أفاق الوطن و الشعب السوداني علي طامة أخري تأتيه من قيادة الجيش.. يتميز هذا الإنقلاب عن كل ما سبقه من إنقلابات عسكرية، بأنه إنقلاب بطعم الغدر و نكهة الخيانة.. و عنوانه الخسة و نقض العهود..إنقلاب مشوه، مذموم، كريه، مرفوض و ساقط بإذن الله. تمكن الغادر البرهان من تسلق سلم كراهية الشعب و إحتقاره بسرعة صاروخية، لم يسبقه عليها إنقلابي آخر في تاريخ السودان، علي كراهيتنا لهم جميعا.. و جاء هتاف الجماهير العفوي يجسد هذه الكراهية و الإزدراء و الإحتقار… و هذا زرعه الذي بذر و ذلك حصاده المستحق. يتميز الإنقلابيون عادة بالأنفة و الكبر، حيث يتلون بيانهم الأول و هم واثقون من أنفسهم، يتحملون مسؤولية مغامرتهم برجولة و تحدي، إلا هذا البرهان، طفق يكذب و يراوغ و يتلون مستجديآ مساندة و إعتراف لن بحصل عليه من أي مواطن وطني غيور.. و جاء رفض بيانه الأول قبل أن يذيعه، كما لم يهتم أحد بالإطلاع علي او متابعة مؤتمره الصحفي، فلقد أسقطه الشعب من وعيه و إهتمامه، و سيسقطه من حيث يقف إلي حيث ينتمي في مزبلة التاريخ. إن الأفئدة تغلي و القلوب لها اوار، و الغضب يشتعل في النفوس..المدن و القري تفور و تمور.. و الرفض المطلق العنيد يتجلي في كل حركة و سكنة و في كل تصريح و مقابلة و التحدي عنوان المرحلة و الإصرار سلاحها الذي لن تهزمه بندقية او طلقة في يد قاتل فاسد فاشل، مهما صور له خياله المريض بأنه سيهين هذا الشعب الأبي مرة أخري. لقد بادر كل الشرفاء من أبناء و بنات هذه الأمة العظيمة بإعلان موقفهم الرافض للإنقلاب دون تردد او خوف أو وجل، و خرجوا الي الشوارع منددين، رافضين، معلنين عن تمسكهم بمدنيتهم و بقيادتهم المدنية، رغم علمهم بأن جنرالات اللجنة الأمنية للمخلوع الفاسد يتربصون بهم.. و لكن عهد الخوف قد ولي.. لقد كان خروج الشعب بالملايين في الحادي و العشرين من الشهر الجاري، إستفتاء حر علي خيار الشعب للمدنية سبيلآ و مبتغي، و للحرية و الديمقراطية هدفآ و غاية.. و أن الشعب قد قرر وداع حكم العسكر الباطش الفاشل الفاسد إلي الأبد.. منتقلآ الي رحاب الديمقراطية و التمدن و الحداثة.. أملآ في خلق وطن حر، ديمقراطي يتعايش أهله بسلام و حرية دون خوف من حاكم او سلطة ، محفوظ الكرامة و مصان العرض، في دعة من العيش في وطن لم يبخل باطنه او ظاهرة بنعمة او خير إلا بذلها. أقول إن الحرب طويلة مع قوي الردة، بائعي ضمائرهم، صغار النفوس، معدومي الحلم و كارهي وطنهم. و هي حرب لا بد أن يكون النصر فيها للشرفاء القابضين علي جمر القضية.. حتي و إن خسروا معركة فالحرب سجال. إن نار الغضب المشتعل في النفوس المشرئبة للنصر، التواقة للشهادة في سبيل الله و الوطن ستحرق كل متآمر، خائن، منافق، ناقض للعهود.. و لا خوف علي أمة هذا هو شبابها الذي رأينا… و لا مكان للحياد في المعارك الوطنية الوجودية الكبري.. فلا نامت أعين الجبناء.