* الشعار الثلاثي المرفوع في وجوه العسكر الانقلابيين (لا تفاوض لا شراكة لا شرعية) لم يكن عبثاً أو حالة انسدادية تقبل الوصف السالب من أعداء الدولة المدنية كيفما اتفق؛ إذا وضعنا الاعتبار للظرف والواقع الذي أدى إلى التمترس خلف هذا الشعار؛ وهو خيار أكثر حكمة من أية (تسوية سياسية) مع الجهة الخطأ؛ أو العسكر. * ولما كان الطريق واضحاً بمزالقه لشباب الثورة السودانية هنا وهناك؛ لم يكن أمامهم سوى (تحكيم الدماغ) الرافض للاتفاقات الحقيرة التي تكرس للكراسي فقط؛ لتظل حلقة (اللا شيء) في البلاد متسعة لهبوط السياسيين الخفاف الذين لم يتعلموا من التاريخ أن سقوطهم ليس أمراً صعباً؛ بل أيسر من شرب الماء حين تتحد الإرادة وتقوى بهدف واحد جماعي هو تحقيق الدولة المدنية (فعلاً لا قولاً) الدولة المعافاة من وباء (العسكرة).. الدولة التي لا تشوبها أدران نصف قرن من العك السياسي وقد عصفت بها بيوت الطائفية كما لم يعصف الجدري بالضحايا..! الدولة التي لا تعطلها هشاشة الأحزاب ومطامعها ولا تسلط القادة (الأوباش). * لجان المقاومة التي فرضت الثلاثية الذهبية المُستهلَّة بعبارة (لا تفاوض) بمكنونها الواعي؛ تفهم جيداً ماضي وحاضر العسكر الملتصقين عنوة بالكراسي والمتقمصين لأدوار أكبر من رؤوسهم ذات الاتجاه المنحدر، وقد انحدرت بأسبابها جهات السودان قاطبة فقراً ومرضاً وتخلفاً.. إذا أضفنا أن العسكر لا تستقيم لهم دنيا السياسة دون القتل والقمع والفساد الأعم؛ كأن هذه الرزايا (منهج إجباري) مخصص في دراستهم.. وخلاصة هذه الفلاشات أسئلة استنكارية: لماذا نفاوض ونشارك سياسياً شرذمة انقلابيين لا شرعية لهم؛ وفوق ذلك هذه الشرذمة ذات طور إجرامي (كامل)؟! لماذا تفاوض وتشارك من يهددك ويبتزك بسلاحه؟! لماذا تفاوض وتشارك من يفرض عليك قواته التي تنطبق عليها صفات (المرتزقة) بلا نقصان كما يفرض عليك قضاته ونيابته؟! إن من هوان النفوس مصافحة القتلة؛ ما بالك بالجلوس معهم..! فالقاتل يجب مقاومته حتى آخر شهيق لإسقاطه؛ إما بالوسائل السلمية أو غير السلمية لو استطعنا إليها سبيلاً.. ولا يوجد سبيل لتمكين الطغيان وتوطيد أركانه أكثر من التفاوض مع سفلة لا شرعيين؛ كالعسكر الذين يهرول إليهم طلاب (التسوية السياسية) ممن تاجروا بالثورة ودماء شهدائها.. ولا مانع لديهم من استمرار المتاجرة؛ فشهوة الكرسي لا تُقاوَم. أعوذ بالله. الحراك السياسي