شاهد بالفيديو.. "بدران" الدعم السريع يتعرض لأقوى "زنقة" ويحاول التخلص بتحريف منها أحاديث نبوية    شاهد بالفيديو.. ناشطة الدعم السريع "أم قرون" تهدد بفضح قيادات المليشيا بكشف ما حدث في 15 أبريل بعد أن رفضوا منحها حقوقها المالية: (أنا طالبة من الدولة ما من جيب أبو واحد فيكم وحميدتي ما بقدر يحميني حقي)    شاهد بالفيديو.. حسناء مغربية فائقة الجمال تتحدث اللهجة السودانية بطلاقة وتعلن دعمها الكامل للشعب السوداني وتؤكد (لا فرق عندي بين المغرب والسودان)    شاهد بالفيديو.. ناشطة الدعم السريع "أم قرون" تهدد بفضح قيادات المليشيا بكشف ما حدث في 15 أبريل بعد أن رفضوا منحها حقوقها المالية: (أنا طالبة من الدولة ما من جيب أبو واحد فيكم وحميدتي ما بقدر يحميني حقي)    شاهد بالفيديو.. حسناء مغربية فائقة الجمال تتحدث اللهجة السودانية بطلاقة وتعلن دعمها الكامل للشعب السوداني وتؤكد (لا فرق عندي بين المغرب والسودان)    شاهد بالفيديو.. "بدران" الدعم السريع يتعرض لأقوى "زنقة" ويحاول التخلص بتحريف منها أحاديث نبوية    مرسوم رئاسي يهزّ جنوب السودان..ماذا يجري؟    الحكومة السودانية تقدم أربع ملاحظات حاسمة على عرض الهدنة إلى الآلية التقنية للمجموعة الرباعية    السجن 15 عاما على مشارك مع قوات التمرد بأم درمان    تحرّك فعّال للتسوية..اجتماع مثير في تركيا حول حرب السودان    أبياه يستدعي السداسي والخماسي يغادر رواندا    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    والي الخرطوم يعلن عن تمديد فترة تخفيض رسوم ترخيص المركبات ورخص القيادة بنسبة 50٪ لمدة أسبوع كامل بالمجمع    اتحاد أصحاب العمل يقترح إنشاء صندوق لتحريك عجلة الاقتصاد    غرق مركب يُودي بحياة 42 مهاجراً بينهم 29 سودانياً    أردوغان يعلن العثور على الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة    اشتراطات الكاف تجبر المريخ على إزالات حول "القلعة الحمراء"    وزارة الصحة تناقش خطة العام 2026    العلم يكسب الشباب في دورة شهداء الكرامة برفاعة    إكتمال الترتيبات اللوجستية لتأهيل استاد حلفا الجديدة وسط ترقب كبير من الوسط الرياضي    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    كأس العالم.. أسعار "ركن السيارات" تصدم عشاق الكرة    شاهد بالفيديو.. على طريقة "الهوبا".. لاعب سوداني بالدوري المؤهل للممتاز يسجل أغرب هدف في تاريخ كرة القدم والحكم يصدمه    شاهد الفيديو الذي هز مواقع التواصل السودانية.. معلم بولاية الجزيرة يتحرش بتلميذة عمرها 13 عام وأسرة الطالبة تضبط الواقعة بنصب كمين له بوضع كاميرا تراقب ما يحدث    انتو ما بتعرفوا لتسابيح مبارك    شرطة ولاية الخرطوم : الشرطة ستضرب أوكار الجريمة بيد من حديد    عطل في الخط الناقل مروي عطبرة تسبب بانقطاع التيار الكهربائي بولايتين    "فينيسيوس جونيور خط أحمر".. ريال مدريد يُحذر تشابي ألونسو    كُتّاب في "الشارقة للكتاب": الطيب صالح يحتاج إلى قراءة جديدة    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    صفعة البرهان    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذكري (75) لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني (5)
تاج السر عثمان
نشر في الراكوبة يوم 14 - 08 - 2021

أشرنا سابقا الي نشأة الحزب التي كانت امتدادا لتطور الحركة الوطنية وتنظيماتها المتنوعة ، فقد جاءت النشأة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ، متزامنة مع تكوين الأحزاب السياسية ، وبعد انفراط عقد مؤتمر الخريجين الذي لعب دورا في تطور الحركة الوطنية.
كُتب الكثير عن مؤتمر الخريجين ، وتوفرت لنا معرفة واسعة به، ومصادر أولية عن تأسيسه وأعماله علي سبيل المثال لا الحصر: كتاب أحمد خير المحامي "كفاح جيل"، وصدور محاضر مؤتمر الخريجين (1939 – 1947) في ثلاثة اجزاء أعدها د. المعتصم أحمد الحاج ، وصدرت عن مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية، 2009، وغير ذلك من الدراسات الكثيرة عن المؤتمر.
فقد جاء المؤتمر بعد الأزمة الاقتصادية في 1929 التي كان لها تأثيرها علي السودان ، كنتاج لارتباطه بالسوق الرأسمالي العالمي ، وما نتج عنها من انخفاض الصادرات والواردات ، وسياسة الحكومة لتقليص العمالة ، وتخفيض مرتبات الخريجين من 8 جنية مصري الي 5 جنية و500 مليم ، ونتيجة لذلك أضرب طلاب كلية غردون عام 1931 ، ورفع الخريجون مذكرة لجنة العشرة التي تجاهلتها الحكومة في المرة الأولي ، ولكن بعد مذكرة الخريجين أعادت الحكومة النظر في قرارها فيما يتعلق بمرتب الخريج الجديد، اذ قررت أن يكون 6 جنيهات شهريا بدلا من 5 جنيهات و500 مليم ( للمزيد من التفاصيل ، راجع محمد عمر بشير، تاريخ الحركة الوطنية في السودان، ص 132)، وكان القرار في نظر لجنة العشرة انتصارا ومثارا للفخر، وشكل ذلك فترة جديدة استطاع فيها الخريجون الخروج للحياة العامة من جديد في اتجاه انتزاع حقوقهم ، وظهور أشكال جديدة للصراع : الاضرابات، العرائض والمذكرات. الخ ( للمزيد من التفاصيل: راجع تاج السر عثمان ، تجربة مؤنمر الخريجين " 1938- 1947″، الحوار المتمدن ، 17 / 6/ 2020).
2
بدأ يتعاظم ويزداد دور الخريجين في الحياة العامة بعد اضراب 1931 ، ومذكرة العشرة ، وتعيين سايمز حاكما عاما للسودان ، وما طرحه من أفكار تحررية حول التوسع في التعليم العالي، وتقليص نفوذ الإدارة الأهلية، وكان لسياسة سايمز أثرها في نشاط الخريجين الذين بدأوا يخرجون للحياة العامة بأشكال جديدة حيث ظهرت مجلتا "النهضة السودانية" التي اسسها المرحوم محمد عباس أبو الريش ، و"الفجر" التي أسسها المرحوم عرفات محمد عبد الله، وظهرت الجماعات الأدبية المختلفة : جماعة أبي روف ، والهاشماب وازداد النشاط الثقافي والأدبي والفني في أندية الخريجين في أم درمان ومدني وبقية الأقاليم.
بعد اتفاقية 1936 التي تمّ فيها تجاهل السودانيين ، ازداد الشعور بالحاج الي تنظيم للخريجين يهتم بالمسائل القومية والاجتماعية والرياضية والثقافية ، ونبعت فكرة مؤتمر الخريجين التي رفع لواءها أحمد خير المحامي في احدى محاضراته في نادي الخريجين بمدني ( للمزيد من التفاصيل ، راجع أحمد خير ، كفاح جيل، دار الشروق القاهرة ، 1948).
بالفعل قام مؤتمر الخريجين عام 1938 ، وظهرت أشكال جديدة للصراع نبعت من طبيعة الفترة التي كانت تمر بها البلاد والمستوى السياسي والفكري الذي بلغته حركة المتعلمين وحاجتهم للمزيد من المشاركة في الحياة العامة.
ساهم مؤتمر الخريجين في اصلاح وتوسيع التعليم الأهلي والحركة الرياضية والأدبية، ومع تطورالحياة السياسية والأحداث ، وازدياد موجة الوعي محليا وعالميا بعد بداية الحرب العالمية الثانية واشتراك السودانيين فيها، الي أن جاء "إعلان ميثاق الأطلسي" الذي دعا الي حق تقرير المصير لشعوب المستعمرات بعد نهاية الحرب ، وبدأ المؤتمر يدخل الحياة السياسية.
3
كانت مذكرة مؤتمر الخريجين عام 1942 معلما بارزا في تاريخ الحركة الوطنية ، وفي تطور الحياة السياسية فيما بعد ، فلأول مرة يدخل المؤتمر مباشرةً في معترك الحياة السياسية ويطرح مطالب مثل: تقرير المصير بعد الحرب ، اشراك السودانيين في الوظائف السياسية ، إعطاء السودانيين مزيد من الفرص للاستثمار الزراعي والصناعي، قانون للجنسية السودانية ، فصل السلطات القضائية عن السلطات التنفيذية، إلغاء قانون المناطق المقفولة والسماح للسودانيين بالتنقل داخل المناطق المختلفة في السودان. الخ ( راجع نص المذكرة في كتاب " كفاح جيل" لأحمد خير المحامي).
فقد عبرت المطالب التي جاءت في مذكرة الخريجين عن وعي قومي ووطني، وعن اتجاه فئات التجار والرأسماليين الي مزيد من الحريات في ميدان الاستثمار والتجارة والتحرك بحرية في سوق واسع يضم مناطق السودان المختلفة ( تجارة الجلابة في الجنوب ودارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان، وشرق السودان)، اضافة الي مطامح الفئات العليا من الخريجين للاستحواذ علي وظائف قيادية في الخدمة المدنية، ومزيد من اشراك السودانيين في وضع الميزانية والسياسة العامة.
لكن من نقاط الضعف أن عضوية المؤتمر اقتصرت علي الخريجين ، مما قلّص قاعدته الاجتماعية ، وكان يمكن أن يكون حركة جماهيرية أعمق وأوسع، اضافة الي أن المؤتمر لم يبلور بوضوح آمال السودانيين في الحرية والاستقلال في البداية.
لم يستند المؤتمر الي قوى اجتماعية طبقية منظمة ، وكان يمكن أن يكون جبهة واسعة ، اذا سبقت تكوين المؤتمر أحزاب علنية أو سرية لها أهداف واضحة في الحرية والاستقلال ، ويعبر عن الحد الأدني لمطالب الحركة الوطنية السودانية، ولكن الواقع حدث العكس فمن أحشاء المؤتمر وُلدت الأحزاب السياسية بعد الحرب العالمية الثانية، وانفرط عقد المؤتمر بعد ذلك ، ودخلت الحركة الوطنية فترة جديدة في نضالها توجتها بإعلان الاستقلال عام 1956، بعد أن وضع المؤتمر الأساس لتلك التطورات.
من النواقص ، لم يستند المؤتمر علي حركة نقابية يكون لها تمثيل فيه، لكن المؤتمر ساعد في تكوين وانشاء الحركة النقابية ، وكان واضعا المهمة في جدول أعماله، فالحركة النقابية قامت بعد انفراط عقد مؤتمر الخريجين بعد انتزاع عمال السكة الحديد لهيئة شؤون العمال بعطبرة عام 1947 م.
– من النواقص ايضا، لم يواصل المؤتمر تقاليد الاضراب كأداة لانتزاع الحقوق والمطالب ، وخاصة بعد تجربة اضراب طلبة كلية غردون عام 1931 ، أو دعوة لاضراب عام لتحقيق هدف أو مطلب محدد أو عصيان مدني كما كان يفعل المؤتمر في الهند بقيادة غاندى ، وكان هذا بعيدا عن وسائل المؤتمر لتحقيق أهدافه والذي بدأ متعاون مع الإدارة البريطانية.
أشكال نضال وعمل المؤتمر اقتصرت علي: المذكرات والعرائض التي كانت تقابل بالرفض أو التجاهل من قبل الإدارة البريطانية مثال: المذكرة حول الموظفين ، ومذكرة 1942 ، والمذكرة حول توسيع التعليم، ولكن المهم اتسع شكل العرائض والمذكرات، اضافة لأشكال نضال الحركة الوطنية منذ الاحتلال البريطاني للسودان.
رغم أن المؤتمر كانت تتجاذبه التيارات المختلفة ، ولم يكن منعزلا عن الصراع الاجتماعي والطبقي الذي كان دائرا وسط حركة الخريجين وفي المجتمع والذي شكل الصراع بين طائفتي الختمية والأنصار قطبيه الرئيسيين ، ولم يكن غريبا بعد إعلان الإدارة البريطانية تكوين المجلس الاستشاري لشمال السودان عام 1943 أن تختلف وجهات النظر حوله ، فقد أيده المحافظون وساندهم في ذلك السيد عبد الرحمن المهدي وطائفة الأنصار، مما ادي الي الانفصال عن المؤتمر وتأسيس حزب الأمة عام 1945 ، ورد الآخرون بتكوين حزب الأشقاء بدعم من الختمية والحكومة المصرية ، كما تاسست الحركة السودانية للتحرر الوطني ( الحزب الشيوعي فيما بعد) عام 1946 ، اضافة للحزب الجمهوري عام 1945 . الخ.
وقبل تأسيسه في عام 1946 ، كان بعض مؤسسي الحزب الشيوعي ناشطين في مؤتمر الخريجين مثل : حسن الطاهر زروق ، وحسن سلامة ، ود. عبد الوهاب زين العابدين الذي كان سكرتيرا لمؤتمر الخريجين عام 1946.
4
مما سبق يتضح أن الحزب كان امتدادا لتطور الحركة الوطنية حتى قيام مؤتمر الخريجين الذي كان بعض مؤسسيه مشاركين فيه ، بالتالي كانت نشأته مستقلة ، وليس دقيقا أن "حستو" نشأت برعاية " حدتو" ، ولكنها كانت تنظيما مستقلا عن الحركات الشيوعية المصرية ، وإن كان يوجد تعاون وتنسيق في شعار الكفاح المشترك بين الشعبين المصري والسوداني ضد الاستعمار وحق تقرير المصير للشعب السوداني ، وتنسيق في التنظيمات الطلابية ، وحتي التنسيق بين الطلاب تمّ فضه نهائيا عام 1957م عندما اصبح فرع الطلاب السودانيين في مصر تابعا لمركز الحزب الشيوعي في الخرطوم ، بعد أن كان مؤقتا تابعا للمنظمات الشيوعية المصرية، وتم تكوين أول مكتب للحزب الشيوعي السوداني بمصر عام 1957 ، ساهم في تأسيسه : كامل محجوب ، أحمد نجيب ، تاج السر الحسن ، جيلي عبد الرحمن ، بابكر عبد الرازق ، الطيب ميرغني شكاك ، فاروق ابوعيسي ، عابدين شرف ، صالح محمد عبد الله ، مدني أحمد عيسي ( للمزيد من التفاصيل : راجع كامل محجوب ، تلك الأيام ، الجزء الأول)..
المعلومة الأخري غير الدقيقة التي يوردها البعض أن اسم الحركة السوداني للتحرر الوطني" حستو " كان علي غرار الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني " حدتو" ، وهذا غير صحيح من الآتي:-
في العام 1946 لم تكن الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني" حدتو" قد تأسست ، بل كانت موجودة "الحركة المصرية للتحرر الوطني" ح.م" ، كما ورد في رواية رفعت السعيدالمشار ايها سابقا عن اجتماع حسن الطاهر زروق والمهندس عبد الحميد ابو القاسم مع مندوبي" ح.م" ، وتم الاتفاق علي تأسيس" حستو".
لكن " حدتو" تأسست عام 1947 بعد اتحاد الحركة المصرية للتحرر الوطني " ح.م" مع " ايسكرا" لتأسيس " حدتو" عام 1947. وكان ل "حستو" استقلالها.
5
أما بخصوص الوضع القيادي ، فقد كان أول سكرتير للحزب تمّ إنتخابه في أغسطس 1946 د. عبد الوهاب زين العابدين، في صيف 1947 نشب الصراع الداخلي حول وجود الحزب المستقل، التي كانت تعارضه مجموعة د. عبد الوهاب زين العابدين، وتم فصل عبد الوهاب ومجموعته من" حستو ".
في الفترة من صيف 1947 وحتي يونيو 1948 ، كانت هناك قيادة جماعية للحزب تتكون من: عبد القيوم محمد سعد وآدم ابوسنينة وخضر عمر وأحمد محمد خير، وهي التي قادت الصراع الداخلي ضد مجموعة د. عبد الوهاب زين العابدين التي كانت تري لا ضرورة لوجود تنظيم مستقل للحزب. وفي صيف 1947 جاء عبد الخالق الذي كان طالبا في مصر في إجازة وتوجه الي عطبرة وساهم مع الشفيع أحمد الشيخ وقاسم امين وهاشم السعيد والجزولي سعيد وارباب العربي ومحي الدين محمد طاهر وجمبلان والحاج عبد الرحمن وغيرهم في تأسيس هيئة شؤون العمال وقدم المساعدات الفكرية والسياسية والتنظيمية في تاسيس نقابة مستقلة لعمال السكة الحديد ووثق علاقته مع عمال عطبرة.
أصبح عوض عبد الرازق سكرتيرا للحزب عام 1948 بعد أن عاد نهائيا من مصر في يونيو من العام نفسه.
عاد عبد الخالق من مصر نهائيا من مصر في فبراير 1949 ، وكان قد عاني من مرض الدرن بسبب السجن في معتقل" هاكستيب "، وعاد برئة واحدة بعد استئصال الأخري.
اصبح عبد الخالق محجوب سكرتيرا للحزب عام 1949 بعد أن طلب عوض عبد الرازق من اللجنة المركزية التي كانت قائمة والتي كانت سكرتاريتها تتكون من: د. موريس سدرة ود. عبد القادر حسن. الخ، طلب إعفاؤه من مسؤولية السكرتير العام واسنادها لعبد الخالق لأنه الأقدر والأجدر ، واحتج عبد الخالق بمرضه ، ولكن عوض أصرّ وكشف عن حاجته لعمل لم يتوفر له بالخرطوم ، وأنه تعاقد بالفعل مع المدرسة الأهلية ببورتسودان للعمل مدرسا بها ، وتحت الالحاح قبل عبد الخالق وسافر عوض الي مقر عمله " التجاني الطيب : قضايا سودانية، العدد الرابع أبريل 1994′′.
6
ما هو دور الأثر الأجنبي وهنري كوريل ؟
هناك الأكائيب الذي روج لها أعداء الحزب الشيوعي السوداني ، أن الحزب كان نتاجا لمؤامرة أجنبية لعب فيها اليهودي الصهيوني هنري كوريل دورا كبيرا ، وأنه كان مؤسسا للحركة الشيوعية المصرية.
وهذا غير صحيح ، الواقع أن هنري كوريل لم يكن مؤسسا للحركة الشيوعية المصرية ، لكنه ساهم في تأسيس الحركة المصرية للتحرر الوطني (ح.م) عام 1943 ، وبعدها الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني (حدتو) عام 1947 ، لكن كانت جذور الفكر الاشتراكي قديمة في مصر ، فقد الف سلامة موسي كتابا عن الاسًتراكية عام 1913 ، أي قبل ميلاد هنري كوريل عام 1914 ، وتأسس الحزب الاشتراكي المصري عام 1921 من بعض المثقفين المصريين لحما ودما مثل: سلامة موسي، ومحمد عبد الله عنان . الخ، وبعد ذلك تأسس الحزب الشيوعي المصري 1921. وحتى الحركة المصرية للتحرر الوطني( ح.م) كانت تعبيرا عن التخلص من الأثر الأجنبي ، واستقلال الحركة الشيوعية المصرية عن الحزبين الشيوعي الفرنسي والبريطاني، ولا ننكر مساهمة هنري كوريل في ذلك الاستقلال، أما الحركة السودانية للتحرر الوطني (حستو)، فقد كانت تعبيرا عن استقلالها عن الحركة الشيوعية المصرية والحزب الشيوعي البريطاني، وقد ساهم هنري كوريل في ذلك الاستقلال.
أما الحديث عن كوريل اليهودي الصهيوني، فهو خلط بين اليهودية كديانة سماوية ، وبين الصهيونية كحركة سياسية عنصرية معادية للشيوعية. فقد كان كوريل ضد الصهيونية، ولم توافق الحركة الشيوعية المصرية ككل علي قرار تقسيم فلسطين ، كما رفض الحزب الشيوعي السوداني الصهيونية وقرار تقسيم فلسطين عام 1948 ، جاء في وثيقة الماركسية وقضايا الثورة السودانية ، تقرير المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي السوداني ، اكتوبر 1967 ما يلي:
(إن قيام الدولة العربية الديمقراطية فوق أرض فلسطين يصحح الوضع الشاذ الذي نشأ منذ عام 1948 ، داخل هذه الدولة الفلسطينية العربية سيجد المواطنون الأصليون عربا وأقلية يهودية حقوقهم الكاملة ، وبكامل حقوقها المشروعة في السيادة ، تُصفي آثار الاضطهاد الصهيوني الاستعماري وفي مقدمتها مشكلة اللاجئين العرب والهجرة اليهودية ، فعلي أساس التحديد الواضح لمن هو المواطن الفلسطيني تجري إعادة تسكين اللاجئين ، وتحفظ الحقوق الوطنية لليهود الفلسطينيين ، أما المهاحرون من الجنسيات الأخري فالدولة الفلسطينية هي التي تحدد مصيرهم" ( الماركسية وقضايا الثورة السودانية ، طبعة دار عزة 2008 ، ص 44).
(للمزيد من التفاصيل عن نشأة الحركة الشيوعية المصرية: راجع رفعت السعيد : اليسار المصري ، 1925- 1940، دار الطليعة بيروت 1972، ورفعت السعيد تاريخ المنظمات اليسارية المصرية، 1940 – 1950 ، دار الثقافة الجديدة 1977، وأحمد نبيل الهلالي : توثيق عن نشأة الحركة الشيوعية المصرية ، موقع الجزيرة 26 / 6/ 2006 ).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.