* قوة ملثمة ومدججة بالسلاح اقتادتني من داخل غرفة الاجتماع بمقر الهيئة العامة للتأمين الصحي إلى سجن سوبا مباشرة * نقيب شرطة قال ليّ : انت ضيف عندنا ل(21) يومًا بأمر الطوارئ * بعض المعتقلين تم اقتيادهم من داخل "غرفة النوم" أو انزالهم من المركبات العامة * وجدتُ داخل السجن (3) قصر وجنسيات غير سودانية * وضع محمد الفكي وخالد سلك ووجدي صالح في "الحبس الإنفرادي" * تحدثت مع مبعوث الأممالمتحدة لحقوق الإنسان أداما ديانغ حول الأوضاع الصحية داخل السجن حاورته: سلمى عبدالعزيز
شنت السُّلطات الأمنية حملة اعتقالات واسعة طالت عدداً من الفعالين في الحِراك الثوري المشتعل منذ انقلاب ال25 من اكتوبر وعمدت على احتجاز المعتقلين في سجن سوبا.استمعت (الجريدة) لشهادة عضو لجنة أطباء السُّودان المركزية إحدى كيانات تجمع المهنيين السودانيين المعتقل منذ ال(8) من فبراير وحتى ال(24) منه . د.مهند محمد حامد ؛ فكان الآتي:
* بدايةً نرجو التحدث عن تفاصيل ما حدث ظهر الثامن من فبراير الماضي؟ – داهم فرد من جهاز الأمن يعمل في هيئة التأمين الصحي بولاية الخرطوم وبمعيته قوة أمنية ملثمة و مدججة بالسلاح قاعة الإجتماع الخاص بمدراء الادارات داخل مباني الهيئة يوم الثلاثاء ال(8) من فبراير والساعة تقترب من الثانية ظهرًا واقتادوني إلى الخارج حيث كان في انتظارنا سيارة خالية من اللوحات وأخرى تعرف محليًا بال(شريحة) و(تاتشر) أيضًا خالي لوحات .
*ويتابع: وضعت قطعة من القُماش عُصبت بها عيناي ثم أخذ ضابط يبدو أنه قائد المجموعة المنفذة للاعتقال بيانات حول العمر والسكن والمهنة وأجرى جرد لمقتنيات الحقيبة الشخصية من هاتف وساعة وغيره، وطالبتُ مانحًا احدهم مفتاح السيارة احضار أدوية خاصة بمرض ضغط الدم وبخاخ أزمة ثم تحركت القوة ، وعلمتُ ونحن على متن السيارة رغم العُصبة والظلام أننا في طريقنا إلى سجن سوبا.
*هل تم تدوين أي بلاغات في مواجهتكم؟ مطلقًا؛ فور الوصول إلى سجن سوبا انسحبت القوة المنفذة للاعتقال وتم تسليمي لنقيب قال ليّ : انت ضيف محتجز وفقًا لأمر الطوارئ ل(21) يومًا قد تزيد دون توضيح اسباب الاعتقال. القوة المنفذة للاعتقال عمدت على اخفاء نفسها قدر الامكان خوفًا من التعرف عليهم مستقبلاً وشعرتُ من خلال الحديث الدائر بينهم طوال الطريق إلى سجن سوبا بعدم الاقتناع بما يقومون به ولكنهم مجبرين على تنفيذ التوجيهات.
*كيف يبدو سجن سوبا من الداخل؟ فور الإنتهاء من اجراءات أخذ البيانات المعهودة تم ادخالي إلى القسم (6) وهُناك وجدت عدداً كبيراً من عضوية لجان المقاومة وأيضًا زميل الدراسة الجامعية د.معتز بشير الذي اخذني في جولة سريعة داخل السجن وبعض الحِراسات. بلغ عدد المعتقلين في حراسة رقم (72) فقط ال(74) معتقلاً منهم من تم اعتقاله من داخل غرفة نومه خلال ساعات متأخرة من الليل وهناك من تم اعتقاله من الشوارع ، ومن تم انزاله من المركبات العامة ومن ثمة اعتقاله ، وهناك من تم ترحيله من مباني (الفيدرالية) عقب التحفظ عليهم ليوم أو يومين، ومن تم ترحيله من محتجزات موقف شندي المعروفة ب(التلاجات) . وقد لاحظت أنني الوحيد الذي تم اعتقاله من مقر عمله واحضر إلى السجن في منتصف النهار . كافة الاعتقالات كانت تحدث أما في ساعات الصباح الأولى أو ساعات متأخرة من الليل. -هُناك ايضًا تفاوت في الأعمار فأكبر المعتقلين يتجاوز عمره ال(54) عامًا وأصغرهم يبلغ عمره ال17 عامًا ، وبلغ عدد القصر في سجن سوبا (3) قضوا (21) يومًا ، وتم التجديد لهم قُرابة الإسبوعين ، ومن ثمة تم الافراج عنهم مؤخراً. -وهناك أيضًا معتقلين من جنسيات غير سودانية، وجدتُ عامل "اثيوبي" وطالب " صومالي" هؤلاء ايضًا تم حبسهم ل(21) يومًا والتجديد لهم ، اعتقد ان فترة اعتقالهم تجاوزت ال(30) يومًا وتم اطلاق سراحهم مع المجموعة الأخيرة.
*هل تم التحقيق مع أيً من المعتقلين في سجن سوبا؟ تم التحقيق مع مجموعة مكونة من (18) شخصاً داخل السجن بواسطة المخابرات العامة، وهؤلاء تم اقتيادهم وحبسهم لمفردهم في حراسات القسم ال(7) . والملاحظ أن هذه المجموعة هي فقط التي تم التحقيق معها، منذ وصولي لم يتم التحقيق مع أي متحجز آخر عدا المذكورين آنفًا.
*هل يوجد معتقلين في الحبس الانفرادي؟ منذ دخولي السجن في (8) فبراير وجدت شقيق وجدي صالح ، ويدعي محمد صالح في "زنزانة" منفردة في الحبس الإنفرادي في الطابق العلوي، وقد كان ممنوع من الاختلاط مع بقية المعتقلين ، وظل في محبسه منذ ذلك التاريخ ، ما طلعوه إلا يوم (24) وهو يوم زيارة المبعوث الخاص بملف حقوق الإنسان صباحًا ، وقد تم اطلاق سراحه في مساء اليوم نفسه بمعية عدد كبير من المعتقلين.
*ماذا عن معتقلي لجنة إزالة التمكين (المجدة) وبلاغ خيانة الأمانة؟ تم حبس كُلاً من محمد الفكي سليمان وخالد عمر يوسف ووجدي صالح والطيب عثمان والمقدم عبدالله والمحامي عوض كرنديس ، تم وضعهم في حبس انفرادي وتخصيص قسم كامل بمفردهم ويسمى بالقسم (8) . وترتيب الأقسام داخل سجن سوبا كالآتي : أولاً القسم (6) ويضم عضوية لجان المقاومة والمحامين والأطباء والإعلاميين، ثم القسم (7) وبه (18) معتقلاً يتم التحقيق معهم بواسطة المخابرات العامة . ثم القسم (8) الذي خُصص لمجموعة لجنة التمكين.
* هل تمكنت من الحديث معهم أعني مجموعة بلاغ خيانة الأمانة ؟ التقيتُ لمرة واحدة فقط بمحمد الفكي سليمان صبيحة اليوم الثاني من اعتقاله لدقائق مر على مقربة من القسم وسألته عن سبب اعتقاله ورد بأنه بلاغ خيانة الأمانة ثم مضى ولم التقي ببقية المجموعة أو به إلا في (24) فبراير ، خلال زيارة مبعوث الأممالمتحدة أداما ديانغ ، وتم استدعائهم لمقابلته.
**ماهي أبرز النقاط التي تحدثتم فيها مع مبعوث الأممالمتحدة لحقوق الإنسان " أداما ديانغ "؟ كان واضحًا من خلال تصرفات ادارة السجن بأن هناك مايحدث فقد تم احضار السجناء لنظافة باحة السجن وقتها كنا مضربين عن الطعام وكانت بقايا الخبز الجافة في كل مكان، تمت نظافته بصورة جيدة، سمعنا حديث هنا وهناك عن زيارة مسؤول ما خلال اليوم. – تم استدعائي من القسم ال(6) اضافة لمحمد الفكي سليمان وخالد عمر ووجدي صالح والطيب عثمان للجلوس مع مبعوث حقوق الانسان عقب جولة سريعة له داخل السجن. كان من الواضح أنه يمتلك معلومات مسبقة عن كيفية الاعتقال ومنع الزيارة أو الهاتف.. الخ . ولكنه اراد أن يستمع للتأكد فقط. -الحديث دار جُله حول الأوضاع داخل سجن سوبا حيث بلغ عدد معتقلي الرأي فيه ل(127) معتقلاً، تحدثت ايضًا بحكم عملي كطبيب عن الرعاية الصحية ونوعية الطعام المُقدم وعدد "دورات المياه"مقارنة بعدد السجناء، اضافة للأمراض المعرض الاصابة بها داخل السجن،واشرنا كذلك للاضراب عن الطعام الذي نفذه المعتقلون على مرحلتين.
*اليوم الأخير؟ عقب جلسة مبعوث حقوق الإنسان تم اطلاق سراحي بمعية (13) آخرين بينهم محمد صالح ،شقيق وجدي صالح ، اقتادونا بواسطة سيارات خالية لوحات إلى قسم بحري شرق بكافوري ودونت في مواجهتنا بلاغ "ازعاج عام" ثم افرجوا عنا بالضمانة.