في حلقة من مؤامرات الإفلات من العقاب بالتستر على الجناة وطمس الأدلة لمعالم جرائم اغتيال الشهداء الأبرياء بدم بارد. أصدر عضو مجلس سيادة السلطة الانقلابية، رئيس لجنة الطوارئ الصحية بالسودان عبد الباقي عبد القادر قراراً يقضي بتشكيل لجنة لدفن مئات الجثث مجهولة الهوية بثلاجات المشارح بمستشفيات العاصمة الخرطوم، وهي تمثل قضية رأي عام في السودان، إذ تربطها بعض الدوائر بحادثة فض الاعتصام وحالات الإخفاء القسري للثوار وسط نفي السلطات الانقلابية. ووفق إحصاءات رسمية هناك حاليا أكثر من 2300 جثمان موجود في 3 مشارح بمدينة الخرطوم موزعة على 3 مستشفيات حكومية، هي أم درمان، وبشائر، والتميز الأكاديمي سعتها جميعا 120 جثمانا. أصل الجريمة في 3 يونيو 2019، قامت قوات اللجنة الأمنية بدعم من مليشيات الدعم السريع بفض اعتصام القيادة العامة بالخرطوم، ما أسفر عن مقتل 128 شخصا وتسجيل حالات "إخفاء قسري لمئات المواطنين "حسب التقديرات رسمية. ووثقت "هيومن رايتس ووتش" أن الهجمات القاتلة على المتظاهرين كانت "مُبرمَجة وقد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية." وقالت لجنة أطباء السودان المركزية. إن مليشيات الدعم السريع قامت برمي جثث المحتجين السودانيين في النيل الأزرق، حيث تم العثور على 40 جثة كانت تطفو على سطح النيل.
وأشارت مصادر أمنية إلى أنه تم العثور على ما لا يقل عن 100 جثة يعتقد أنها لأشخاص قتلوا في فض اعتصام القيادة العامة متعفنة في مشرحة مستشفى التميز في الخرطوم. وأنكرت إدارة مشرحة التميز أن الجثامين تعود لمفقودي القيادة العامة، ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" أن المحققين اكتشفوا مؤخرًا مقبرة جماعية خارج الخرطوم، في أم درمان، تحتوي على جثث عدة لمئات الأشخاص قتلوا خلال فض الاعتصام. مما يؤكد أن عدد القتلى في ذلك اليوم أعلى بكثير مما هو معروف. وقال النائب العام السوداني آنذاك تاج السر الحبر إن المحققين قد جمعوا الأدلة وأجروا مقابلات مع أشخاص يعيشون بالقرب من موقع المقبرة للتأكد من وقت وصول الجثث وكيف تم نقلها وما هي المركبات التي تم استخدامها، وقال إن "لدينا شهود مهمين للغاية أدلوا بشهادتهم" عن ماذا حصل. وتحاول السلطات الانقلابية جاهدة التستر على الأدلة، بينما يقول خبراء الطب الشرعي ومحققون إن التحقيق في حادثة فض اعتصام الخرطوم "أعاقته قوات الأمن، من خلال محاولات التستر على الأدلة." وتعتقد شريحة كبيرة من الشعب السوداني أن السلطات الانقلابية تحاول التخلص من الأدلة التي قد تربطهم بمجزرة القيادة العامة. وقال المعز محمد، الذي قُتل شقيقه سعيد في مجزرة 3 يونيو "إنهم يؤخرون النتائج عن عمد. الكل يعرف من قتل الناس." الادعاء الكاذب ورغم ادعاء عضو مجلس السيادة الانقلابي أن قراره يأتي تمسكاً بالسنة النبوية، بالإسراع بالجنازة والتعجيل بها، ومنعاً للمخاطر البيئية والصحية الناتجة عن تكدس الجثث. إلا أن الشكوك التي تدعمها الأدلة تكذب تبريره وتؤكد أن مبرر قراره ما هو إلا محاولة للتخلص من جثث للشهداء صنفوا مخفيين قسريا.. ضحايا اغتالهم غدراً جنرالات اللجنة الأمنية الذين اقحموا أنفسهم في عملية التحول الدبقراطي وانقلبوا عليها بقيادة البرهان وحميدتي، حيث كشف رئيس لجنة المختفين قسريًا المحامي الطيب أحمد العباسي "من خلال استجواب اللجنة لبعض الأطباء العدليين أقروا بحدوث تجاوزات فنية وطبية، إذ لا يمكن أن يقول تقرير طبي لا يوجد تعذيب، وعند إعادة التشريح مجددا، تظهر آثار تعذيب، كما حدث في قضية بهاء الدين نوري، وجثمان أبكر"، ووصف ما جرى ويجري بوجود أيادٍ ملطخة بدماء الشهداء"، ترغب في عدم وصول الجناة إلى منصة العدالة.
مقرر اللجنة مخالف لأخلاق الطب الشرعي وأسند قرار السلطة الانقلابية رئاسة لجنة الدفن إلى النائب العام خليفة أحمد خليفة، بعضوية رئيس المجلس الاستشاري للطب الشرعي بوزارة الصحة الاتحادية بروفيسور عقيل النور محمد سوار الذهب مقررا لها. وتضم اللجنة في عضويتها، وكيل وزارة العدل، وكيل وزارة الصحة الاتحادية، رئيس مجمع الفقه الإسلامي، نائب مدير عام قوات الشرطة المفتش العام، الأمين العام للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات، أمين عام حكومة ولاية الخرطوم، ومديري الشرطة والصحة بالولاية. وعددا من الخبراء في مجال الطبي البشري والعدلي. ويطعن في نزاهة وحيادة قرار تكوين هذه اللجنة أن مقررها بروفيسور عقيل النور محمد سوار الذهب كان قد تمت إقالته في أوائل أكتوبر, 2019 من منصب رئيس المجلس الاستشاري للطب الشرعي بوزارة الصحة الاتحادية نتيجة لمخالفة أخلاق مهنة الطب العدلي بعد ما أمر بإخراج جثث ثلاثة شهداء من ضحايا فض الاعتصام من ثلاجات أكبر مشرحة بالبلاد ودفنها دون إذن من وزارة الصحة ودون اتباع ما يلزم من إجراءات طبية وقانونية قبل مواراة جثث الشهداء ثرى مقابر الصحافة. ثم أنكر في حوار مع قناة سودانية (24) حضور جثمان الشهيد قصي للمشرحة رغم وجود الجثمان بمشرحة أم درمان نتيجة إصابته بطلق ناري هتّك رئته اليمنى وثُقّل بحجارة ورُمي في النيل. تلاعب في أرقام جثامين بمشرحة ومنح قرار السلطة الانقلابية اللجنة، سلطة الاضطلاع بإدارة عملية توثيق المتوفين وفق الإجراءات ذات الصلة الواجب اتباعها عالمياً في مثل هذه الحالات مثل التسجيل والفحص والتقاط الصور ورفع البصمات وطب الأسنان الشرعي، وتحليل الحمض النووي وغيرها من الوسائل التي يمكن أن تكون مرجعية قانونية وشرعية وتوثيقية. وفي أغسطس 2021 كشف أطباء شرعيون، عن عمليات تلاعب في أرقام جثامين بمشرحة التميز، ودفن جثث رغم أن به شبهة جنائية دون التعرف عليها، وقدّم هؤلاء الأطباء استقالاتهم من لجان التشريح المُشكلة بواسطة النيابة العامة , وقال الدكتور بابكر محمد،" قمنا بتشريح الجثمان المسجل برقم 103 في 11 يوليو 2021، وكتبنا في التقرير "لا يدفن" لوجود شبهة جنائية وهناك حاجة لمزيد من التقصي"، لكن بعد دفنه وجدنا الرقم مسجلا على جثمان آخر في المشرحة، مشيرا إلى أنهم كتبوا على 8 جثث "يجب أن لا تدفن" منها الحالة 103 والتي كانت من بين 23 جثمانا تم دفنها، لكن تم الأمر دون معاينة بعضها من قِبل طبيب الأسنان الشرعي. "هذه كارثة" يضيف محجوب، متابعا أنهم قاموا بفتح بلاغ جنائي وقدموا شكوى للنائب العام السابق، وأعلنوا توقفهم عن التشريح وعدم العودة حتى يتم تكوين لجنة للتقصي في حالتي أبكر و103، دفن جثامين رغم القرارات بعدم التنفيذ لوجود شبهات جنائية ومنحت السلطة الانقلابية اللجنة اتخاذ كافة الإجراءات والقيام بالأعمال الخاصة بالتعامل مع وفيات الطب الشرعي. وعلى عاتق اللجنة يقع استكمال كافة الإجراءات القانونية والعدلية والإدارية الخاصة بالطب الشرعي ودفن الجثث المتكدسة بثلاجات حفظ الموتى وأيضاً سلطة اتخاذ الترتيبات اللازمة لتوفير مقبرة خاصة لدفن الجثث المتكدسة، والتنسيق مع كافة الجهات ذات الصلة للمساعدة في استكمال عملية الدفن. وأعطى القرار لجنة الدفن حق الاستعانة بمن تراه مناسبا لأداء مهامها. ولكن المصادر القضائية تؤكد أنه تم دفن جثامين رغم القرارات بعدم التنفيذ لوجود شبهات جنائية. واقرت بوجود تلاعب بتقارير الجثامين، ودفن بعضها دون تشريح، وتشير إلى وجود إهمال في إجراءات التشريح من بعض الأطباء. المقابر الجماعية استمرار للجرائم في نوفمبر 2020 أعلنت لجنة قانونية مشكلة من النائب العام في السودان العثور على مقابر جماعية يرجح أنها تضم جثامين أكثر من 25 شابا يعتقد أن أعمارهم تتراوح بين 14 و35 عاما فقدوا بعد فض اعتصام الثورة السودانية أمام القيادة العامة في الثالث من يونيو 2021 في يونيو 2020 عثرت السلطات السودانية، على مقبرة جماعية في مدينة أم درمان تضم رفات 28 ضابطًا أعدمهم نظام الديكتاتور عمر البشير عام 1990 بعد محاولة انقلاب فاشلة. وقال النائب العام آنذاك تاج السر الحبر، إن النيابة العامة عثرت على المقبرة التي ضمت جثامين الضباط الذين تم قتلهم ودفنهم فيها بصورة وحشية، موضحا أن السلطات تمكنت من تحديد المقبرة بعد بحث دام 3 أسابيع متواصلة، إذ لم تكفّ أسرهم عن مطالبة السلطات بالكشف عن قبورهم منذ إعدامهم. وعاش الشعب السوداني في يوليو .2020 على وقع خبر صادم وهو العثور على مقبرة جماعية شرقي العاصمة الخرطوم، تضم رفات عشرات المجندين الذين قتلوا عام 1998 بعدما حاولوا الفرار من معسكر تدريبي أثناء خدمتهم العسكرية، بحسب ما أعلن النائب العام السوداني. وبحسب شهود، فإن عشرات المجندين قتلوا أثناء محاولتهم الفرار من معسكر تدريب للجيش في العيلفون جنوب شرقي الخرطوم عام 1998 لرفضهم الذهاب للحرب في جنوب السودان ولمنعهم من قضاء عطلة عيد الأضحى مع عائلاتهم، غير أن نظام البشير أعلن وقتها أن 55 شاباً توفوا غرقاً في النيل. لكن هناك من يقول إن عدد الضحايا أكبر من ذلك بكثير. في يوليو 2021 قالت هيئة محامي إقليم دارفور في السودان، إن "والي ولاية وسط دارفور، أديب يوسف، كشف عن نبش مقابر جماعية حوت 76 جمجمة، وسط الإقليم". وأوضح يوسف أن "إحدى هذه المقابر الجماعية احتوت على 26 جمجمة، وثانية بها أكثر من 50 جمجمة وأخرى سيتم نبشها قريبا"، وأكد أن ذوي الضحايا لا يثقون في أي محاكمات بالداخل، ويتمسكون بتسليم المتورطين لمحكمة الجنايات الدولية"،