في اختراق جديد لحالة الانسداد السياسي التي تعاني منها الطبقة السياسية منذ انقلاب (25) اكتوبر الذي أنهى مسيرة الانتقال، أصدر رئيس مجلس السيادة مرسوماً برفع حالة الطوارئ في كافة أنحاء البلاد ، وكان مجلس الأمن والدفاع قد أوصى برفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين ضمن إجراءات تهدف لتهيئة الظروف المواتية لإطلاق حوار ينهي الأزمة السياسية، وهذه الخطوة وصفت بالايجابية وهي بمثابة رمي حجر في بركة الساحة السياسة الجامدة ومحاولة من المكون العسكري لإخراج الكرة من منطقته الدفاعية التي تعاني من ضغوطات جماهيرة كبيرة وحبس دفاعات الحرية التغيير بهجمة مرتدة. جلسة عادية أمس أوصى مجلس الأمن والدفاع برفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين، ورأس البرهان الجلسة العادية لمجلس الأمن والدفاع التي بحثت الأوضاع الأمنية بالبلاد وضرورة تهيئة الأجواء والمناخ الملائم للحوار والتوافق الوطني. وأوضح وزير الدفاع المتحدث باسم المجلس يس إبراهيم الناطق في تصريح صحفي، أن المجلس رفع توصيات لرئيس مجلس السيادة شملت رفع حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد وإطلاق سراح جميع المعتقلين بموجب قانون الطوارئ بما لا يتعارض مع القوانين التي تتعلق بقضايا أمن الدولة أو القانون الجنائي، والسماح لقناة (الجزيرة مباشر) بمزاولة البث، ومن المنتظر أن تصدر مراسيم جمهورية بهذه التوصيات لتكون قرارات نافذة. نقطة البداية رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر، اعتبر أن رفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين خطوة إيجابية تؤدي إلى وفاق وحوار جاد للوصول إلى التحول الديمقراطي وتشكيل عاجل للحكومة المدنية واكمال مهام المرحلة الانتقالية. وبشأن ما تبقى من إجراءات تهيئة المناخ التي طالب بها تحالف الحرية التغيير للدخول في الحوار مع المكون العسكري، قال برمة ل (الإنتباهة): (هذه نقطة البداية، والناس تتناقش في باقي إجراءات تهيئة المناخ)، ودعا لجان المقاومة الى الاحتكام لصوت العقل والجلوس للحوار وأردف قائلاً: (الناس تجاوزت اللاءات الثلاث). فلاش باك وتطالب قوى الحرية والتغيير بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإلغاء حالة الطوارئ ووقف الانتهاكات تجاه المتظاهرين السلميين كشرط أساسي للدخول في حوار سياسي لإنهاء حالة الاحتقان التي دخل فيها السودان عقب الانقلاب العسكري الذي نفذه الجيش أواخر أكتوبر الماضي. مواقف جديدة ويقول الخبير الاستراتيجي أمين اسماعيل مجذوب: (إن قرارات مجلس الأمن والدفاع تأتي في إطار تهيئة الأجواء للحوار السوداني السوداني، واللافت للنظر أن هذه القرارات جاءت بعد لقاء المكون العسكري مع الآلية الثلاثية المكونة من الإيقاد وبعثة الأممالمتحدة لدعم الانتقال والاتحاد الافريقي قبل يومين، وكان هنالك اتفاق على تهيئة الأجواء والمساعدة في إدارة الحوار، وفي تقديري أن المكون العسكري والحكومة التي شكلت بعد قرارات (25) أكتوبر (حكومة تصريف أعمال) شعرا بأن هنالك حاجة لإكمال الحوار والوصول الى توافق سياسي وتشكيل حكومة مدنية قبل منتصف شهر يوينو القادم، حتى لا تتعرض البلاد إلى هزات جديدة سواء كانت أمنية أو اقتصادية أو سياسية، وربما تتجه الأحوال إلى أمور غير مستحبة، لكن الآن بعد تهيئة الأجواء بإطلاق سراح بقية المعتقلين ربما يتم تليين موقف بعض أطراف الأزمة الذين لهم شروط مسبقة أو مطالب، وربما يبدأ الحوار المباشر بجلوس كل الأطراف حول مائدة مستديرة، وهذا يجد تأييداً إقليمياً ودولياً بعد المناشدات والرجاءات التي تمت من المجتمع الدولي، ومن جانب بعض القوانين ربما ستوقع عقوبات في المستقبل على أطراف الأزمة في السودان). عودة إلى مربع الشراكة ولكن المحلل السياسي محيي الدين محمد محيي الدين يرى أن القرارات تقرأ في إطار التطورات الأمنية والسياسية في البلاد والضرورات التي استدعت تفعيل قانون الطوارئ خلال الفترة الماضية، وكثير منها انتفى أخيراً، وبالتالي استدعى هذا الأمر مراجعات. ويعتقد محيي الدين في حديثه لصحيفة (الإنتباهة) أن رفع الطوارئ يأتي استجابةً لأوضاع الراهن في البلاد التي شهدت استقراراً كبيراً وتهيئة المناخ السياسي لمزيد من الحوار بين القوى السياسية، باعتبار أن من مطلوبات هذا الأمر اتاحة حرية التعبير واطلاق سراح المعتقلين، وبالتالي هذا الأمر يهيئ مناخ الحوار بين الفرقاء السودانيين، مع الإبقاء على قانون الطوارئ مما يتصل بالأوضاع الأمنية والاقتصادية، لأن هنالك مبررات لاستمرار هذين الأمرين. ويضيف محيي الدين أن هذه اشارة إيجابية تؤكد أن الحكومة تسعى لتوفير مناخ ملائم لحوار يفضي لمعالجة الأزمة السياسية واستعادة الشراكة بين القوى السياسية المختلفة والمكون العسكري، لإدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية.