يبدو أن زيارة رئيس مجموعة البنك الدولي ستكون الانطلاقة نحو بداية خطوات انتعاش الاقتصاد السوداني بعد سنوات من الانكماش والتدهور مما انعكس على معاش الناس، وتعد زيارة رئيس البنك الدولي للبلاد الأولى من نوعها، بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الأسبق للبنك الدولي روبرت ماكنمارا، الذي جاء للسودان قبل ما يقرب من 50 عامًا ليشهد اتفاقية سلام أديس أبابا في العام 1972م والتي أُريد لها إنهاء أطول حرب أهلية بأفريقيا. د. حمدوك: السودان لديه الفرصة للعودة لطريق النمو القوي
ويقول رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك أثناء خطابه بقاعة الصداقة اليوم بمناسبة زيارة رئيس مجموعة البنك الدولي للسودان ديفيد مالباس وإلقائه لخطابه السنوي من الخرطوم، إن ذلك يمثل فخراً للسودان وأفريقيا ويذكر بآخر زيارة للبنك الدولي قبل حوالي 50 عاماً. وأكد رئيس الوزراء أن السودان لديه الفرصة للعودة نحو طريق النمو القوي، وقال إن الله حبا السودان بكثير من الموارد، إذ يمتلك السودان 10% من المساحات الصالحة للزراعة فضلاً عن وجود رأس المال البشري والثروة الحيوانية الكبيرة.
وجدد حمدوك التأكيد والعزم على تحقيق سِلم دائم وتنمية مستدامة وديمقراطية ترقى لآمال وتطلعات الشعب، وكذلك تحقيق العدل والمساءلة والاستقرار بالإقليم.
وأوضح رئيس الوزراء أن الاقتصاد يحتاج إلى إصلاح عميق ومؤسس، وثمن عبدالله حمدوك دعم المجتمع الدولي والبنك الدولي للوصول إلى نقطة إعفاء الدين، وكذلك تمويل البنك الدولي لمشروعات بقيمة 2 مليار دولار في مجالات الصحة، المياه، الطاقة، وغيرها.
وقال إن الإصلاحات الاقتصادية التي تم اتخاذها مؤخراً عملت على خفض معدل التضخم، واستقرار العملية الوطنية في مواجهة العملات الأجنبية، وأكد على أهمية تطوير الخدمة للمجتمع السوداني.
و ألقى رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس خطابه السنوي للعالم من السودان اليوم بقاعة الصداقة في الخرطوم.
وقال مالباس إنه سعيد بالتحدث من أفريقيا والسودان في هذا الوقت التاريخي، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي يستفيد من التجربة السودانية.
وقال مالباس إن السودان عمل على تحسين الظروف بعد وراثة وضع اقتصادي سيئ ومدمر عقب عقود من الصراع.
وأشار مالباس لجهود السودان للخروج من التحديات التي تواجهه مثل تأثيرات جائحة كورونا، دخول الكثير من اللاجئين إضافة الى الفيضانات.
وأشاد رئيس مجموعة البنك الدولي بجهود السودان في الاستقرار والتنمية وخفض سعر الصرف، كما حيا في ذات الوقت مجهودات السلطة المدنية والعسكرية للعمل معاً من أجل استقرار السودان، وقال ليس هناك تنمية بدون استقرار .
وقال مالباس إن البنك الدولي يعمل على زيادة معدل النمو في القطاعات المختلفة مثل التعليم والزراعة، وأشار لضرورة زيادة التنافسية لقيادة التحول الاقتصادي.
وأبان أنهم يفكرون في دعم الاقتصادات وزيادة التنمية في المستقبل القريب وكذلك استخدامات التكنولوجيا في الاقتصاد وشدد مالباس في خطابه السنوي للعالم من الخرطوم على ضرورة دعم مشاريع الحكومات والمؤسسات الاقتصادية لمجابهة الفقر، وأوضح أن البنك الدولي يدعم الدول الأكثر فقراً والدول التي تراجعت معدلاتها التنموية، وكذلك دعم الاستقرار الاقتصادي.
وأشار مالباس لعدة موضوعات مهمة فيما يلي التطور الاقتصادي متمثلاً في الاستفادة من التحول الرقمي لزيادة معدلات التنافسية، استدامة التنمية وزيادة دعم خطط الكهرباء، والاستثمار البشري، وأكد أهمية التعاون الدولي ومؤسسات التمويل العالمية لمساعدة السودان اقتصادياً. زيارة رئيس البنك الدولي حقتت مكاسب كبيرة للسودان، حيث أعلنت مسؤولة مستشار وزير المالية للتعاون الدولي هبة محمد علي، عن اتفاق مع البنك الدولي، لتُمول المؤسسة الدولية للتنمية 17 مشروعاً كبيراً، تشمل الطاقة والري والزراعة، بتكلفة ملياري دولار.
وسدد السودان ديونه للبنك الدولي في مارس 2021، بقرض تجسيري من أمريكا، مما جعله مؤهلاً لتلقي تمويل تنموي.
وقالت مستشارة وزير المالية للتعاون الدولي، هبة محمد علي إن "حكومة الانتقال اتفقت مع البنك الدولي على قيام المؤسسة الدولية للتنمية بتمويل 17 مشروعاً بتكلفة ملياري دولار".
وأشارت إلى أن "التمويل سيخصص لمشاريع الطاقة والري والزراعة، إضافة إلى مشاريع أخرى في المناطق المهمشة والمناطق التي شهدت صراعات".
وقالت المستشارة إن "المشاريع ستُنفذ في كل مناطق السودان بالتركيز على إقليم دارفور وجبال النوبة وشرق السودان".
وطالبت المسؤولة، الوزارات بتقديم تصورات للمشاريع، باعتبارها مسؤولة عن تنفيذها، ودعت إلى قيام وحدة عمل متابعة للمشاريع تضم ممثلين من الحكومة والبنك الدولي.
وأضافت"، "السودان اشترط أن لا يتم منحه الأموال ما لم تكن هناك نتائج على الأرض حتى لا نجد أنفسنا مديونين".
ويُعد هذا التمويل من مؤسسة التنمية الدولية (ايدا) التابعة للبنك الدولي، الأول من نوعه للسودان مُنذ 27 عامًا، وقد ظلت البلاد محرومة من هذا التمويل بسبب ديونه على البنك الدولي ووجوده في قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وأشار الدكتور جبريل ابراهيم وزير المالية والتخطيط الاقتصادي في مداخلته إلى أن السودان ظلّ محروماً لقرابة ثلاثة عقود من الوصول للموارد المتوفرة لدى المؤسسات المالية الدولية، مما أدى لحدوث فجوة تنموية كبيرة بالبلاد، وبالتالي عدم قدرتها على تحقيق أي تقدم في أي من مؤشرات التنمية في ما يخص أهداف التنمية المستدامة، أو التنمية البشرية.
أيضاً تناول وزير المالية قضية التحويلات من وإلى البنوك السودانية، حيث أنه ورغم رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإصدار قرار من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، إلا أنه ما تزال تواجه القطاع المصرفي عدد من التحديات مع البنوك الأمريكية والتي تعودت البنوك العالمية على تقليد ما تفعل، وفي ذلك الصدد أشار رئيس البنك الدولي لإمكانية تقديمهم الدعم موجهاً بالتواصل مع مكتبهم القُطري للترتيب وحلحلة هذا الملف.
من جانبه أبدي رئيس مجموعة البنك الدولي السيد ديفيد مالباس – خلال جلسة المباحثات – تأمينه على الشرح الدقيق والمفصل الذي قدمه رئيس مجلس الوزراء، مؤكداً أن البنك الدولي يتعاون مع السودان منذ فترة، مُعبِّراً عن تقديره الكبير بالعمل الشاق والإنجازات التي تحققت خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى أنها أمر صعب الحدوث، وأمن كذلك على حديث د. حمدوك الذي أشار فيه إلى أن اقتصاد الدول يبنى على قطاع الزراعة بشقيها النباتي والحيواني.
وأشار السيد مالباس للجانب السوداني لمسألة توافر إرادة إيجابية كبيرة لدى المجتمع الدولي لدعم السودان في مختلف المجالات، مستدلاً على أن وصول السودان إلى نقطة اتخاذ القرار في ما يتعلق بمبادرة الهيبك للدول الفقيرة المثقلة بالديون خلال هذه الفترة القصيرة تمثل أمراً غير اعتيادي، ولم يحدث في أي مكان في العالم من قبل، مؤكداً كذلك بأن البنك الدولي سيعمل مع الحكومة ووزارة المالية والبنك المركزي في قضايا مثل معالجة عجز الموازنة.
الجدير بالذكر أن جلسة المباحثات حضرها كل من وزراء شؤون مجلس الوزراء والخارجية والمالية والتخطيط الاقتصادي ومحافظ البنك المركزي ووكيل وزارة الاستثمار، ومستشاري رئيس الوزراء للشراكات الدولية والتعاون الدولي، ومن جانب البنك الدولي، نائب رئيس مجموعة البنك الدولي السيد حافظ غانم، ونائب الرئيس الإقليمي لمؤسسة التمويل الدولية السيد سيرجيو بامينتا، والمديرة القُطرية للبنك الدولي السيدة ميلينا ستيفانوفا، ومدير عمليات البنك الدولي السيد محمد عثمان حامد. و رحب اتحاد أصحاب العمل بزيارة رئيس مجموعة البنك الدولي للبلاد وأكد اتحاد أصحاب واتحاداته التجارية والصناعية والزراعية والإنتاج الحيواني والنقل والصناعات الصغيرة ترحيبه بالزيارة التاريخية بالسيد ديفيد مالباس رئيس مجموعة البنك الدولي والوفد المرافق لسيادته للسودان.
وأشار بيان صادر عن الاتحاد إلى أهمية الزيارة فى هذا التوقيت الذي يواجه فيه السودان تحديات الانتقال الى مرحلة بناء السودان الجديد في جميع قطاعاته وبخاصة الاقتصادية، وأنها تكتسب أهمية قصوى على الصعيد السياسي والاقتصادي والدبلوماسي والاجتماعي .
وأشار البيان إلى أن زيارة ملباس والوفد المرافق له تعتبر شهادة إنجاز وتأكيد على نجاح الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها الحكومة الانتقالية وما حققته من إيجابيات بإفساح الطريق لعودة السودان للاندماج في المنظومة الاقتصادية والمالية العالمية وإلغاء جزء من ديونه الخارجية مما يمهد الطريق ايضاً الى القطاع الخاص الوطني الاستفادة من نوافذ التمويل بمؤسسات البنك الدولي والمؤسسات والصناديق الدولية.