شاهد بالفيديو.. في لقطة رومانسية أشعلت السوشيال ميديا.. فنان "ثورة ديسمبر" أحمد أمين يتبادل "الأحضان" مع عروسته احتفالاً بزواجهما    شاهد بالفيديو.. البرهان يزور السريحة ويخاطب مواطنيها    ضربة روسية قوية بصواريخ كينجال على مواقع عسكرية حساسة في أوكرانيا    من هوانها علي الدنيا والناس أن هذه المليشي المتشيخ لايعرف عن خبرها شيئاً .. ولايعرف إن كانت متزوجة أم لا !!    شاهد بالفيديو.. رجل البر والإحسان أزهري المبارك يرفض الحديث عن أعماله الخيرية ويعطي درساً للباحثين عن الشهرة: (زول قدم حاجة لي الله.. إن تكلم بها خلاص فسدت)    شاهد بالفيديو.. رجل البر والإحسان أزهري المبارك يرفض تكريم أقيم له: (تكرموا العتالي البشيل في ضهرو وبقسم رزقو مع اهلو في مخيم نازحين الفاشر ولا تكرموني أنا الدهابي؟)    البرهان يفجّر تصريحًا غامضًا    شاهد بالصورة والفيديو.. المطربة الصاعدة "عزيزة اللذيذة" تبهر الجمهور بجمالها الملفت وتشعل حفل غنائي بإحدى أغنيات الفنانة ندى القلعة    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: جنوب السودان بلد العجايب    وزير الداخلية يترأس إجتماع هيئة قيادة شرطة ولاية سنار ويفتتح عددا من المشروعات الشرطية بالولاية    الالعاب الإلكترونية… مستقبل الشباب في العصر الرقمي    فريق مشترك من المفوضية السامية لشئون اللأجئين ومعتمدية اللاجئين ينفذان ترحيل الفوج رقم (25) من اللأجئين خلال العام الجاري    الشباب المناقل يمتسك بالصدارة بعد فوزه على إتحاد مدني    قرارات لجنة الانضباط في أحداث مباراة المويساب شندي والجلاء بربر    القوز ابوحمد يكلف اللجنة القانونية لإستئناف قرار لجنة المسابقات    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    السودان..وفد عسكري رفيع في الدمازين    تعادل الإمارات والعراق يؤجل حسم بطاقة المونديال إلى موقعة البصرة    إظلام جديد في السودان    تحذير من استخدام الآلات في حفر آبار السايفون ومزوالة نشاط كمائن الطوب    روبيو يدعو إلى وقف إمدادات الأسلحة لقوات الدعم السريع السودانية    نجم ريال مدريد يدافع عن لامين يامال: يعاملونه مثل فينيسيوس    لافروف: أوروبا تتأهب لحرب كبرى ضد روسيا    المنتخب الوطني يتدرب بمجمع السلطان قابوس والسفير السوداني يشّرف المران    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    والي الخرطوم يعلن عن تمديد فترة تخفيض رسوم ترخيص المركبات ورخص القيادة بنسبة 50٪ لمدة أسبوع كامل بالمجمع    غرق مركب يُودي بحياة 42 مهاجراً بينهم 29 سودانياً    أردوغان يعلن العثور على الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة    اتحاد أصحاب العمل يقترح إنشاء صندوق لتحريك عجلة الاقتصاد    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    شاهد بالفيديو.. على طريقة "الهوبا".. لاعب سوداني بالدوري المؤهل للممتاز يسجل أغرب هدف في تاريخ كرة القدم والحكم يصدمه    شاهد الفيديو الذي هز مواقع التواصل السودانية.. معلم بولاية الجزيرة يتحرش بتلميذة عمرها 13 عام وأسرة الطالبة تضبط الواقعة بنصب كمين له بوضع كاميرا تراقب ما يحدث    انتو ما بتعرفوا لتسابيح مبارك    شرطة ولاية الخرطوم : الشرطة ستضرب أوكار الجريمة بيد من حديد    عطل في الخط الناقل مروي عطبرة تسبب بانقطاع التيار الكهربائي بولايتين    كُتّاب في "الشارقة للكتاب": الطيب صالح يحتاج إلى قراءة جديدة    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعفاء رئيسة القضاء بين القانون كما هو وكما يجب أن يكون
د. عبد الباقي حامد الجزولي- مستشار قانوني
نشر في الراكوبة يوم 22 - 05 - 2021

يدور حوار فى الوقت الراهن فى الساحة العامة والقانونية خصوصا بشأن إعفاء رئيسة القضاء ( مولانا نعمات محمد خير) من منصبها وقبول استقالة ( مولانا تاج السر الحبر) ، وتحسر بعض الزملاء على قيام مجلس السيادة باهدار أهم المبادىء الدستورية وهى مبدأ الفصل بين السلطات الأمر الذي جعل (العلامة مونتيسكيو) عراب هذا المبدأ يتململ فى قبره ، يبدو لي أن قلقهم مشروع وكذلك تحسرهم البادي ولكن يجب أن نفرق بين القانون كما يجب أن يكون ought to be وبين القانون كماهو as it is ، وهكذا يبدو ان حديثهم عبارة عن استشراف مستقبلي لكنه لايسعفنا فى موقفنا الحرج الحالي كقانونيين حيث علينا أن نتعامل مع الوضع القائم كما هو وهو الوثيقة الدستورية بعيوبها الحالية مع عدم نصها على مايجب عليها أن تنص عليه ، وفي نفس الوقت ندفع للامام فى شأن الاصلاح الدستوري والقانوني . السؤال الاكثر اهمية فى الوقت الراهن هل تجاوز مجلس السيادة سلطاته الممنوحة بموجب الوثيقة الدستوية عندما قام بعزل رئيسة القضاء ؟ للاجابة على ذلك يجب علينا قراءة المادة 12 (و) من الوثيقة التي منحت الحق للمجلس فى اعتماد تعيين رئيس القضاء بعد ترشيحه من قبل مجلس القضاء العالي ولحين تشكيل المجلس يعين مجلس السيادة رئيس القضاء وكذلك نصت الفقرة (ى) لنفس المادة على ان يتم اعتماد تعيين النائب العام بعد ترشيحه بواسطة مجلس النيابة الأعلى ولحين اعادة تشكيله يتم التعيين بواسطة مجلس السيادة ،، ولكن الملاحظ أن الوثيقة تناست النص على الحالات التى يتم فيها إعفاء رئيس القضاء والنائب العام والسلطة التى تملك هذا الحق ، وفى ظل هذا الغياب للنص وللخروج من هذه المعضلة افتى بعض الزملاء الكرام باللجوء الى قانون تفسير القوانين لسنه 1974 في مادته (15) التى نصت على ( اذا كانت سلطة التعيين مخولة بموجب احكام اي قانون يكون للسلطة التي تملك حق التعيين الحق أيضا في وقف او عزل اي شخص عينته استعمالا لسلطتها ما لم ينص على خلاف ذلك (، ظاهر هذا التفسير يبدو مسعفا ومساعدا في حل المعضلة ظاهريا ولكنى أرى انه يمكن الاستئناس به فقط الا أنه غير حاسم لان قانون تفسير القوانين لايطبق على الدساتير لانه خاص بالقوانين فقط ، فقد نص في مادته (4) في التفاسير ان كلمة قانون المذكورة في هذا القانون لاتشمل الدستور ،. لذا سوف نحاول الدخول للامر من باب اخر وهو محاولة الرجوع الى التجارب الدستورية السودانية السابقة وكيفية تناول الدساتير السودانية عبر التاريخ لمسألة تعيين رئيس القضاء وعزله من حيث الجهة التى لها الحق وشروط ذلك ، ولن نتطرق فى هذه المراجعة لمنصب النائب العام باعتبار أنه تاريخيا كان جزءا من السلطة التنفيذية وغير مستقل حيث أن وزير العدل كان هو النائب العام لذا لم تفرد له الدساتير موادا خاصة للحفاظ على استقلاليته.
هل السلطة التى تملك حق التعيين هى نفسها التى تملك حق العزل هل هذا الافتراض صحيح وفقا للتجربة الدستورية السودانية ؟ بمتابعة تاريخية للدساتير السودانية فى كل الحقب نجد أن دستور السودان الدائم لسنة 1973 فى مادته (188) منح حق فى تعيين وعزل رئيس القضاء لنفس السلطة وهى رئيس الجمهورية ، وكذلك نجد دستور 1998 قد نص فى المادة ( 104 ) على يتم تعيين القضاة بواسطة رئيس الجهورية وبتوصية من المجلس الاعلى للقضاء ، وأن يتم العزل بنفس الكيفية اى بتوصية من المجلس ، وكذلك دستور 2005 نص فى المادة (130) والمادة (131 ) بان القضاة يعينون بناء توصية المفوضية القضائية وكذلك يعزلون بموافقتها مع توصية من رئيس القضاء ،وايضا نص فى ( 212 ) على ان تعيين قضاة المحكمة الدستورية يتم بناءا على توصية المفوضية القومية للخدمة القضائية وبموافقة ثلثي جميع الممثلين فى مجلس الولايات ، أما العزل يتم بتوصية من رئيس المحكمة الدستورية بموافقة ثلثى اعضاء مجلس الولايات اى بنفس اللآلية ، ولكن نجد اختلاف فى دستور 1956 الانتقالي الذى نص فى مادتة (97) و(99 )على ان رئيس القضاء وقاضي القضاة يعينهم مجلس السيادة بعد التشاور مع الرئيس المختص أو المتقاعد ، أما العزل فيتم بامر من مجلس السيادة بناء على توصية بعزلهم إما من الرئيس المختص وجميع أعضاء المحكمة العليا الاخرين أو بناءا على توصية اجيزت فى جلسة مشتركة للمجلسين بالجمعية التاسيسية باغلبية ثلاثة ارباع الاعضاء ، وهكذا نجد ان دستور 1956 منح الحق فى العزل والتعيين لنفس السلطة ولكنه وضع قيود اضافية على العزل وكذلك دستور 1964 المؤقت بموجب المواد (94) ، (96) وكذلك دستور1985 الانتقالي الذى نص فى مادته ( 123 ) على أن حق تعيين رئيس القضاء نوابه يتم بواسطة رأس الدولة بناء على توصية أعضاء مجلس القضاء العالي وقضاة المحكمة العليا وكذلك العزل الا أنه اضاف شرط اخر وقيد اضافي فى العزل وهو أن يتم بموافقة ثلثي اعضاء مجلس القضاء العالى وقضاة المحكمة العليا ، وهكذا نلاحظ ان الدساتير التى تمت إجازتها فى فترات عسكرية ودكتاتورية هى التى نصت على ان يتم التعيين والعزل عن طريق نفس السلطة وبنفس الكيفية ، ولكن الدساتير التى اجيزت خلال الفترات الديمقراطية رغم انها منحت حق العزل لنفس السلطة التى منحتها حق التعيين الا انها وضعت قيود على العزل باشتراط محددة . وهذا يبدو أن تلك المقاربة لم تعطنا اجابة شافية فى هذا الأمر اذ أنها أجابت على الجزء الاول من السؤال وهو أن السلطة التى لها حق التعيين عادة تكون هى نفسها التى لها حق العزل ، ولكن هل هذا الحق على اطلاقه ؟ الاجابة ان هي أن بعض الدساتير وهى الدساتير الديمقراطية الاقرب الى حالتنا الراهنه قد وضعت قيود محددة لانفاذ هذا الحق ، وبانزال هذا الأمر على الحالة الراهنه نجد أن المجلس السيادي باعتباره جهة التعيين وبالتالي لها سلطة العزل والاعفاء وفقا للتاريخ الدستورى ، ولكن فيما يخص القيود الخاصة بالعزل وفق الدساتير الديمقراطية فليس له الحق فى العزل الا بشروط ، ولكن ما هذه الشروط فى وضعنا الراهن ؟ الاجابة أن الوثيقة لم تنص على شروط . فماهو الحل ؟ اذ لا يتصوراقتراح قيود لم تنص عليها الوثيقة وفى نفس الوقت لايمكن ترك الامر هكذا بمعنى أن يكون متولي المنصب بمنأى عن العزل مهما فعل لابد من معالجة ، فماهو الحل هل هو الانتظار الى حين إجازة قانون مجلس القضاء الاعلى وتشكيله بالتالي وكذلك اعادة تشكيل مجلس النيابة الأعلى بالنسبة للنائب العام ؟ وهو أمر من الواضح ان يبدوصعب المنال والا لكان قد تم منذ اجازة الوثيقة ، بالاضافة الى تداخل الأولويات فى هذا الأمر فتكوين هذه المجالس قبل ازالة وتفكيك أركان النظام فى المؤسستين العدليتين ( القضائية والنيابة ) سيأتي باعوان النظام كأعضاء فى تشكيل هذه اللجان وبالتالى هم من سيقررون من هو رئيس القضاء ومن هو النائب العام ، وهكذا سنرجع الى نقطة الصفر ، وكذلك هنالك سؤال من البعض وهو سؤال مشروع موجه لمن يتمسك باستقلالية القضاء بشكل اجرائي هل القضاء فى فترة النظام السابق كان مستقلا ليتم الحفاظ على لاستقلالية المزعومة ؟ واذا كانت الاجابة لا ، فماهى الوسيلة القانونية والدستورية المقترحة للتصفية مع الحفاظ على استقلاليته فى ظل تمكن النظام السابق منه ؟ البعض قد يقترح حلول للمعالجة الدستورية قد تكون محرجة المجلس السيادى ومجلس الوزارء (باعتبارهما يمثلان الجهة التشريعية ) وتقيم عليهما الدنيا من أطراف عديدة وتجعل أنصار النظام السابق يصطادون فى المياء العكر هي تعديل الوثيقة الدستورية نفسها مرة اخرى لمنحهم هذا الحق وهو ما أشرت اليه فى أول المقال بانه الدستور أو القانون كما يجب أن يكون (ought to be )
الواضح أن أطراف العملية في السودان خلال فترة صياغة الوثيقة الدستورية إما كانوا متفائلين أكثر من اللازم في أنهم ليسوا فى حاجة للنص على آلية عزل رئيس القضاء والنائب العام لثقتهم في اختياراتهم لمن سوف يشغلون هذين المنصبين أو أن كل طرف خاف أن يتوجس منه الآخر إذا ما طرح هذا الأمر حتى لا يتم اعتباره مبيتا للنية ، هذا اذا لم يكن اصلا قد فات عليهم الأمر رغم غرابة ذلك لأن مواد التعيين والعزل عادة ما تكون متلازمة في كل القوانين والدساتير بوجه عام.
هذه الفترة التى تعتبر فترة هدم للقديم وبناء للجديد فترة هشة اجرائيا لايمكن وصفها بالفترة الديمقراطية وقياس اجراءت افعالها بميزان الذهب ، كونها فترة انتقالية يجعلها تواجه دائما بتحديات من قبل طرفين الطرف الأول بطبيعة الحال هم انصار الفترة السابقة التى تقاوم الهدم لمساسه بمصالحها أما الطرف الاخر هم بعض انصار الثورة لاختلافهم في آلية هذا الهدم ومدى اتباعه للاجرءات الدستورية والقانونية والادارية اللازمه لاحداث التغيير لضمان عدم التعسف والغلو وكذلك تجيير ذلك لمصلحة بعض فئات الثورة دون الفئات اخرى أو للجانب العسكري .
هذا السرد هو تطوير لمقال سابق وقد حاولت فى المقال الحالى أن أبعد فيه عن ابداء اراء شخصية حتى لاتهدر مادته القانونية فى خضم اختلاف الاراء ، حيث أن الغرض الاساسي منه هو التنوير القانوني بالواقع الحالي بالاضافة الى العصف ذهني والذى اتمنى أن يفضي الى بلورة لآراء قد تكون مفيدة للخروج من النفق الحالي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.