كمال كرار قبل أيام انعقد اجتماعهم في تلك الوزارة الشهيرة، لمناقشة الأوضاع السياسية والمالية. وبالطبع لم يفتتح الاجتماع بتحية الثورة أو شهدائها لأن صفة من كانوا في الاجتماع تندرج تحت كلمة (خونة). قالوا أن ضعف الايرادات العامة سببه المظاهرات والتتريس والمواكب والمليونيات، التي تغلق الشوارع وتعرقل حركة المرور، وتعطل دولاب العمل. وطالبوا بتأديب الثوار، وإصدار قوانين رادعة في مواجهتهم، وطلب من جهتين حكوميتين إصدار القوانين اللازمة لهذا الغرض. وقال قائلهم إن الإضرابات ودعوات العصيان تهدد نظامهم ويمكنها أن تخلعهم من مناصبهم، واقترح فصل المحرضين والمضربين بقرارات فورية تصدر إيجازيًا، وزاد بالقول أنه سيفصل كل العاملين بوزارته إن أضربوا، ولن يهمه الأمر حتى لو بقي وحيدًا داخل وزارته. وقدم سادن آخر مشروع قانون لمضاعفة الضريبة على المواطنين، تمت إجازته ليصبح نافذًا بعد حين.. وتمتعوا بعد الاجتماع بما يسمى (غداء العمل) المجلوب من فندق فاخر. ونفس هؤلاء السدنة الذين عينهم قائد الانقلاب، أصدروا القرارات السابقة بإعادة رموز المؤتمر الوطني المخلوع للخدمة بامتيازاتهم وترقيتهم كمان، وإعادة منظمات المؤتمر الوطني التي حلت قبل وقوع الانقلاب، وتم فك الحظر عن الحسابات المصرفية، وشطب القضايا المرفوعة.. وهكذا رجعت بنية الانقاذ التحتية وكأن الثورة لم تندلع، وتبقى فقط تعيين حكومة (كرتونية) ترعى مصالح السدنة والفلول، يأخذ رئيس وزرائها تعليماته من البرهان وحميدتي.. ومن مهام هذه الحكومة تنظيم انتخابات مزورة تعيد المؤتمر الوطني وحلفائه للحكم.. لتنصب بعد ذلك المشانق للثورة والثوار، والتهمة (معارضة النظام) والتهمة (عضو لجنة مقاومة)، والتهمة (تتريس الشوارع)، وهكذا كل فعل ثوري يصبح جريمة تستحق العقاب. هذه المؤامرة توضع لها الآن التكتيكات، ومن ضمنها اختراق لجان المقاومة وتدجينها، وجرها نحو التسوية. ومن ضمنها الهجوم على القوى الثورية وعلى رأسها الحزب الشيوعي. والسفارات الأجنبية على الخط والآلية الرباعية في اتصالات مستمرة، والتوجيهات والأوامر تأتي من برة السودان، والشيك المصرفي جاهز. والهدف من تصفية الثورة، الاستمرار في نهب الموارد، والاستيلاء على الأرض والثروات، وإقامة القواعد العسكرية الأجنبية، وأن يتحول السودان إلى شرطي أمريكي في أفريقيا. يتوهمون أن هذه المؤامرة ستنجح، ولكن الشعب أقوى والردة مستحيلة. وانتظروا يا أيها السدنة البراكين القادمة.. التي ستطيح بكم وبأسيادكم. وأي كوز مالو؟ الميدان