لم تفلح المصالحات ولا الانتشار الأمني في إقليم دارفور السوداني في وقف المواجهات بين مكونات قبلية، ويشكل الاقتتال بين القبائل تحدياً أمام سلام الإقليم الذي لا يزال يعاني آثار الحرب التي امتدت فيه أكثر من عقدين، فانتشار السلاح بأيدي المدنيين، والتنافس على الموارد، والنزاع في ملكية الأرض، كلها عوامل تجعل من الإقليم مستودعاً للبارود. عناصر متفلتة ويؤكد مدير دائرة العمليات بقوات الدعم السريع اللواء عثمان محمد حامد ل«البيان» أن معظم المشكلات الأمنية التي تحدث في دارفور في الآونة الأخيرة تقف وراءها عناصر متفلتة خارجة عن القانون ولا تنتمي لمكون قبلي بعينه، ولفت إلى أن تلك العناصر تقوم بأعمال تجر المكونات الاجتماعية إلى صراعات ونزاعات قبلية، أوضح أن حالة التغيير التي يشهدها السودان أوجدت هشاشة أمنية في كل أنحاء البلاد، في ظل انتشار السلاح بشكل غير قانوني، والصراع على الموارد. وأشار حامد إلى أن قوات الدعم السريع بوجودها على الأرض ضمن القوات النظامية الأخرى تؤدي دوراً كبيراً بحكم حجمها وانتشارها في إقليم دارفور، في الحد من تلك النزاعات. صراعات ممتدة بدوره، يشير الخبير الأمني اللواء المتقاعد أمين مجذوب ل«البيان» إلى أن السيولة الأمنية التي ظهرت ولا سيما في دارفور وجنوب النيل الأزرق تعود للفراغ الدستوري الذي تشهده البلاد لعدم وجود رئيس للوزراء، مشيراً إلى أن الصراعات القبلية صراعات ممتدة على ملكية الأراضي (الحواكير) وعلى الموارد الطبيعية وعلى المراعي والأراضي الصالحة للزراعة. وعزا الخسائر البشرية والمادية الكبيرة للاقتتال القبلي إلى ظهور أسلحة جديدة في هذه الصراعات مع غياب الحكومات المحلية عن التدخل في الوقت المناسب، عاداً أن الحل الأمني حل مؤقت لا يعالج الأمر بشكل نهائي، ولا سيما أن القوات النظامية في مناطق دارفور تنحدر من المكونات الاجتماعية ذاتها. ويؤكد مجذوب أن معالجة هذه الأمور تتطلب تفعيل قانون الإدارة وتقسيم المحليات على أسس جغرافية وليس على أسس قبلية، بجانب حسم القوانين الخاصة بالأراضي والحواكير باحتساب أن الأرض ملك للدولة وليست ملكاً للقبائل، بجانب تفعيل القوانين وتشديد العقوبات على الجناة والمتسببين في هذه الأحداث، وأضاف: «حل الأزمة السياسية سيحدث نوعاً من الاستقرار في المناطق المختلفة».