نور الدين بريمة قطعًا إنه لمن المحزن والمخزي حقًا، إنفطار أفئدتنا، وهي تصلي في شهر الصيام والقيام، زاكيةً لله رب الأنام، فكيف لها أن تُعمَى أعينها بالبكاء، وتُصكّ أذنيها هولًا وصعقًا بالعويل والصراخ، كيف لا؟!! ودواعي إنفطارنا، هي فِعالُ أنعامٍ بل هم أضلُّ وسآءَ سبيلًا!!، حيث إهتزّت بفِعَالهم الأرض بما رحُبت، فالإغتصاب، ما زاد قومي إلّا قُبحًا، وتفطّرًا للقلوب، ثمّ تقطّعًا للأوصال، وفاضت أفئدتنا- أنينًا وحزنًا- بيد أن فاجعة أمهاتنا وآبائنا، هي الأشد وأنكى، فالذي جعل السمآء بغير عمدٍ نراها، إنه لأمرٌ جلل وجَدُّ عظيم، أوقف شرايين الرحمة والمودّة، وجعلها في غاية من الأسى والألم، فلله درّكم يا من توضأتم بالقيم الفضيلة الإنسانية، وأنتم تتضرّعون غفرانًا وعطفًا!!. ووصلًا لما بدأنا في الحلقتين (1و2)، في زاويتنا دبنقا، التي تناولنا فيها الإغتصابات وفواجعها، ربما ينبري أحد الساقطين منهم أخلاقيًا، ليذكّرنا ببعض آيات القرآن، التي تشير إلى سماحة الأخلاق والسلوك الطيب، دون أن يدعو نفسه وجوغة مشروعه، إلى طريق الجادّة، وضبط النفس الأمّارة بالسوء، ودون إحقاقٍ للعدل، ومحاربةٍ للفساد، والأكثر غُربةً هنا أن بعضًا ممن يقومون بتعليم الناشئة وتربيتهم، في المدارس والخلاوي، نالوا نصيبهم من الإجرام، لنقول لهم: إن مهمة الدعوة إلى الفضيلة في أبسط معانيها هي: تحقيق القيم في النفس *أولًا*، وتأمين حياة الناس من الجوغة، وممن ينتمون إليها *ثانية*، ثم دعوة الناس إليها بالحسنى *ثالثًا*، فأنى لهم منها؟ لتأتي الإجابة مسرعة، تتجلى من خلال غياب الوازع الديني والروحي وسطهم، يتبعها غياب الوازع السلطاني، والذي نأمل بسطه من حكومة ثورتنا المجيدة، خاصة وأن الوازع الديني لم يردعهم، وعليه فلابد من تفعيل الوازع السلطاني، وتطبيق القوانين، وإيقاع أقسى العقوبات لهم، وليشهد عذابهم طائفة من الناس، وعطفًا عمّا سبق، فإن غالبية مَن يرتكبون جرائم الإغتصاب، هم مِن المتزوجين، وهو ما ينذر بحدوث كارثة، تستدعي تحريك ساكننا الداخلي، والعمل سويةً لإجتثاثها بأعجل ما يكون، لأنه وبمثلما ذكرنا آنفا، فإن الظاهرة تحولت إلى حالة مرضية، تتطلب المعالجة والتوعية المجتمعية المستمرة- لا السلطانية- الغائبة، لأنها صارت مُهدّدة للمجتمع، ومُفكّكة لقيمه وسلوكه. وللعمل بجدٍّ على محاربتها، نرجوا من مؤسسات المجتمع المختلفة، القيام بالتوعية، ولا يعني- غياب سلطة الدولة- هو غياب لسلطة المجتمع، التي من المهم جدًا، أن تضع حدًّا نهائيًّا لها، من خلال: أولًا ، عدم إرسال الأطفال إلى المتاجر والأفران، وغيرها من مواقع طلب الخدمة، التي باتت تشكل هاجسًا أمنيًا لهم، وإذا دعت الضرورة لإرسالهم، فثانيًا، لا ترسلوا أحدًا منهم بمفرده. وثالثًا، لابد من توعية الأطفال بمخاطرها، وكيفية تجنبها، مع ضرورة وضع الإعتبار لعامل السن العمري، خلال القيام بالتوعية. *ورابعًا*، ينبغي تحذير الأطفال من عدم الإستجابة، لمن يطلب التقرّب إليهم. *أما خامسًا*، فمن المهم إختيار الأوقات المناسبة للمراسيل، وعدم إختيار الساعات التي تخلوا فيها الشوارع من المارة. *وسادسًا*، من الضرورة بمكان على شباب الأحياء التحلي بالأخلاق، والعمل على مراقبة الأماكن المشبوهه، وعلى منظمات المجتمع المدني، *سابعًا*، القيام بالورش والسمنارات التوعوية، والحديث عن خطورة الظاهرة ومآلاتها وآثارها السالبة، وما هية طرق المعالجة، وفضلًا عمّا سبق، *فثامنًا*، ندعو إخوتنا العاملين والمهتمين بالشأن القانوني، الدفع بهذه القضايا نحو تحقيق العدالة الناجزة، ولا ننسى كذلك، *تاسعًا*، أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه الصحافة وما تقوم به وسائل الإعلام الأخرى، في التوعية وخلق الرأي العام للتعجيل بالحل، وأعتقد أنه ليس بأقل أهمية مما سبق، فلا تجعلوا، *عاشرًا*، في تربيتكم من الولد عظيمًا يُبجّل، ومن البنت عارًا تُنتهك، وادعوا لهما بالرعاية والصلاح، وتذكروا *أخيرًا*، أنه عندما يبشّر أحدكم بمولود، ويُسأل عن نوعه، فإن كانت الإجابة، بنتًا، فقولوا لوالديها: ربنا يجعلها من المستورات، وإن كانت الإجابة ولدًا فلا تسكتوا، بل قولوا له كذلك: اللهم أجعله من المستورين، لأن القصة تبدأ من هنا، ولا تنسوا أن الأبناء جميعهم هبة من الله ونعمة، وهم زينة الحياة الدنيا، فرجاءًا لا تفرّقوا بينهم، ولا تمايزوا في تربيتهم والإحسان إليهم، بلى قوموا بتربيتهم بالحسنى، وإحترام حقوقهم، والحفاظ عليها، لأنكم إذا أعددتموهم، أعددتم شعبًا طيب الأعراق.