"حكامات السودان".. شاعرات يطفئن نار الحرب بقصيدة    منى مجدي: السلام رسالة وأنا معه حتى آخر العمر    الهلال يتأهل ويواجه الجيش الرواندى في نصف نهائي سيكافا    سفارة السودان القاهرة وصول جوازات السفر الجديدة    تبدد حلم المونديال وأصبح بعيد المنال…    ميسي يحقق إنجازا غير مسبوق في مسيرته    ترامب: الهجوم على قطر قرار نتنياهو ولن يتكرر مجددا    جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث الغارات الإسرائيلية على الدوحة    في الجزيرة نزرع أسفنا    الدعوة إلى حل الجيش السوداني: استنارة سلمية من جنا النديهة أم دعوة للانتحار الوطني؟    السودان..تصريحات قويّة ل"العطا"    اعتقال إعلامي في السودان    نوتنغهام يقيل المدرب الذي أعاده للواجهة    الصقور خلصت الحكاية… والهلال اليوم تبدأ الرواية    شاهد بالفيديو.. حسناء الإعلام السوداني تستعرض جمالها بإرتداء الثوب أمام الجميع وترد على المعلقين: (شكرا لكل من مروا من هنا كالنسمة في عز الصيف اما ناس الغيرة و الروح الشريرة اتخارجوا من هنا)    أعلنت إحياء حفل لها بالمجان.. الفنانة ميادة قمر الدين ترد الجميل والوفاء لصديقتها بالمدرسة كانت تقسم معها "سندوتش الفطور" عندما كانت الحياة غير ميسرة لها    شاهد بالصور.. مودل وعارضة أزياء سودانية حسناء تشعل مواقع التواصل بإطلالة مثيرة من "العين السخنة"    شاهد بالصور.. القوات المسلحة تتمدد والمليشيا تتقهقر.. خريطة تظهر سيطرة الجيش والقوات المساندة له على ربوع أرض الوطن والدعم السريع يتمركز في رقعة صغيرة بدارفور    شاهد بالصور والفيديو.. شاب سوداني يشعل مواقع التواصل الاجتماعي ببلاده بزواجه من حسناء تونسية وساخرون: (لقد فعلها وخان بنات وطنه)    شاهد بالصور.. القوات المسلحة تتمدد والمليشيا تتقهقر.. خريطة تظهر سيطرة الجيش والقوات المساندة له على ربوع أرض الوطن والدعم السريع يتمركز في رقعة صغيرة بدارفور    شاهد بالفيديو.. أطربت جمهور الزعيم.. السلطانة هدى عربي تغني للمريخ وتتغزل في موسيقار خط وسطه (يا يمة شوفوا حالي مريخابي سر بالي)    شاهد بالصورة.. محترف الهلال يعود لمعسكر فريقه ويعتذر لجماهير النادي: (لم يكن لدي أي نية لإيذاء المشجعين وأدرك أيضا أن بعض سلوكي لم يكن الأنسب)    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    بث مباشر لمباراة السودان وتوغو في تصفيات كأس العالم    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    والي الخرطوم يدين الاستهداف المتكرر للمليشيا على المرافق الخدمية مما يفاقم من معآناة المواطن    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    هذا الهجوم خرق كل قواعد الإلتزامات السياسية لقطر مع دولة الكيان الصهيوني    إيران: هجوم إسرائيل على قيادات حماس في قطر "خطير" وانتهاك للقانون الدولي    نجاة وفد الحركة بالدوحة من محاولة اغتيال إسرائيلية    ديب ميتالز .. الجارحى ليس شريكا    "فيلم ثقافي".. هل تعمد صلاح استفزاز بوركينا فاسو؟    «لا يُجيدون الفصحى».. ممثل سوري شهير يسخر من الفنانين المصريين: «عندهم مشكلة حقيقية» (فيديو)    التدابير الحتمية لاستعادة التعافي الاقتصادي    ضبط (91) كيلو ذهب وعملات أجنبية في عملية نوعية بولاية نهر النيل    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    تمويل مرتقب من صندوق الإيفاد لصغار المنتجين    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    مواعيد خسوف القمر المرتقب بالدول العربية    وزارة المعادن تنفي توقيع أي اتفاقية استثمارية مع شركة ديب ميتالز    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تفاصيل جديدة حول جريمة الحتانة.. رصاص الكلاشنكوف ينهي حياة مسافر إلى بورتسودان    قوات الطوف المشترك محلية الخرطوم تداهم بور الجريمة بدوائر الاختصاص وتزيل المساكن العشوائية    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    من صدمات يوم القيامة    "وجيدة".. حين يتحول الغناء إلى لوحة تشكيلية    فعاليات «مسرح البنات» في كمبالا حنين إلى الوطن ودعوة إلى السلام    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة هيكلة الجيش أم الدولة؟ (2–10)
نشر في الراكوبة يوم 09 - 01 - 2022

عمليات دهس الشباب الأعزل الثائر في الخرطوم بواسطة المدرعات العسكرية بينها المدرعة التي تحمل الرقم (29789) التابعة للجيش الحكومي في السودان في أم درمان بتاريخ 6 يناير 2021م بجانب قتل البعض الآخر بأعيرة نارية مباشرة – وكما أوردنا في خاتمة فاتحة هذه السلسلة – يضع القوى السياسية في الخرطوم في نفس مستوى الجيش السوداني الحكومي في التعاطي مع القضايا السودانية ما لم تغير هذه القوى نظرتها إلى هذا الجيش الذي تصفه تلك القوى بأنه مؤسسه عريقة نظيفة لا يجب المساس بها.
لذا وجب أن تُلفت الحوادث البشعة لقتل السباب الأعزل في الخرطوم أول أمس من قبل الجيش تحديدا دون غيرهم من القوات، والتي هي الأخرى تواصل الأخرى في أماكن متفرقة ومتزامنة مع قتل الجيش ومؤتمرة بأمره، وجب أن تلفت جميع هذه الحوادث و تلك السابقات لها إلى حقيقة أن الجيش ليس كما تحاول هذه القوى تسويقه، وإنما هو مؤسسة إجرامية مسيسة تسيطر عليها أو تتخللها بعض قوى الخرطوم بدرجات متفاوتة للتأثير عليها و إستخدامها لخدمة أغراض و توجهات سياسية معينة، خصوصا أنه لم يكن سرا كيف تمت أدلجة هذه المؤسسة و المؤسسات الأمنية الأخرى التي أنشأت لذات الغرض في الفترة الأخيرة أو تلونت مرارا في الفترة ما بعد الإستعمار الإنجليزي-المصري، و ما خطاب الجنرال صلاح قوش إلى السيد صديق يوسف القيادي الشيوعي المعارض طالبا منه إنتداب بعض أفراد أسرته و من يرشحهم للإلتحاق بجهاز الأمن و المخابرات تحت إمرة الأول، إلا "بشهيد" يكشف علاقات هذه القوى مع تلك المؤسسات الأمنية المختلفة، ناهيك عن الأحزاب و المجموعات التي لم ينكشف أمرها بعد.
خطاب مدير جهاز الأمن السابق السيد صلاح قوش إلى الزعيم الشيوعي السوداني بالنمرة / ج أ م و / م م ع – بتاريخ أكتوبر 2018م – رغم رد السيد صديق يوسف الرافض لذلك – يبين بوضوح كيفية بناء هذه المؤسسات، وهذا بالطبع ينسحب إلى مؤسسات الجيش والشرطة بالدرجة الأولى، وكذلك علاقة القوى السياسية بهذه المؤسسات والدفاع المستميت عنها، وبالتأكيد سنقف مفصلا عند شكل وكيفية بناء المؤسسة العسكرية خلال هذه السلسلة. تصريحات قيادات قوى الخرطوم المعارضة للنظام السابق وقوى الحرية – الحاضنة السياسية للحكومة الإنتقالية بشكل أدق – المشيدة بالعسكر وقائدها العام الجنرال البرهان قائد إنقلاب 25 أكتوبر 2021م وتمجيده و وصفه على أنه جنرال ماهر و أن الجيش في أقوى حالاته و يجب دعمه، رغم مجزرة الإعتصام التي لا نمل تكرارها والحديث عنها، فهذه التصريحات تعد دليلا ضافيا إلى أن قوى الخرطوم لا تنطلق من منظور شامل للأزمة السودانية وإنما من منظورها المحلي الضيق مع بعض الأستجابة لبعض القوى المطلبية، فيما قد تنعدم رغبتها في الإستماع والإستجابة لقوى المقاومة التي لا ترى في مؤسسة الجيش ومليشياتها غير عصابات تحترف الكراهية والعنف والقتل ويقودها سماسرة همهم جني الأموال والمتاجرة بكل شيء بما في ذلك أرواح المنتسبين إليها، وقصص عشرات الآلاف المتوفين الذين تصرف مرتباتهم في هذه المؤسسة تشيب لها الولدان، رغم أن بعض الرؤى لهذه القوى التي لا تتخذ من الخرطوم مركزا لها، قد يكون المخرج الأوحد لما يعانيه السودان.
كما أن تمجيد قوات – القوات المسلحة السودانية – ينظر على أنها قوات إجرامية من قبل مجموع كبير من المواطنين السودانيين يقدح في مسألة الحديث عن شعب سوداني موحد، لأن من أذاقته هذه القوات السحل والقتل والويل والعذاب لا يمكن أن تمثله قوى تمجد مصدر هذه البشاعات، خصوصا في مناطق الحروب والشباب السوداني الثائر اليوم والذي يسميها "قوات الاحتلال" وهو وصف أقرب إلى طبيعة المشكل السوداني في حال إقترن بالأساس الذي تشكلت عليه الدولة الحالية.
يلزم قوى الخرطوم السياسية في هذه المرحلة وبعد تكشف الأمر – على العالم برمته – أن تطرح أسئلة جادة حول هذه المؤسسات وحول نفسها، وكيف يمكن أن تلعب هي نفسها دورا محوريا وإستراتيجيا في المساهمة في حل المشكل السوداني، بحيث أن تدرك أنها ليست كل أوحتى أن تكون محور السياسة السودانية كما أنها ليست من يصك إذن الفعل السياسي، و أن زمام المبادرة السياسة لا يمكن أن يكون فقط بيد من يتحرك وفق إطارها، وإنما يجب أن تراجع هذه القوى مسيرة هذه القوات و جرائمها في مناطق السودان المتفرقة، والتعامل مع الجيش السوداني على أنه نتاج للأزمة السودانية، وإعتبار إختلالاته البنيوية أعلى تجليات الأزمة السودانية، وهو ما قد يشكل بداية حقيقية لهذه القوى لتحرير نفسها، ومدخل أولي يمكنّها من النظر إلى المشكل السوداني بصورة شاملة، إبتداء من مسألة تزوير التاريخ بينه تاريخ إستقلال السودان و إزاحة حوالي نصف قرن من الزمان كانت بداياته تأسيس هذه القوات الإستعمارية التي لا تعرف معنى الوطن والمواطن، و لا تعرف في مهنيتها غير الولاء لمؤسسيها و قيادتها التي تتشاركها المصالح والجرائم. وأنه ليس من سبيل المصادفة، ولكنه أيضا يلاحظ أن القاسم المشترك بين تأسيس بعض القوى السياسية والجيش معا، يمتد إلى ما قبل تأسيس الدولة "المعاصرة" ومن رحم الإستعمار الذي يعتقد البعض بجلاءه في إعلان يناير 1956م، لأن تاريخ إستقلال سودان (1821م – 2011م) كان يجب أن يؤرخ له بتحرير السودان 26 يناير 1885م حيث قيام أول حكومة سودانية، قبل الإنقلاب عليها 1899م من قبل سودانيين مستغلين في ذلك قوى إستعمارية أجنبية وضعت لبنات سودان اليوم.
يتضح – مما تقدم – أن بعض قوى الخرطوم ليست تتشارك الجيش تاريخ إنشاءه وحسب، وإنما يتشاركه بعضها جرائمه في مواضع عدة سنورد بعضها لاحقا، وهو ما يجعل هذه القوى في وضعية لصيقة جدا بالجيش ومؤسسات أخرى يتطلب إصلاحها إصلاح هذه القوى بالدرجة الأولى. لأنه وكما أشرنا ودللنا عليه بخطاب قوش المسرب وغيره، أن هذه القوى هي من أرست إلى حد ما قواعد البناء وطريقة الإنتماء إلى هذه القوات. ولهذا، فإنه يظهر أن القوى السياسية في الخرطوم في حوجة ماسة إلى إعادة صياغة نفسها وهيكلتها قبل الحديث عن إعادة صياغة أي من المؤسسات القائمة، لأن هذه المؤسسات هي الأخرى مجرد إنعكاس للقائمين على أمرها وأمر السياسة السودانية في المقام الأول، وأن الإتفاق على إختلال هذه المؤسسات هو إنعكاس لإختلال هذه القوى التي لا تنتهج غير الهروب إلى الأمام بحثا عن واقع مغايرا لحقيقة الواقع السوداني لقيام الدولة التي تنشدها.
أوجه التشابه بين بعض القوى السياسية والجيش والتداخل في ما بينها يتطلبنا معرفة ودراسة القوى السياسية المختلفة بالقدر الذي يتطلب الوقوف على كيفية بناء و إدارة الجيش السوداني و المؤسسات الأمنية الأخرى في السودان، و كذلك السياسات التي تم إتباعها لصياغة واقع اليوم و هذا التعقيد الذي لا يمكن أن يتم معالجته أو تجاوزه باتباع ذات النهج الذي جعل من سودان اليوم بؤرة للتوتر و الحروبات و الفساد والعصابات وغسيل الأموال والإرتزاق والإجرام العابر للحدود بما يهدد حيات مواطنيه من جهة والأمن و السلم الدوليين من جهة أخرى.
يتواصل..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.