منذ فجر الاستقلال كان اختلاف الاحزاب يشكل قوة لا تستهان بها في صالح العسكر بقدر ما يكون ضعفا يحسب عليهم.. كما أن اختلاف العسكر بين مكوناته من جهة والقوة المدنية المتحالفة معه من جهة اخرى كان يعتبر ضعفا بالنسبة للعسكر .. وآخر أمثلة لذلك كان نظام البشير الذي اختلف مع مكونه الرئيسي من المدنيين (المؤتمر الوطني) الذي سهل في سقوطه مع اسباب اخرى لا تغيب عن فطنة من يتابع مجريات الامور، كما وأن من قوى شوكة العسكرين على الانقلاب هو ضعف المكون المدني من الاحزاب التي كانت تتقاتل من اجل السلطة والثروة حتى قضى العسكر عليه وهم في غمرة تشاكسهم واختلافاتهم .. فالمكون العسكري الآن لا يختلف عن سابقاته، لذلك يبدو أنه قد اخذ على عاتقه اضعاف المكون المدني المناوئ له مع تقوية جانب تحالفاته بقدر الامكان .. فهنالك أصوات ترتفع واقلام تكتب بان هنالك خلافات بين الدعم السريع والجيش أو بين هؤلاء وقوات المرتزقة المتحالفة معهم، حتى وان كان هذا قد يبدو صحيحا ومنطقيا للبعض فقد يبدو على العكس بالنسبة لاخرين، فيمكن ان يكون هذه الخلافات بالونات اختبار لاتجاه الرياح واخذ الموقف المضاد أو المضادات الحيوية لعلاجها.. فعلى المقاومة واللجان الثورية أن تاخذ حذرها فهؤلاء العسكر والمتحالفون معه في مركب واحد ويعلمون جيدا ان نهايتهم ستكون نتيجة لخلافاتهم واختلافهم مع بعضهم البعض وما نظام البشير عنهم ببعيد، لذا سيبذلون كل ما بوسعهم للملمة خلافاتهم مهما كبُرت واستشاط غضبهم لمواجهة طوفان الشارع الذي ان نهض لا يبقي ولا يذر .. فاجتماع سلام جوبا المزعوم الذي تمخض عنه هذا النظام المرتبك يذكرنا باجتماع دهاقنة قريش وكبير الابالسه في دار إبن ابي الارقم في مكة لاغتيال الحق الابلج بباطلهم اللجلج .. ولكن خاب ظنهم وانتصر الحق في النهاية، فمهما ساد الباطل وعم الظلام فلا بد لليل ان ينجلي ولا بد ان يستجيب القدر كما قال الشابي.