم عليه، وإلى أى حد، أعنى الأداء الموسيقى الراهن لأغانيك؟
* الأداء فى الأغنية، يمكننى أن أقول، هو قائد المجموعة: الشاعر، الملحن والموسيقار. هذا لا يعنى أنه متجاوز للأطراف الآخرى للعمل. فرقتى، عموما، شغالة بنظرية(أقل قدر من الرعاية)، كل زول عنده مساحته. مثلا عازف الجيتار يمعن التفكير ويجود الأداء ليضع بصماته على الأغنية، على اللحن، لكن، في النهاية، (السايقو) الصوت وامكانياته وأهدافه. فى النهاية أيضا، نصنع اللحن وموسيقاه، ثم نجلس لنرى ما صنعناه، ونخضعه للتأمل وللدرس، من بعد، أتدخل أنا، لتجويد الشكل النهائى الذى ستخرج عليه الأغنية فى لحظة اكتمالها المفترض لدي أنا فى وعيي ونظرى الفنى بشأنها.
– للألحان لغة، والموسيقى كلمة يونانية، كانت تعنى الفنون جميعها، ثم لاحقا أصبحت تعنى الألحان ولغاتها. كيف ترينها الموسيقى وأنت تشتغلين على الأغنية؟
* غالبا ما أرى ما سوف يكون. قد يحصل، ودائما، ليس لأنى غير راضية عن وجهاتى تلك فى الأغنية. عندما أراها تلك الأداءات الموسيقية، أراها محتاجة لتكون فى التطور، بالأحرى، تحتمل التطوير. أنا مقتنعة بها فى وقتها ذاك بكل مكوناتها، لكن، لأن التغيير والتطوير هما سنة الحياة، هذه الإمكانيات أجدها متوفرة دائما بقدرات كثيرة وعميقة، وتحتمل هذا التطوير والتجديد الذى رأيته ممكنا، بل أكاد أقول مطلوبا أيضا، تلك هى وجهتى، أشتغل على كل ما يمكن أن يجعل الأغنية فى مستوى رؤيتى الجديدة. نعم، ممكن جدا أن أكون فى هذا السياق، دائما أنا حريصة، كل الحرص، أن أكون فى هذا السياق نفسه، في وجهة التجديد والتطوير للإرتقاء بالأغنية إلى براحات وأنساق جديدة ومبتكرة، أعنى، الحرص التام على استمرار حياة الأغنية في الحياة نفسها.
– الشعر والشعراء، أعنى دور المضامين الشعرية فى دورة حياة الأغنية، وإنتبه طبعا، للموسيقى، التى من تعاريفها، هى حب يبحث عن كلمة. كيف تنتقى كلمات وأشعار أغانيك، هل موضوعة الحب، فى شمولها، تكون متواجدة بقوة فى خاطرك وأنت تبحثين عن كلمات وشعر الأغنية؟
* الشعر والشعراء، محاولة البحث هنا مؤرقة وجميلة فى ذات الوقت. عندى ود ومحبة كبيرة لأسماء عريقة وموجودة بيننا، لكننى التزم بالمضمون أكثر من الأسماء. وهذا يقودنى إلى وجهة كيف أختار نصوص أغنياتى. هنا، لست أدعى قدرتى على الإختيار، لكننى مهتمة بالحب والخير والعطاء والتفانى والصدق، خذ مثلا:(الجواهو زى جواها)،(التقطنى ياصديقى فى الدروب المابتجيك)،(أنحنيت لي كل جرح/ لى وطن فوق المصاعب)،(سكتنا عن غمام مغادر) وغيرها، تجدها حالة حب كاملة تذخر بالقيم والمضامين الثرية، تلك الوجهات، أراها ايجابية وفي خدمة الأغنية.
– وأنت أمام الحشود الغفيرة، أمام جمهورك الكبير، وحدك، لكن فى دواخلك تحتشد الأغنية أيضا، تسعى لتطلع، فى رفقتك الأغنية بصحبة مؤازريها العظام. تلك الهنيهة الناهضة أمام الملأ. صفي لنا حالك ورؤاك، روحك ووعيك وجسدك، جميعهم، كيف هم تلك اللحظات التى هي شروق روحك وكل كلك؟
* عندما تكون أمام الحشود ولا تراها، يالتلك اللحظات المهيبة، صحيح إلى حد ما أكون وحيدة، ولكن، وياللمفارقة، تكون برفقتى حشود عظيمة: الصوت واللحن والأداء، فى تلازمهم واختلاطهم المثير، ومثلما ذكرت، هم يؤازروننى تلك اللحظة، لحظة الميلاد الحقيقى للأغنية، هل أقول تلك لحظات بهاء وروعة الميلاد، لربما.
– تحديث الأغنية، بالأحرى،(تطويرها) على قولك، هذه الاستمرارية فى التطوير، وفق مفهوم التجاوز، صعودا بها إلى أعلى ما فى مسارها، خططك، دعينا نسعد أن نرى بعض ملامحها كما تبدو فى رؤاك؟
* أفتكر ملامحها ستظهر، جلية بما يكفى لنراها، لو عايز مفاجأة، هذا شئ آخر. مهتمة جدا بالأربع اضلاع الأساسية، الضلع الرابع مهم جدا وهو الموسيقى. هى: الكلمة/ اللحن/ الأداء الصوتى للفنان/ الموسيقى. أنظر إليها كلها، بحب وعناية، فأجدها تعبر عن السودان، بكل ما فيه، ألوانه وإيقاعاته، شعوبا عديدة ووطن واحد، ومهد بالغ القيمة والثراء للتنوع والسلام. أنظر، بإهتمام كبير، للتحديث والتطور، بكل مفهوماته، للوجدان الرحب الرحيم للشعب السودانى، إحتفاء بكل مكوناتنا، يصل بنا، فى بحثنا عن تطور الأغنية السودانية، إلى السيرة والتم تم مثلا، حتما سيأتى ذلك النظر جليا ظاهرا، كما آآمل، فى القادم من أغنياتى، يشمل، على التأكيد، كل تنوع ثقافاتنا واختلافاتنا وتنوعها، فأمتنا ضاربة فى البعيد، فى جذور وعروق الأرض التى تلد، تحيا وتعيش، ونعيش فيها.
————————————-
# تنويه: أسئلتي معلمة ب علامة ( )، وأجاباتها معلمة
بعلامة ( * ).
* الكتابة مجتزأ من حوار مع نانسي، مضمن في مخطوطتنا
( كتاب نانسي )، الذي نسعي لطباعته ونشره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.