التحول الديمقراطي والسياسة التشريعية تستلزمان إجراء إصلاحات جوهرية في سن القوانين وتعديلها والغائها مع ضرورة ايجاد مؤسسات وآليات عدلية تهدف لتطبيق حكم القانون من خلال إعمال مبدأ العدالة الانتقالية ومعايير وإجراءات العدالة القانونية السليمة والإصلاح القانوني في اتخاذ مجموعة من التدابير والمحاكمات والتشريعات التي تتلائم وتنسجم مع مهام الفترة الانتقالية والوثيقة الدستورية. ما يجب أن تكون عليه التشريعات والقوانين في مرحلة الانتقال:- – ارادة التشريع وسن التشريعات والقوانين ان تلبي طموح الشعب نحو التغيير والتطور والمواءمة. – ارادة التشريع يجب ان تكون بصورة جماعية وتوافقية تفضي لحوار اكثر نقاشا عبر المجلس التشريعي الانتقالي. – ارادة التشريع يجب ان تعبر عن اهداف الثورة والانسجام مع مقتضيات الوثيقة الدستورية. الانسجام التشريعي والمواءمة فى سن التشريعات والقوانين يمنعان التعارض والتقاطعات . سن التشريعات يحتاج لإجراءات قبلية ونقاش يحددان مدى جدوى التشريع و سلطات واختصاصات محددة. التقاطعات القانونية والتعارض بين الاختصاصات والسلطات من حيث الآليات والمهام والأهداف يعد مظهرا من مظاهر عدم الانسجام التشريعي الانتقالي فى سن تشريعات مهام الفترة الانتقالية. وجود كيانات وآليات ولجان تشترك فى ذات الاختصاص والأهداف يعد مظهرا من مظاهر غلو التشريع وعدم الانسجام التشريعي، كما يتجلى في تشريعات مفوضية محاربة الفساد وقانون لجنة ازالة التمكين واسترداد الأموال. يبقي السؤال عملية سن القوانين والغائها في ظل المرحلة الانتقالية تستوجب آلية تشريع محددة ؟ في تقديري وبناء على واقع الحال الممارس في إلغاء القوانين وسن قوانين وتشريعات قانونية جديدة أن الأمر لا يخرج عن امرين اساسيين:- الأول هو أن الوثيقة الدستورية جاءت لتنفيذ مهام محددة (مهام الفترة الانتقالية) وبناء على هذا الزعم أن واقع الحال بالنسبة للتشريعات لا يغير شيئا من حيث الموضوع أما من الناحية الشكلية قد يختلف نوعًا ما بنقل مهمة التشريع للمجلس التشريعي الانتقالي مع ان ذلك لايغير كثيرا باعتبار ان المجلس يشكل ويكون بالتعيين وفق الوثيقة الدستورية سيدة المهام الواجبة التنفيذ خلال المرحلة الانتقالية. الأمر الثاني: المجلس التشريعي الانتقالي معقود قيامه على تنفيذ تشريعات وقوانين مقيدة بتطبيق الوثيقة الدستورية ومهام الفترة الانتقالية والعمل على متابعة الرقابة التشريعية ومراقبة أجهزة الدولة . مما سبق نستنتج أمرين:- الاول: قيام المجلس التشريعي الانتقالي وتشكيله مرهون بالوثيقة الدستورية واتفاقيات السلام فى الإطار الدستوري والقانوني. الثاني: المجلس التشريعي الانتقالي بعد قيامه يعتبر إمتداد لتنفيذ وسن تشريعات مهام الفترة الانتقالية بالإضافة للرقابة على أعمال الجهات الحكومية التنفيذية وفق ماهو منصوص علية فى الوثيقة الدستورية. صلاحيات واختصاصات وسلطات المجلسين( السيادي والوزراء ) فى عملية سن التشريعات والقوانين المتعلقة بمهام الفترة الانتقالية فى ظل عدم تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي؟ المرحلة الانتقالية سياسيا وتشريعيا تعد مرحلة تتسم بطبيعة خاصة فى اطار اهداف محددة فى التغيير والتحول الديمقراطي والسياسة التشريعية ومهام الفترة الانتقالية، والعمل على سن التشريعات والقوانين المتعلقة بالمرحلة، إلا أن مقتضيات الظروف والأحوال والمستجدات تقتضي ممارسة سياسة تشريعية تهدف لخلق تشريعات وقوانين تتناسب مع عملية التحول الديمقراطي والعمل على خلق موازاتات تشريعية تراعي فيها توجه المجتمع ومعتقداته وأهداف الثورة فى الحرية والعدالة والسلام. حيث أن فن العدالة الانتقالية يقتضي الموازنة بين ضبط التشريعات وتحقيق المحاكمات فى ظل العدالة الانتقالية من ناحية ومراعاة توجهات المجتمع واستقراره من ناحية أخرى، إذا لا يتصور دستورا وعقلا الفصل فى قضايا ومسائل محل خلاف بمجرد سن تشريعات وعقد اتفاقيات دون أخذ موافقة واستصحاب إرادة الشعب عبر استفتائه، التشريعات الخاصة بمهام الفترة الانتقالية لاتعني الفصل فى القضايا المصيرية بقدر ما انها تشريعات مرحلية الهدف منها تسيير مهام الفترة الانتقالية وضمان تحقيق الانسجام والتناسب مع مقتضيات الوثيقة الدستورية وتحقيق العدالة الانتقالية وفق إجراءات قانونية سليمة تمنع التضارب والتقاطع والتعارض. الاعتراف بالعدالة الانتقالية والوثيقة الدستورية واتفاقيات السلام لايعني التفويض السياسي و القانوني الكامل إذ يتطلب الأمر فيما يخص القضايا المصيرية عقد المؤتمر الدستوري تمهيدا لوضع دستور دائم يحقق ارادة الشعب فى التشريع وسن القوانين. ختاما: هل التشريعات وسن القوانين من مهام الفترة الانتقالية؟ الاجابة نعم و لا نعم الوثيقة الدستورية فى المادة (8) البند (11) نصت على سن التشريعات المتعلقة بمهام الفترة الانتقالية. بالإضافة الى ضرورة ايجاد مؤسسات وآليات عدلية تهدف لتطبيق حكم القانون وتكوين وتشكيل المجلس التشريعي الانتقالي ليقوم بدوره فى عملية سن التشريعات والقوانين بشرعية اصيلة والعمل على الحد من التفويض القانوني المخول للمجلسين(السيادي والوزراء ) فى ممارسة سلطة التشريع بموجب الايلولة محددة القيد التي منحت لهم سدا للفراغ الدستوري إلى حين تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي، وفى هذا التزام ثوري وتطبيق للوثيقة الدستورية. 2021 تحياتي فائز بابكر كرار- مستشار قانوني