أشرف عبدالعزيز خطاب الإحاطة الأخير الذي قدمه رئيس البعثة الأممالمتحدة لدعم التحول الديمقراطي قرأه الكل على هواه ، فالبعض رأى أنه متوازناً وعمد لارضاء الانقلابيين وآخرون وصفوه بالضعف البائن مشددين بأن البعثة ليس لديها ما تقدمه وهي محلل للإنقلاب ليس إلا ، بيد أن الأكثر إهتماماً وتخوفاً هم فلول النظام المباد والملتفين حولهم والموالين لهم ووجهاتهم التي تخدم خطهم السياسي جميعهم رفضوا الإحاطة ويقودون حملة شرسة تضمنت دعوات للإعتصام أمام القصر الجمهوري للضغط على البرهان لطرد رئيس البعثة فولكر بيرتس الذي جددت ولايته من قبل مجلس الأمن عامين آخرين. ولعل أهم ماورد في إحاطة رئيس بعثة الأممالمتحدة في السودان فولكر بيرتس لمجلس الأمن هو قوله إن عواقب عدم حل الأزمة السياسية في السودان ستتجاوز حدوده وأن الحل بيد السودانيين دون سواهم وإن "لم يتم إيجاد حل للمأزق الحالي، فستتجاوز العواقب حدود السودان ولجيل كامل".وأشار إلى أن الآلية الثلاثية ظلت تنقل هذه الرسالة إلى المحاورين السودانيين، موضحا أن "الأزمة التي تواجه السودان محلية ولا يمكن حلها إلا من أبناءه". وأكد فولكر على أن مطالب استعادة عملية الانتقال الديمقراطي متواصلة في شكل احتجاجات سلمية ومبادرات لحل الأزمة.وأفاد بأن المحادثات غير المباشرة ضمن العملية السياسية التي تيسرها الآلية الثلاثية، بحثت مع الأطراف السودانية ولاية وتكوين الأجهزة الدستورية وآلية ومعايير اختيار رئيس الوزراء والعلاقة المستقبلية بين القوى المدنية والعسكرية.وأضاف: "بمجرد تهيئة بيئة مواتية كافية، ستجمتع الآلية الثلاثية مع الأطراف أصحاب المصلحة الرئيسين حول طاولة التفاوض. يجب أن يحدث ذلك من دون مزيد من التأخير". وكشف فولكر عن وجود مفسدين لم يسمهم لا يريدون الانتقال إلى الديمقراطية أو يرفضون الحل من خلال الحوار، داعيا الأطراف السودانية لعدم السماح بتقويض فرصة إيجاد مخرج تفاوضي للأزمة.وطالب رئيس البعثة الأممية قادة الجيش الحاكمين بإصدار إعلان مفاده "أنه بغية تحقيق هذا الحوار سيطلقون سراح المحتجزين وسيوقفون الاعتقالات التعسفية وسيرفعون حالة الطوارئ". وتحدثت فولكر عن أن الجمود السياسي يتسبب في خسائر اجتماعية واقتصادية فادحة، في ظل توقف الكثير من المساعدات الإنمائية الدولية ومشاركات المؤسسات المالية. هكذا وضع بيرتس النقاط فوق الحروف وماذكره في إحاطته هو عين الحقيقة التي لا يختلف عليها أحد ، وفعلاً نحن أمام حوار الفرصة الأخيرة ولم يعد الزمن يسمح بالتأخير أو تعنت المكون العسكري الذي أدرك فشله ولكنه يغامر من أجل تحقيق مطامعه بفرض الواقع عبر التحالف مع الفلول والمواصلة في القمع والانتهاكات فضلاً عن عودة دولة الجباية التي بدأت بزيادة الدولار الجمركي واجتماع مجلس الايرادات والحوافز الضخمة التي صرفت لموظفي الضرائب خير دلليل، في المقابل يتخندق العسكر في موقفهم لأن مخاوفهم تتبدى أمامهم عند هتاف الثوار في كل موكب (يا عسكر ما في حصانة يا المشنقة يالزنزانة). من الواضح أن فولكر نبه المجتمع الدولي أن عدم حل الأزمة السودانية وانفجارها لا تقتصر عةاقبه على الحدود السودانية فحسب بل سيمتد تأثيره لكل المنطقة ، وهذا تحذير واضح للمجتمع الدولي بأن إغماضته عينيه عن الأوضاع في السودان ستكون محصلتها كارثة لا تحمد عقباها فارض السودان ليست محل اهتمام المتاجرين بالبشر والمسهلين للهجرة غير الشرعية بل هي محل نظر تنظيم القاعدة وبوكو حرام وغيرها من التنظيمات الارهابية. من المؤكد أن حديث بيرتس سيحمل كثير من الدول فرض مزيد من الضغوط على المكون العسكري للاستجابة وهذا ما أشار إليه المدير السابق للمبعوث الامريكي بالسودان كاميرون هدسون لقناة الجزيرة بأن السودان الآن يقف على حافة السكين وعلى الولاياتالمتحدة أن تفرض مزيداً من الضغوط على المكون العسكري إن أرادات حلاً للأزمة السودانية بأعجل ما تيسر ، نتوقع أن تكون الأيام القادمة حاسمة ..فالفلول سينفذون حملتهم لما أصابهم من يأس وقنوط وفشل في طرد البعثة ، والعسكر إما أن يستجيبوا للضغوط أو ستهب عليهم رياح الاقتلاع العاصفة فالكتلة الصامتة ستنحاز لتيار المواجهة وترسم نهايتهم لأنها لم تعد تتحمل جأر جبريل بالشكوى وضراعة الضعفاء بأن القادم أسوأ والانحدار نحو الهاوية قريب. الجريدة