من اشهر الشخصيات النمطية فى الموروث الشعبى السودانى التى اشتهرت شخصية ود اب زهانة التى دارت حولها الكثير من الاساطير التى نسبت اليها رغما عن انها شخصية حقيقية عاشت فى العهد السنارى واصبحت انموذجا للانفصام عن الواقع والكسل الذهنى والركون لتفسير الواقع والتعاطى معه وفقا لتصورات ذهنية تقوم على فلسفة ارضاء الذات كذلك اشتهرت شخصية الاقرع النزهى فى الموروث الشعبى المصرى الذى يحرص على اقتناء الامشاط رغم انه اصلع ويحب الحياة المرفهة التى لا تتناسب وواقعه فاصبح مثالا لعدم الواقعية تقول الروايات ان ود اب زهانه عاش وتربى فى كنف اسرة ثرية ذات جاه ومكانة مرموقة اجتماعيا وانه ظل يتمرغ فى حياة الترف والبذخ فتزوج مرارا وانجب ذرية كبيرة عاشت معه كذلك تلك الحياة الى ان ضرب المحل البلاد واجدبت الارض ونفقت المواشى وقلبت له الدنيا ظهر المجن ومع ذلك ظل سلوكه اسيرا لذلك الماضى الذى لا يريد الاعتراف بالتغير الكبير فى حياته . تقول الروايات ان ود اب زهانة وفى سبيل انكاره للواقع اسس لفلسفة ترتكز على منهج التبريرية بعبارات تستمد اشكالها من البيئة المحيطة مثل"نوم الضحى بطول العمر" وكذلك مقولات مصاغة على خلفية دينية من شاكلة "الله ما شقالو حنكا ضيعو" الشاهد ان ود اب زهانه اصبح مثالا للشخصية التى لا يتسق سلوكها مع الواقع وللهروب منه تستند على قواعد متوهمة تروج لها . صار لود اب زهانه اتباع ومثلت فلسفتة التبريرية مدرسة اضرت بالمجتمع. اشهر ما تناولته الحكايات السودانية حول فصامية شخصية ود اب زهانه انه ياكل فى اللكوندة ويبيت فى الجامع* فى المشهد السياسي يبدو للمتابع للسلوك السياسي للمجلس المركزى انه يعيش حالة توهان ثنائية ما بين شخصية الاقرع النزهى وود اب زهانه كمثال للشخصية النمطية التى تعانى الانفصام عن الواقع ولا تريد الاقرار بانه قد تغير كثيرا وان السماء لم تعد بذلك الصفاء وان العواصف السياسية قد غيرت كثيرا فى تفاصيل الواقع وان المركزى لم يعد هو ذلك التحالف الذى ضم كل القوى الفاعلة وانه لم يكن محض مجموعة قوى بل ميثاق يعبر عن اهداف ينبغى الالتزام بها وان هذا الجسم الموجود الان اضحى كمنساة سليمان بعد ان ضربه سوس الخلافات وانه لم يعد "المرق" ولا حتى "الشعبة" وانه قد فقد ذلك البريق الثورى وتلك الهالة التى كانت تحيط به لا يريد المجلس المركزى التعاطى مع الواقع بل ظل يحول عبثا الهروب منه بالترويج لحالة من النشاط الذى لا صلة له بمعطيات الواقع تماما كما كان يفعل ود اب زهانه وهو فى تلك الحالة من التوهان بعيد افلاسه فطفق يتجول من مجلس عزاء الى صيوان فرح ومتسقطا الاخبار من كل شاكلة ولون من اسرار حالات الطلاق وانتهاء باخبار اللائى هن فى حالة وضوع كشخصية اجتماعية مرموقة استنادا على تاريخ غابر وماضى لن يعود. سلوك ود اب زهانه السياسي يتمثل فى حالة من التبريرية للقفز فوق الواقع الموضوعى فهو يتحدث عن عدم اغراق العملية السياسية ويرفض بشكل قاطع قبول انضمام قوى باعتبار انها كانت جزء من النظام السابق وفى الوقت يفتح باب المركزى على مصراعيه امام كبير مساعدى رئيس النظام المعزول واخر وزير للاتصالات فى العهد المباد يتحدث المجلس المركزى عن مساعيه لخلق اوسع قاعدة للاتفاق الاطارى وان الباب مفتوح وفى الوقت نفسه يغلق الباب امام كثير من القوى لتكتشف انه قد وضع "المفتاح تحت السجادة" وفقده ظل الجلس المركزى يسوق انه يدعو كل الشعب السودانى وقواه للالتفاف حول الاطارى وانه على استعداد للنظر فى ملاحظاتها حوله وفى ذات الوقت يمضى قدما فى تنفيذ رؤيته الخاصة ويحدد القضايا ويشكل الهيئات المناط بها مناقشة تلك القضايا ويختار شخوصها بل وتواريخ انعقاد فعالياتها!!! ليطلق ذلك السلوك موجة من السخرية حول الاتفاق وتصف حالته بان المركزى يريد ان يمشطو بى قملو". المركزى الذى انفضت من حوله جل القوى التى ساهمت فى صناعة الثورة لا زال يعيش حالة الفصام التى تلبست ود اب زهانه ويتحدث باسم الثورة !!!! على الرغم من ان المركزى مضى فى طريق التفاوض والحوار مع المكون العسكر الذى ترفضه بشكل قاطع القاعدة الحقيقية للثورة والمتمثلة فى لجان المقاومة الا انه لا يزال مصر على الادعاء بان تيرمومتر حركته هو شارع الثورة التى تحكم عليه لجان المقاومة التى ما عادت "تثق به" على قول السيد "فولكر" قبضتها . حالة المجلس المركزى فى التوهان تجلت فى سلوك الاقرع النزهى وهو يتحفظ على المقترح المصرى الاخير باستضافة القاهرة لحوار سودانى سودانى لحل الازمة السياسية التى تطاول امدها بزعم ان الحوار بين الفرقاء السودانيين قد قطع شوطا طويلا واوشك على الوصول لنقطة النهاية . تحفظ المركزى على مقترح بجمع جل ان لم يكن كل الفاعلين الذين فشل فى ضمهم لتوسيع قاعدة الاتفاق الاطارى ولم يستجيبوا لدعوته!!!! يبدو ان المركزى قد فاق سلوكه كل خيال فالرواة لم يحدثونا ان ود اب زهانه قد "اخفى المحافير من الذين اتوا لمساعدته فى قبر ابيه" هذا التحفظ يدلل ليس فحسب على عدم الواقعية بل يؤكد ان المركزى ليس مؤهلا للتعاطى مع مشهد على هذه الدرجة من التعقيد وانه لا يعرف موطىء اقدامه حتى ولا يعير خطاويه اهتماما ولعل هذا السلوك هو الذى جعله ما ان يخرج من حفرة الا ويقع فى "دحديرة" وفى ظنى ان هذه الوقعة هى الاخيرة لانها حتما "ستكسر رقبته"