على خلفية مطالبة ملاك العقارات، بتعديل القانون الخاص بالإيجارات، أعلن عدد من المستأجرين من جهتهم، عن تكوين تجمعهم الخاص بهم، من أجل مناهضة أي خطوة من شأنها الاضرار بمصالحهم. ويتخوف تجمع المستأجرين- حديث التكوين- بأن لا يراعي تعديل القانون الحالي حقوقهم، لذلك يقولون إنهم يسعون للموازنة التي تحقق المصلحة العامة. ويشدّد "تجمع المستأجرين" على أنه لا يهدف للدفاع عن الاستغلال السيء للقوانين بواسطة المستأجرين، أو التهرب من سداد الأجرة، أو إطالة أمد التقاضي بما يفوّت على أصحاب العقارات مصلحتهم المشروعة. وخلال الأسابيع الماضية، نفذ ملاك العقارات عدداً من الوقفات الاحتجاجية، أمام مباني وزارة العدل ورئاسة مجلس الوزراء، للمطالبة بتعديل نصوص قانون إيجار المباني لسنة 1991م، ويشتكي الملاك من ضياع حقوقهم جراء سريان عقودات قديمة، لا تراعي للحالة الاقتصادية. وسلّم الملاك المحتجون مذكرة معنونة إلى وزير العدل، تطالب بتعديل القانون، خاصة فيما يتعلق بالمادة التي تتحدث عن (الإيجارة الحكمية)، التي تنص على أنه لا يحق للمالك المطالبة بإخلاء المستأجر للعقار إلا بعد سبع سنوات من إبرام أول عقد بين الطرفين، كما طالبوا بإنشاء محاكم خاصة لقضايا الإيجارات. المدافعون عن وجهة النظر ، يقولون إن ملاك العقارات يتأثرون كغيرهم يومياً بزيادة الأسعار، جراء سياسة التحرير الاقتصادي التي طبقتها الحكومة الانتقالية، وإن القانون يقف الآن حجر عثرة في طريق تحصيل حقوقهم، بما يتماشى مع الوضع العام. ويقول هؤلاء، "إذا كانت الحكومة ترى أن لديها مسؤولية اجتماعية نحو المستأجرين، وهذا صحيح، فعليها وحدها أن تضع الخطط لبناء مساكن رخيصة يسكنها المستأجرون، أو أن توزع لهم أراضي مجاناً، وتأمر البنك العقاري وغيره من البنوك ببناء مساكن ومجمعات سكنية للموظفين، وذوي الدخل المحدود، على أن تخصم تكلفة البناء من الإيجارات الشهرية التي تدفعها تلك الفئات". في الثالث من أغسطس الجاري، أصدر وزير العدل قراراً بتشكيل لجنة لإعداد تصور مبدئي لمشروع إيجار المباني، برئاسة المستشار العام لإدارة التشريع، كما شملت عضويتها ممثلاً من إدارة التشريع، وممثل ملاك العقارات، وممثلاً من اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين، بالإضافة لمحامٍ مختص في مجال الإيجارات. بالمقابل، يرى ناشطون في تجمع المستأجرين، أن تشكيل اللجنة فيه إخلال واضح بالموازنة الواجبة في المصالح، إذ أشار عضو التجمع، معتز الجيلي، إلى أن قرار وزير العدل منح عضوية داخل اللجنة لممثل ملاك العقارات، في ظل عدم وجود ممثل للمستأجرين، وهذا فيه إخلال للموازنة المطلوبة. وقال في ظل هذا الوضع، فإن القانون الجديد قد يأتي غير متزن في مراعاة المصالح المتعارضة وحماية المصالح العامة، وطالب بتمثيل المستأجرين للاطمئنان على إصدار قانون يخدم الجميع. ويسعى التجمع لتوحيد صف المستأجرين والتصدي لمحاولة التغول على حقوقهم، ويقترح بعضهم أن تنحصر المطالب في عدد من النقاط أولها، إلغاء أمر الإخلاء بسبب الحاجة الماسة وخضوع العقد لشريعة المتعاقدين، ثانياً إلغاء الإخلاء بسبب الفشل في السداد، واعتبار أي فشل في السداد هو مطالبة مالية يحق للمؤجر المطالبة بها، دون أمر بالإخلاء، كذلك إلغاء ما يسمى بأجرة المثل. وفي السياق، يقول المحامي "محمد إبراهيم مصطفى"، إن المشكلة ليست في القانون، وإن العيوب التي يتحدث عنها البعض طفيفة ويمكن معالجتها، وسوف تتلاشى إذا تمت معالجة المشكلة الأساسية، وهي كما في طريقة تطبيق القانون، التي وصفها بالعقيمة وسلحفائية المحاكم في حسم القضايا. ويرى "مصطفى"، بحسب مقال نشره على صفحته ب"فيسبوك"، تعديل القانون وإلغاء مادة "الحكمية"، ستظل المعضلة قائمة ما لم تحل مشكلة المحاكم، وذلك بإنشاء محاكم خاصة بالإيجارات، وأن تفعل المادة (18) من قانون إيجار المباني، وأن تنتهي أحكام الإيجارات بالاستئناف فقط، وتحديد مدة زمنية لانتهاء الدعوى الابتدائية والاستئناف، بحيث لا تتجاوز مدة التقاضي ال(6) أشهر. ويؤكد أن القانون سوف يتلاشى بمجرد تسريع آليات التقاضي، حتى فيما يتعلق بالاحتكام لمبدأ "العقد شريعة المتعاقدين"؛ لأن المشكلة ستظل قائمة طالما أن استرداد العقار مرهون بحكم المحكمة وتنفيذه. الحداثة