من التجارب والمقارنة مع بعض شعوب الارض ، تتجلي لك ملاحظة تدني فضيلة الصبر في الروح السودانية ، يصيب السوداني الجزع وهو ينتظر في صف البنزين ، في صف الرغيف ، في صف الغاز، يتعالي الصياح وربما تشابكت الايادي . بقية شعوب الارض أيضا لها من المشاكل ما تتغلب عليه بفضيلة الصبر، انتظار قطار الانفاق في محطات لندن يوم الاحد يحتاج الي صبر حيث يتعثر جدول تسيير القطارات ، تقطع الوقت انتظارا بقية الشعوب في قراءة الروايات أو الصحف في أزمان قبل ظهور الهواتف الذكية ، يبقي الكتاب أيضا متسيدا المشهد لضخ جرعات الصبر ولغة هم المنع والحبس كما هو نقيض الجزع. فضيلة الصبر تقاس بها شخصية المرشح لمنصب عام ، في المناظرات العامة تتجه أسئلة المنصة لتختبر صبر المرشح ، تطرح عليه المواضيع التي تحتاج الي كثير من ضبط النفس واختيار عبارات الرد التي تحمل أوجه متعددة ، هي الديمقراطية في ممارستها تحتاج الي الصبر عليها ومزيدا من الديمقراطية يستهلك صبرا مقدرا وثباتا يفارقه الجزع والتململ ، عبرعن ذلك راحلنا المقيم محمد أحمد المحجوب – عليه رحمة الله – في أكثرمن مناسبة ، الديمقراطية تأتي بمزيد من الديمقراطية هوصدي مقاله يأتيك عبر التاريخ. بالرجوع الي ما نحن عليه اليوم في قمة مجلس حكم أمة السودان ، تتلخص الازمة في غياب فضيلة الصبر، أعضاء المجلس السيادي من صدع منهم بالقول ومن وافق صمتا ،لا يصبر بعضهم علي مقال بعض ، طرح الرأي يقابله وزنه وعياره من الرأي ، في مجلسنا السيادي الموقر يتمايز الخطاب بين المكون العسكري والأخر المدني ، تختلف أوزان الاراء بالموقع الذي صدرمنه الرأي ، نقيض الديمقراطية يسير الجدل بين أعضاء المجلس . يحتاج أعضاء المجلس السيادي الي جرعات متفاوتة من فضيلة الصبر، لقاح هام وضروري لتعلم أدب الديمقراطية والتحاور في فضاء دولة المواطنة التي لا تمايز بين وجهات نظر المواطنين بحسب موقعهم في الخندقين المتقابلين ، العسكري والمدني ، تلك روح وخنادق يجب أن تزول بمزيد من الصبر علي تحمل بعضنا البعض ، الاعتراف بما ينقص الانسان السوداني هو بداية حل المشكلة ، تعلو علاقة الابوة والبنوة وتخرج معنا في العمل العام والحياة السياسية ، تتفرع أيضا المقامات في المجلس السيادي الي مكون عسكري له حق الفيتو والمكون المدني يكاد لا يبين له رأي وان أظهر تعبيرا فهو مردود من حيث أتي وبأقسى التعابير. ربما المطالبة بخلع من جاء بالرأي ورميه بعيدا عن مجلس التحاور. أعضاء المجلس السيادي هم رأس الدولة في السودان ، التناغم بين المكونات يتحقق ابتداء بسلوك اعضاء المجلس قبل أن تنظمه نصوص الوثائق عند كل منعطف ، ما يطرحه ود الفكي يجب أن يرد عليه المجلس باحترام للعضوية لا بطلب ابعاد من صدع بوجهة النظر، الجزع من المقال المخالف يشي بضيق الصدر وانعدام فضيلة الصبر، هناك مهام ضمنية فاتت علي المجلس ليعبر بالشعب الفترة الانتقالية متوشحا شعارات الثورة ، حرية الرأي مهما صغر مصدره ، السلام لمن يعتقد برأي مخالف ثم العدل بين الموطنين في الحقوق والواجبات، المران والممارسة الديمقراطية وتقبل الرأي الاخر يبدأ من المجلس السيادي لينداح علي كل مكونات الامة السودانية. وفي الختام هناك حاجة ماسة لتواضع أعضاء المجلس السيادي والاعتراف بحاجتهم الي ضبط النفس والأخذ بفضيلة الصبر لقاحا يعبر بالسودان خلال الفترة الانتقالية ويحصن البلاد من سطوة الدكتاتورية وحكم الفرد. وتقبلوا أطيب تحياتي. [email protected]