أشرف عبد العزيز أعلنت مجموعة أطلقت على نفسها إسم (سيوف النصر) مسؤوليتها عن تخريب حقول نفطية بحقل بليلة ولم تكتف بذلك بل صورت مقطعاً بالفيديو لحظة الهجوم بالأسلحة البيضاء على الحقل والعبث بمحتوياته تحت بصر ومسمع السلطات التي لم تحرك ساكناً. هذه الصمت المريب إزاء مثل هذه الفوضى لم يقتصر على حقل بليلة وحده فقوات درع الوطن أعلنت لمخاطبة في منطقة حطاب ببحري ولولا رفض المكون المحلي ممثلاً لنظارة البطاحين لقامت المخاطبة فقبل أيام عقد مؤتمراً لذات القوات برفاعة كما إنتظمت حملات تجنيد واسعة لها دون مساءلة من السلطات. إن مظاهر التجييش تأتي في سياق السيولة الأمنية والسياسية التي انعكست على كل مظاهر الحياة العامة بالبلاد، نتيجة عدم استقرار المشهد الانتقالي وتشابك وتعدد الخلافات في المكونين المدني والعسكري. جاءت الخلافات الإضافية حول "اتفاق جوبا" للسلام عام 2020 لتعزز أوجه الخلاف وتقود إلى تحالفات عقدت المشهد بأكثر مما هو عليه، خصوصاً بعد قيام مجموعة من شركاء الانتقال بدعم ما يعرف ب"اعتصام القصر"، الذي انبنت عليه إجراءات انقلاب قائد الجيش في 25 أكتوبر 2021 وفض الشراكة وحل الحكومة الانتقالية. إن الفراغ الذي تركته هذه الخلافات أوقف تنفيذ اتفاق السلام، وعطل الدعم المحتمل لإنفاذ الترتيبات الأمنية، مما جعل كل حركة تحتفظ بقواتها، وبذلك تعددت أوجه وجود قوات مختلفة على المشهد السياسي بكل تعقيداتها، مما بث مزيداً من التوتر وأجج المخاوف في أوساط بعض المكونات التي ظلت تشهد بروز أدوار لقوات من مناطق تمثلها حركات السلام، الأمر الذي دفع إلى الساحة بجماعات جعلتها المخاوف تنتظم في تكتلات عسكرية مدعومة بخطاب سياسي يعبر عن مناطقها ومجموعاتها. المؤسف أن أنصار النظام البائد يحاولون الإستفادة من هذا المناخ الملتهب في تأجيج الصراع وتعطيل أي بادرة من شأنها تعضيد الحكم المدني ومهما كانت النتائج مأساوية فهم لا يهتمون بالضحايا فقط همهم ماذا حقق لهم الصراع في اطار مساعيهم للعودة إلى الحكم مرة أخرى؟. مع كل هذا الظلام هناك ضوء بدأ يلوح في آخر النفق حيث لم تعد الحركات المسلحة على سلام جوبا تحظى بذات الاحترام خاصة في المناطق التي تمردت على الخرطوم من أجلها ، فالتجربة أثبتت أن هذه الحركات مكنت لقياداتها ونهازي الفرص وأهملت قضايا مناطقها التي حملتها إلى سدة الحكم. وبالرغم من أن خطوة نظارة البطاحين محل إحتفاء وتقدير من كل السودانيين إلا أن دعوات التجنيد للمليشيات ستلقى حظها من القبول ، وهذا الواقع يشكل سيناريو خطراً من الواجب على الدولة ومؤسساتها المعنية النظر إليه بالجدية اللازمة، كما أن تسارع خطى التوافق واستكمال مراحل العملية السياسية أمر في غاية الأهمية للخروج بالبلاد من المخاطر التي يجب أن تنتهي، وان تستأنف المرحلة الانتقالية فالشعب السوداني أنهكته صراعات الأنظمة وحالت بينه والتحول المدني الديمقراطي كبديل للتعبئة السالبة التي بلغت مبلغاً خطراً. الجريدة