ما بين الشد من القرون وحلب البقرة الحنون ضعنا وضاعت البلاد. وحقا فلقد ضاعت بلادنا ما بين الشد من القرون وحلب البقرة الحنون. فلقد اصبح امر تقسيم الكعكة مطلبا غير مخجل. واصبح الحلب عيانا بيانا. وهناك من يمسكون بقرون البقرة الحنون في عز النهار. وهناك من يحلبونها. وهناك من لا يحصلون علي نقطة حليب. فالسودان اخوتي وبكل موارده وثرواته المهولة اصبح يحلب حلبا قاسيا وعنيفا. و اقتسمت كل جماعة حلمة من حلمات ضرعه مافيات انتهازية و لصوص واحتكاريين . وحقا فلقد مللنا شعار (السودان سلة غذاء العالم. فهذا الحديث ما هو الا اسطوانة مشروخه ظلت تشنف آذاننا طويلا. وحلب البقرة الحنون مستمرا وقد امسك بعضهم بقرونها . ووزراء وخبراء ومختصين يخرجون علينا في القنوات ليتحدثوا عن موارد البلاد المهولة من ذهب وثروة حيوانية ومعادن ومياه واراضي خصبة. وحلب البقرة الحنون لا يكاد يتوقف وقد امسك بعضهم بقرونها كما ينبغي. وكم خجلت وولدي يسألني يا بابا ليه السودان تعبان شديد رغم ان الاستاذ قال لينا في المدرسة ان السودان سلة غذاء العالم. هل اقول له ان حكوماتنا التي تحكمنا منذ الاستقلال ظلت تسرق كل مواردنا . ام اقول له انها تلك المافيات اللعينة وقد ظلت تحلب البقرة الحنون بمفردها لثلاثون عاما. وما فائدة ان اقدم له كل هذه التبريرات والحلول الوطنية معدومة علي الدوام. فنحن حقا فاشلون في استغلال مواردنا. رغم ان بلادنا تضيق شوارعها بجيوش الخبراء والعلماء والمفكرين وفي كل المجالات . فوآسفاه على شعب يعاني وتحت قدميه كل هذه الخيرات. ووآسفاه على شعب يعطش وانهر كثيرة علي مرمي حجر منه . ووآسفاه على شعب جائع وكل هذا القمح والذرة والخضر المزروع بكثرة علي أراضيه. ووآسفاه علي ثروة حيوانيه حية تصدر للخارج دون رقيب ولا اثر لمداخيلها. وواسفاه على محاصيلنا التي تصدر خاما ولا نرى لها اثرا. لابد اخوتي من وقفة شعبية حقيقية ضد كل الممسكون بقرون هذه البقرة الحنون وكل الحالبون لها. لابد اخوتي من غرس مبدأ حب الأوطان في نفوس اجيالنا. فالوطن ليس مجرد اهزوجة أو نشيد لوردي او للعطبراوي (وانا سوداني انا) نردده مع دمعتين ومن ثم نخلد للنوم . الوطن اخوتي هو السكينة والسكن والانتماء والملجأ و الحضن الدافئ. فكروا جليا كيف نحارب ونقضي علي كل الممسكون بقرون البقرة الحنون وكل الحالبون لها. الي متي نظل : كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ * والماء فوق ظهورها محمول. محمد حسن شوربجي