مديحة عبدالله تفشي حالات الكورونا في مدينة بورتسودان أمر يستدعي رفع أقصى درجات الاهتمام ليس على مستوى الولاية وإنما السودان كله، فهو مؤشر على خلل في عمل الجانب الحكومي والمدني على السواء، فالحكومة من المؤكد أن كل المؤشرات حول تفاقم حالات الإصابة بالمرض كانت وافرة لديها، تحركها جاء بعد تزايد عدد المرضى، ورغم توفر مصل التطعيم استشرى المرض، مما يدل على ضعف جانب العمل في مجال التوعية بمخاطره، العمل المدني أيضًا يشوبه الضعف، وهنا لا يقتصر الأمر على المنظمات المدنية الطوعية، بل قطاع التعليم والصحة وكذا القطاع الخاص. الوعي بالوباء وطرق الوقاية منه هو المدخل السليم لمجابهته، فهو يحصد الأرواح ويهدر إمكانيات مادية وطاقات مجتمعية نحن في أمس الحاجة إليها، فمن المؤسف حتى الآن أن لا نتجه لإعداد تقارير علمية تكشف عن مدى الضرر الاقتصادي والاجتماعي الذي يتسبب فيه هذا الوباء اللعين، فهناك كلفة اجتماعية تدفعها الأسر جراء إصابة أحد أفرادها بالمرض، وكذا اقتصادية، بل في الحقيقة المرض يفرض، وفرض أجندة جديدة على الحياة الاجتماعية والاقتصادية غير مرئية وغير محسوبة بشكل دقيق حتى الآن عدا تقارير تصدرها وكالات دولية تعمل في المجال الإنساني في السودان. هذه الكلفة لا بد أن تكون في صدارة عمل التوعية، عوضًا عن التركيز على طرق الوقاية التقليدية المعروفة، فمن الواضح أن الذهنية القدرية مسيطرة، واللامبالاة تجاه التقيد بالإجراءات والضوابط الصحية والقانونية واسعة الانتشار وسط قطاعات اجتماعية عديدة، ويؤشر ذلك لخلل مجتمعي لا بد أن نقف حياله، لأنه يكشف عن مقاومة سلبية للتغيير والتقيد بالضوابط الصحية التي تشكل المدخل الأول لحماية حق الحياة الآمنة.. لذلك تبرز الحاجة لربط التوعية حول مخاطر مرض الكورونا بالحقوق المدنية وأولها الحق في الحياة، وهو حق يتطلب المحافظة عليه من أصحاب الحق أنفسهم ومن الحكومة، ومن هنا يأتي دور المجتمع المدني الذي يقوم بدور فاعل في ترسيخ الوعي بحقوق المواطنة، إن العمل في مجال مكافحة الكورونا لا يقف فقط في حد مجابهة وباء كريه، بل يرتبط بكل الحقوق والأهداف التي نادت بها ثورة ديسمبر المجيدة. ________ الميدان