لم يعد التنافس في كرة القدم مقتصراً على إحراز البطولات والتتويج بالألقاب فحسب، بل تحول إلى سوق مالية قائمة بذاتها، مدارها الظفر بأضخم عقود الإعلانات واستقطاب شركات الرعاية فضلاً عن ترويج منتجات النادي التى تحمل إسمه وشعاره في شتى أنحاء العالم وهو ما نجحت في تحقيقه الأندية الأوربية والعربية وحتي الأفريقية وحصلت نظير ذلك على إيرادات كبيرة وأموال ضخمة. في السياق لم تعرف الفرق السودانية السبيل الامثل لإستغلال قمصان لاعبيها من أجل الإعلان والتسويق على غرار الأندية الكبري فى العالم، وفشل الهلال والمريخ في استثمار الشعبية الجماهيرية الكبيرة من أجل الحصول على الكثير من العوائد المادية فى ظل ارتفاع الصرف وتزايد الحاجة للمال بإعتباره إحدى ركائز صناعة الرياضة، وظلت كل الفرق في السودان تعتمد بشكل أساسي على الألوان كل بحسب شعار النادي. دوري غير جاذب يقول الجنرال حسن محمد صالح مدير العلاقات العامة بنادي الهلال ل (الراكوبة) أن ضعف الدوري السوداني من الناحية الفنية ساهم في عدم جذب الشركات للاستثمار في الأندية. وأضاف: المنافسات المحلية غير منتظمة كما أن هناك مشاكل فنية متعلقة بالنقل التلفزيوني لجهة أن الدوري غير مشاهد في الخارج فضلاً عن ضعف الحضور الجماهيري وهي أسباب مجتمعة قادت لعدم دخول شركات عالمية، وتابع : إدارات الأندية السودانية لا تستطيع فرض وصايا على الشركات التي تستثمر في الشعار لأن المعايير الدولية غير متوافرة في الدوري السوداني. يؤكد صالح أن الهلال والمريخ اتجها نحو التسويق والاعلان من كبريات الشركات وبداءت التجربة من شركة (أم تي إن) للاتصالات التى قامت برعاية الناديين بمبالغ مالية كبيرة مقابل الإعلان على قمصان اللاعبين خلال عام أو عامين فى المنافسات المحلية والأفريقية، ودخلت شركة سوداني على الخط وتبعتها سامسونج، لكن هذه التجارب لا تقارن بنجاحات الفرق العربية والعالمية. رؤية فنية يقول الفنان التشكيلي هيثم سليمان ل (الراكوبة) : معظم شعارات الأندية الحالية هي ليست ذات التي صممت عند التأسيس، فمعظمها مرت بتغييرات جذرية، فالشعار المصمم في خمسينيات القرن الماضي لم يكن مناسباً في الثمانينيات، وشعار التسعينيات قد لا يفي بمتطلبات العصر الحالي. ويضيف : أبرز متطلبات العصر الحالي هي أن يكون الشعار قابلاً للاستخدام الرقمي، سواء في مواقع الانترنت أو التطبيقات أو شبكات التواصل الإجتماعي، فالشعار اليوم لم يعد مجرد شعار يوضع على صدر قمصان اللاعبين وأعلام الجماهير، فهو أصبح يمثل هوية بصرية وعلامة تجارية للنادي. أهمية التسويق يقول أنور بابكر – متخصص في التسويق الرياضي ل (الراكوبة) : يجب أن تتجه إدارات الأندية السودانية نحو الاستثمار في شعارات الفرق بالطريقة المثلى وهو ما يضمن لها الحصول على إيرادات كبيرة تؤمن بها ميزانية تعين مجالس الإدارات على تسيير النشاط مع ضمان مشاركة أكبر عدد من القاعدة الجماهيرية المنتشرة في كل مدينة سودانية، وتابع : الدخول في مجال التسويق يشكل مصدر دخل ثابت كما تفعل الأندية ذات الجماهيرية الكبيرة بالاستفادة من قواعدها واستغلال علامتها التجارية في در الارباح. يشير أنور إلى أن جماهير الهلال والمريخ لا تقل كثافة أو حباً لناديها عن انصار الأهلى والزمالك أو الرجاء والترجي واتحاد جدة والنصر السعودي، وهي الأندية التي تصل شعارتها حتى السودان وتباع في المحلات المتخصصة في المعدات الرياضية. أرقام عالمية ظلت ماركات الملابس والتجهيزات الرياضية تعمل باستمرار على إبرام عقود خيالية مع الأندية لتسويق منتجاتها والرفع من أسهمها، ففي السنوات الأخيرة دخلت شركة "نايكي" الأميركية و"أديداس" الألمانية في سباق محموم لاستقطاب النوادي، وأبرمت "أديداس" عقداً فلكياً مع ريال مدريد لرعاية قميص الميرينغي حتى عام 2026 مقابل (140) مليون يورو سنوياً، في حين كشفت صحيفة "ماركا" المدريدية عن تجديد ذلك العقد حتى العام 2028 مقابل (1.1) مليار يورو وهو أعلى مبلغ رعاية في هذا النوع من العقود في تاريخ كرة القدم.