عامان مرا على سقوط النظام السابق بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير بثورة شعبية، وقد تحقق بعض ما سعت له الثورة ولم يتحقق الكثير، في وقت تقول فيه الحكومة الانتقالية التي تتقاسم السلطة مجبرة مع العسكريين؛ إنها تعمل من أجل تحقيق أهداف ومطالب الثورة التي لخصها السودانيون في الحرية والسلام والعدالة. ولما كانت لجان المقاومة قائداً للشارع أيام الثورة، فقد ظلت غير راضية عن سير الأمور، وتباينت آراؤها حول ما تم إنجازه وما لم يتحقق بعد. مرت قبل يومين الذكرى الثانية 11 أبريل 2019 لسقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير، بعد ثورة شعبية هادرة، واعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة، أجبر اللجنة الأمنية للبشير على عزله وتسلم السلطة، قبل أن تُجبرها الشوارع الثورية على مشاركة السلطة مع تحالف قوى الحرية والتغيير، ولم يرض الشارع بعد عن هذا التقاسم، بل ظل ينادي بإبعاد العسكريين من الحكم تماماً. يقول عضو لجان المقاومة بمنطقة أبو نعامة في ولاية سنار، أحمد عثمان، ل (مداميك): "يبدو أن الأمر صعب بعض الشيء، لكن لا شيء يسير كما ينبغي، فهناك فشل ذريع أصاب أول أهداف الحكومة الانتقالية، وهو إصلاح النظام الاقتصادي، وقد حدث تخبط في الخطى نحو تحرير العملة الذي تم دون أي سياسات مصاحبة تحكم سعر الصرف، واستمرار الهيكلة الاقتصادية التي ورثناها من النظام السابق، وكل صعوبات توفير النقد الأجنبي، واساءة استخدام مناصب الدولة الحساسة في عمليات المساومة، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على سوء العمل السياسي في البلاد". وأضاف أحمد أن عمليات الاعتقال وقمع المواكب عادت في عهد الثورة، وتكميم الأفواه باسم حرية التعبير، والغياب الواضح لكل الحقوق التي نصت عليها المواثيق الدولية، وتلك الشعارات التي رددها الثوار مراراً وتكراراً، وأضاف: "إذا نظر إلى ما ذكرناه آنفاً في ما يتعلق بمعاش الناس ومسألة تحقيق العدالة والحرية وأمن الناس، نقول إنه لم يتحقق أي شيء، والحصيلة صفر". من جانبها، قالت عضو لجان المقاومة بمنطقة أبو آدم في الخرطوم، نسيبة الوالي، إنها تشعر بالأسف على عدم تحقق أي شيء مما ظل الثوار ينادون به لتحقيق العدالة، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والأمنية، واعتبرت أن الحكومة الانتقالية غير قادرة على القيام بشيء، وكل شيء يبدأ بحماس ثوري ويتوقف بعد ذلك، وأضافت: "لا نعرف ما يدور داخل المؤسسات والتنظيمات من عراقيل". وأكدت نسيبة ل (مداميك) أنهم كثوار غير نادمين على أي يوم خرجوا فيه ضد النظام السابق، لأن سقوط البشير ونظامه كان أكبر هدف بالنسبة لهم كثوار، مبينة أن العراقيل تحدث الآن بواسطة الأفراد في المؤسسات الحكومية، ما يوضح أن سقوط البشير كان بداية لطريق طويل جداً، يحتاج لأن تكون روح الثورة أعظم مما كانت عليه. وأشارت إلى أنه على مستوى العمل؛ فقد تقدمت الحكومة في بعض الملفات، مثل رفع السودان من قائمة الدول الرعاية للإرهاب، والدخول في المنظومة المالية العالمية، مما سهل على السودان المعاملات البنكية، خصوصاً الشركات، مما جعل عملية التبادل التجاري أفضل، وتابعت: "هذا عمل إيجابي جاء بعد سقوط البشير، لكن التغييرات طفيفة، ولم تظهر لأنه لا يراها إلا الذين يعملون في هذا المجال، فالمواطن ينظر إلى الوضع الاقتصادي أولاً". بدوره؛ يرى عضو لجان المقاومة بمنطقة حلفا الجديدة، جعفر محمد، أن هناك أموراً تحققت من قبل حكومة الثورة في طريق بناء دولة المؤسسات، مبيناً أن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب يعتبر إنجازاً كبيراً، بالإضافة إلى الدخول في المنظومة المالية العالمية وتحقيق جزء كبير من السلام بدخول بعض حركات الكفاح المسلح، وعلى أمل دخول ما تبقى من أجل بناء الوطن سوياً. وأضاف جعفر، في حديثه ل (مداميك)، أنه لا يمكن القول إن الحكومة الانتقالية نجحت بشكل كامل، لأنها أخفقت في ملفات مهمة، وهي ملف الاقتصاد المرتبط بمعاش الناس، ولم تستطع الحكومة أن تحل كل ما يلمس قضايا الشعب، لهذا لا يمكن أن يحسب لها أي إنجاز، إلا بعد أن تلتفت للقضايا المتعلقة بصورة مباشرة بأوضاع الناس المعيشية.