وزير الدفاع ووالي الخرطوم يتفقد ان مجهودات الحماية من الفيضان    كامل إدريس يطالب الإعلام بالتركيز على القضايا الكلية لنهضة السودان    هالاند يعترف: أفكار "الموت" تطاردني على سريري    ترامب يوقع أمرا يعتبر فيه أي هجوم على أراضي قطر تهديدا لأمن الولايات المتحدة    فيضانات غسول وطهور للخرطوم من بعد ما دنسها الأوباش بجرائمهم    واشنطن تقيد تحركات رئيس مجلس السيادة الفريق أول البرهان في نيويورك خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة    كامل إدريس .. زيارتي الي السعودية ناجحة وقدمنا مشروعات استثمارية بقيمة 100 مليار دولار أمريكي    20 بص من المريخ لجمهور الأحمر بينغازي    جنجويد المجتمع السوداني    مدرب المريخ يتوعد بالرد بقوة أمام سانت لوبوبو الكنغولي في بنغازي    عثمان ميرغني يكتب: "تصحيح الإحداثيات"..    فَلمو.. (في جمِيع دُور العَرض)    الفريع الأهلي يدعم صفوفه بصفقة جديدة    اعتذار مشهود.. (لأم كعوك)!    شاهد بالفيديو.. فتيات سودانيات "منقبات" يكشفن عن الصفة التي يستحيل التنازل عنها في شريك الحياة وشبه إجماع على صفة واحدة    شاهد بالفيديو.. على أنغام الفنان محمد بشير.. أطفال "خواجات" يرقصون على طريقة "الصقرية" السودانية    شاهد بالفيديو.. فتيات سودانيات "منقبات" يكشفن عن الصفة التي يستحيل التنازل عنها في شريك الحياة وشبه إجماع على صفة واحدة    شاهد بالفيديو.. عروس سودانية تشكو: (راجلي كان مبسوط و"ينطط" في الصالة ليلة الفرح وعندما ذهبنا للشقة طلع "تمبرلي" و "عوير")    أسرة الفنان الراحل محمود عبد العزيز تصدر بياناً ترد فيه على تصريحات "ريحان سيكة" التي تسببت في غضب الآلاف: (لا يمت لنا بصلة ولا يمثل جمهور الحوت بأي شكل من الأشكال)    السودان..محكمة تفصل في البلاغ"2926″    سباح سوداني يقتحم قائمة أفضل «20» في كان الفرنسية    جماهير الهلال تطالب برحيل "ريجيكامب"    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام "بوق" سيارته.. سائق شاحنة يطرب عريس سوداني وأسرته ويحول القرية لساحة طرب بعزفه مقطوعات أجمل أغنيات "السيرة"    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الإعلامية السودانية "لنا مهدي" تشارك ب"كورونامايسين" في معرض الرياض الدولي للكتاب    صعوبات تواجه بث مباراة المريخ وسانت لوبوبو الكنغولي    "يوتيوب" يدفع لترامب 24.5 مليون دولار    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    بمكالمة من واشنطن.. نتنياهو يعرب عن أسفه لانتهاك سيادة قطر    تركيا تعلن دعم مشروعات حيوية في السودان    من يشعل النار في سلة غذاء العالم؟    بريطانيا تتجه لتشديد شروط منح الإقامة الدائمة للمهاجرين    شاهد بالفيديو.. كورال مصري يغني الأغنية السودانية الشهيرة "كدة كدة يا التريلا" بطريقة مدهشة وموقع مصري يكشف قصة الأغنية وتفاصيلها    منشور غامض لترامب بشأن "إنجازات عظيمة" في الشرق الأوسط    القبض على 3 أصحاب مخابز استولوا على أموال الدعم    ضبط شخص بالإسكندرية ينصب على المواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحاني    والي نهر النيل يطلع على ترتيبات دخول خمسة آلاف فدان للموسم الشتوي في محلية البحيرة    الطاهر ساتي يكتب: حمى الصراع ..(2)    الرواية... الفن والدور السياسي    شرحبيل أحمد... ملك الجاز السوداني الذي حوّل الجيتار إلى جواز سفر موسيقي    تلاعب أوكراني بملف القمح.. وعود علنية بتوسيع تصديره لأفريقيا.. وقرارات سريّة بإيقاف التصدير    بعد تسجيل حالات..السلطات الصحية في الشمالية تطلق صافرة الإنذار    إغلاق مقر أمانة حكومة جنوب دارفور بنيالا بعد غارات جوية    حسين خوجلي يكتب: بعد جرح الدوحة أليس من حقنا أن نتسائل أين اليمين العربي؟    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سد النهضة: تمسّك إثيوبيا بالمحاصصة في النيل يعرقل العودة للمفاوضات
لا أزمة مائية في السد العالي
نشر في الراكوبة يوم 02 - 03 - 2023

أعادت تصريحات وزير الري المصري هاني سويلم قبل أيام، التي كشف خلالها عن نقص في المياه الآتية من منابع النيل خلال فصل الشتاء، أزمة سد النهضة الإثيوبي إلى الواجهة، مع مواصلة أديس أبابا استعداداتها الخاصة للملء الرابع لخزان السد، في يوليو/تموز المقبل.
وقال وزير الري المصري، خلال ورشة العمل الافتتاحية لمشروع الخطة الوطنية للتكيف التي تنظمها وزارة البيئة، الاثنين الماضي: "صرفنا كميات من مياه السد العالي خلال فصل الشتاء، أكبر من التصريف الطبيعي في هذا التوقيت"، موضحاً: "لجأنا إلى ذلك بسبب قلة مياه الأمطار على منابع النيل، وكان لا يمكن أن نترك المحاصيل في مصر عرضة للخطر".
وجاءت تصريحات سويلم الأخيرة، متناقضة مع تصريحات أدلى بها خلال جلسة استماع بمجلس النواب في 17 يناير/كانون الثاني الماضي، بعد تأكيده أن القاهرة "لم تتأثر بالملء الثالث لسد النهضة (في أغسطس/آب الماضي)"، قائلاً إن "هناك أمرا حدث من عند ربنا ليس لأحد يد فيه، فيما يخص الفيضان العام السابق الذي كان أكبر فيضان خلال 115 سنة". وأوضح أن الفيضان أبعد تأثر مصر من الملء الثالث لسد النهضة، والذي شهد أكبر كمية مياه.
لا أزمة مائية في السد العالي
من جهته، اعتبر وزير الري والموارد المائية المصري السابق محمد نصر الدين علام، أن ما حدث "أمر طبيعي". وقال، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، "لمثل هذه الأوقات تم بناء السد العالي لتخزين المياه في أوقات الفيضان واستخدامها، وهذا ليست له علاقة، بصفة عامة، بالتغيرات المناخية أو بالسد الإثيوبي".
وأضاف علام أنه "ليست هناك أزمة مائية حالياً لامتلاء السد العالي، وارتفاع حجم الفيضانات في الأعوام الماضية، مع اتباع الحكومة المصرية إجراءات مشددة في ترشيد الاستخدامات للتغلب على نقص المياه الناتج عن ملء سد النهضة". وأوضح قائلاً إن "التأثير السلبي الكبير لملء سد النهضة سيتضح مع سنوات بدء انخفاض الفيضان، والتي قد تبدأ هذا العام للأسف".
وتابع علام قائلاً "في الشتاء والربيع يكون تصريف نهر النيل ومعظمه من النيل الأبيض (الهضبة الاستوائية في العمق الأفريقي) محدودا ويتم تعويضه من مخزون السد العالي في أثناء فترة الفيضان الصيفية، وهذا هو المعتاد". "أما عن (الملء الرابع) كماً وكيفاً، فيعتمد على مدى تعلية السد والذي لم يبدأ بعد".
أما أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بكلية الدراسات الأفريقية في جامعة القاهرة، عباس شراقي، فاعتبر أن "زيادة التصريف هذا العام من السد العالي أكبر من التصريف الطبيعي، والسبب أن المحصول الرئيسي في فصل الشتاء هو القمح، وأنه طبقاً للخطة الزراعية فإن المستهدف هو زراعة حوالى 4 ملايين فدان من القمح بدلاً من 3.6 ملايين فدان العام الماضي، ومتوسط إنتاجية الفدان نحو 11 مليون طن تستهدفها الدولة".
وأشار شراقي، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إلى أن "الزراعة في مصر تعتمد على الري من مياه النيل، ولكن أمطار الشتاء تساعد بعض الشيء، لكن الأمطار في مصر هذا العام قليلة، مما أدى إلى الاعتماد كلياً على مياه النيل وصرف كمية أكبر من المعتاد عن السنوات السابقة".
وعن التقدم الذي بلغته إثيوبيا في الملء الرابع المرتقب لسد النهضة، كشف شراقي أن "كمية التخزين الرابع تتوقف على مدى ارتفاع سد النهضة وقت التخزين، وقد توقف التخزين الثالث العام الماضي عند منسوب 600 متر، ومن المتوقع أن يصل منسوب السد هذا العام إلى أكثر من 620 متراً، بتخزين 13 مليار متر مكعب بإجمالي 30 ملياراً.
وأضاف أن "زيادة ارتفاع الممر الأوسط يعتمد على زيادة الجانبين، فلا يكون الفرق بينهما على الأقل 10 أمتار للسماح بالفيضان بالمرور بعد انتهاء التخزين الرابع، من دون التأثير على مباني التوربينات".
وعن تفسيره لتغير تصريحات الوزير هاني سويلم من "نفي وجود أزمة"، للتصريح بوجود "تحديات تخص ندرة المياه"، اعتبر شراقي أن "التصريحات في مجلس النواب تأتي لتطمئن النواب والشعب، على أن الدولة لديها من المشروعات التي توفر جزءاً من المياه في بحيرة السد العالي، والتي يمكن استخدامها في حالة نقص حصة مصر".
واستدرك: "إلا أن ذلك كله لا ينفي التحديات المائية، ونقص حصة الفرد سنوياً التي وصلت إلى 538 متراً مكعباً في العام الحالي، وتخزينات سد النهضة السنوية التي تستقطع من حصة مصر السنوية، وزيادة الطلب على المياه نتيجة التوسع في المشروعات القومية الزراعية، والمدن الجديدة".
وعلى مستوى المفاوضات بين أطراف قضية "سد النهضة" الثلاثة (مصر والسودان وإثيوبيا)، علمت "العربي الجديد" أن القاهرة طلبت من وسطاء "الضغط على أديس أبابا خلال الفترة الراهنة، لتسريع إنجاز اتفاق بشأن تبادل المعلومات، والتنسيق الخاص بعملية الملء يكون ذا طابع رسمي"، مستغلة في ذلك اقتراب الملء الرابع للسد.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد"، فإن القاهرة "تسعى لتحريك ملف التنسيق الخاص بتبادل المعلومات بشأن إدارة عملية ملء السد، وذلك على الرغم من عدم اشتراط المسؤولين في مصر التوصل إلى اتفاق قانوني شامل ملزم، وعدم اتباع سياسة التجزئة في التعامل مع الأزمة".
تراجع القاهرة في موقفها بشأن مسألة تبادل المعلومات فقط، في ظل "تعنت الحكومة الإثيوبية" ورفضها التوقيع على اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية الملء والتشغيل، عائد إلى "مخاوف لدى القاهرة من استغلال أطراف سياسية في السودان تلك الفرصة، للتحرك بشكل منفصل نحو إثيوبيا، في ظل انحسار المخاوف السودانية بشأن السد في الفترة الراهنة، في الأمور المتعلقة بالسلامة الإنشائية، وتجنّب تأثيراته السلبية على المنشآت المائية السودانية، وفي مقدمتها سد الروصيرص المرتبط بشكل وثيق بسد النهضة"، وفقاً للمعلومات.
وتأتي هذه التطورات، في وقتٍ كشف فيه مصدر سوداني ل"العربي الجديد"، عن "فشل جولة جديدة من المفاوضات الفنية غير الرسمية أُجريت في الإمارات الشهر الماضي، في تحقيق تقدم أو اختراق للأزمة".
وأوضح أن "جولة المفاوضات التي استضافتها الإمارات، باعتبارها الوسيط الأكثر نشاطاً في هذا الملف في الفترة الراهنة، رفعت عدد الجولات الفنية إلى أربع جولات، لكن من دون جدوى تذكر".
ولفت إلى "تمسّك أديس أبابا بألا تأخذ تلك الجولات الطابع الرسمي، نظراً لتمسّكها بعدم خوض جولات تفاوض رسمية من دون اعتراف مصر والسودان، بشرط تقاسم حصص المياه قبل الشروع في أية مفاوضات سياسية بشأن السد".
وأكد المصدر أن الأزمة "باتت محصورة في الوقت الحالي في تمسّك إثيوبيا بالحصول على حصة من مياه النيل وإعادة تقسيم الحصص بينها وبين مصر والسودان، وهو الأمر الذي تتفق الخرطوم والقاهرة على رفضه".
وأشار المصدر السوداني أيضاً إلى "تحوّل في مواقف بعض الأطراف الدولية والعربية، التي بدأت تقتنع برؤية إثيوبيا بشأن الحصول على حصة يتم الاتفاق عليها بين الدول الثلاث، وهو الأمر الذي أثار حفيظة مصر والسودان تجاه أدوار بعض الوسطاء العرب".
دور الوساطة الدولية
وفي السياق، رأى أستاذ القانون الدولي العام في مصر أيمن سلامة، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "الوساطة الدولية أحد أهم أدوات التسوية الدبلوماسية السلمية للنزاعات الدولية، ولكن الوساطة لها أسس وأركان ومتطلبات قانونية لا يجوز تجاهلها عند ممارسة الوسيط الدولي جهوده التوسطية. كما لا يجوز أيضاً لأطراف النزاع الدولي أن تنتهك الأعراف والقواعد الدولية الناظِمة لهذه الوسيلة المُهمة من وسائل تسوية النزاعات الدولية".
وأكد سلامة أنه "من أهم الخصائص المؤسسة لآلية الوساطة، مقارنة بالقضاء الدولي، أنها لا تعد وسيلة إلزامية لتسوية النزاع الدولي بين أطرافه من الدول، ويُمكن تفسير ذلك تأسيساً على خصائص وأسس ومتطلبات الوساطة ذاتها، فالوسيط الدولي لا يطمح إلى تحقيق مصلحة ذاتية من وراء مبادرته بتقديم مقترحه بالوساطة إلا المساعدة في تسوية النزاع. وليس ثمة مُوجب دولي على الدول أطراف النزاع بقبول وساطة الوسيط الدولي سوى رغبة الدول في تسوية النزاع ومنع تَفاقمه. ولا تمثل الوساطة في ذات الوقت تدخلاً من طرف ثالث في النزاع، إذ يقتصر دور الوسيط الدولي، سواء كان دولة أم منظمة دولية أم وساطة مختلطة من دول ومنظمات دولية، على معالجة الملف المعني به".
وأضاف سلامة أن "مقترح الوسيط الدولي على أطراف النزاع لا يصير حلاً للنزاع إلا بموافقة كافة الدول المتنازعة على ذلك المقترح، وتزخر النزاعات الدولية بالأمثلة الكثيرة التي رُفضت فيها العروض التلقائية التي قامت بها الدول للوساطة بين الدول المتنازعة. فقد رفضت تركيا الوساطة التي اقترحتها الولايات المتحدة لتسوية النزاع التركي الإسرائيلي على خلفية حادثة السفينة مافي مرمرة في عام 2010. كما رفضت إثيوبيا وسم الجهود التوفيقية التي قامت بها الولايات المتحدة عامي 2019 و2020 لتسوية النزاع حول سد النهضة بأنها وساطة دولية، ورفضت أيضاً الوساطة الرباعية التي اقترحها السودان وأيدتها مصر لتسوية النزاع المتفاقم حول سد النهضة".
وفي الآونة الأخيرة، جدد وزير الخارجية المصري سامح شكري رفض بلاده لما سمّاه "مماطلة إثيوبيا" في التوصل إلى إطار قانوني ملزم لملء وتشغيل سد النهضة، منوهاً خلال حديث له أمام المجلس المصري للعلاقات الخارجية، بتمسّك مصر بضبط النفس ومراعاة حقوق الشعب الإثيوبي في التنمية.
وشدد في الوقت ذاته على أن "هذا الأمر لم ولن يكون أبداً في مقابل التهاون في حق الشعب المصري في الحياة والوجود، الأمر الذي يجعل التوصل من دون تأخير أو مماطلة إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي ضرورة لا غنى عنها".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.