د. نور الدين بريمة كانت بداية الصراع عندما كان بشير مختار أحمد ، مديرًا لهيئة مياه ولاية جنوب دارفور بينما محمد المصطفى فضل ، المدير الحالي للهيئة ، كان مديرًا لمياه الريف وقتها ، حيث تم إتّهام الأخير بإرتكاب مخالفات مالية وإداريّة ، تم على إثرها تشكيل لجنة تحقيق وزاريّة ، للتقصي والمحاسبة. مما شكّلت عند المتهم صدمة قويّة ، وردّة فعل صعب عليه أن يتقبلها أو يغادرها بعد ، بل كانت سببًا في إبتزاز مديره السابق وإيقاف مرتبه ، والذي لم يتمكّن هو الآخر من معالجة الأمر ، ولا حتى معالجة أمر وظيفته بعد عودته من ولاية شرق دارفور ، التي إنشطرت عن جنوبها ، أيام نزوة الكيزان للحكم. وفور عودته- أي البشير- إلى الولاية تم تعيينه في عدد من المواقع التنفيذية ، إلا أنه وبعد إقالته منها ، أراد الرجوع إلى وظيفته الأساسية ، في هيئة مياه الولاية ، لكنه واجه عثرات و(هرطقات) ومطبّات ومشكلات وتحدّيات جمّة ، لم تجد أذنًا صاغية بعد ، بحجّة أن البشير فقد الوظيفة. وعزوا الفقد إلى تقلّده عدّة مواقع دستوريّة ، في شرق وجنوب دارفور ، وبالرغم من محاولاته المتكررة لإستعادة وظيفته وراتبه ، غير أنها باءت بالفشل ، ولم يتمكن من الوصول إليهما حاليًا ، منع من ظهورهما تعنت متخذي القرار ، وهو يتوكّؤ على أمانة حكومة الولاية ، التي جعلته يحلم بإرجاعها له. أي أن أمانة الحكومة وعدته خيرًا ، فقامت بإرسال خطابين، ممهورين بتوقيع أمينها العام ، بتاريخين متقاربين هما : (4/11/2022 ، و8/11/2022) ، موجهين لمحمد المصطفى ، المدير الحالي ، طالبته فيه بضرورة إرجاع- البشير- إلى وظيفته وفك راتبه بأسرع ما يمكن ، ولكن هيهات.. يبدو أن حكومة ولاية جنوب دارفور في ظاهرها أرادت إرجاع الوظيفة والراتب لصاحبه ، إلا أن باطن متخذي قرارها- مع سبق الإصرار والترصّد- مليئ بالمراوغة و(اللولوة) وعدم الرغبة والجدية ، فساؤوا إستخدام سلطانهم ، لأن الإبتزاز صار سمتهم ولم يتوقف ود المصطفى عن إبتزاز البشير. بل تطاول وإمتد إلى مطالبته بإخلاء المنزل ، لكنّ- البشير- لم يستجب ، بإيعاز من أمانة الحكومة التي إدعت أن المنازل الحكومية من مسؤوليتها ، ولا صلة لهيئة مياه الولاية به ، إلا أن ود المصطفى ، لعب دورًا سالبًا فيه ، لجهة أنه أراد إخراج غريمه من المنزل الحكومي. أعتقد- مثلما يعتقد- غيري كثيرون ، أن دواعي الإبتزاز ، تعود إلى أنه عندما كان محمد المصطفى ، مديرًا لمياه الريف ، كان بشير مختار أحمد، مديرًا لمياه الولاية ، فتم إتّهام الأوّل بالفساد المالي والإداري ، والتصرّف في (الخُردة) التي كانت بطرفه وتحت تصرفه وحوزته وحمايته. وعلى خلفية الإتهام تم تشكيل لجنة للتحقيق مع المتهم ، لأنه بريئ ما لم تثبت إدانته ، ولكن اللجنة من خلال تقريرها ، أكدت وقوع المخالفة والجُرم ، الذي وصفته بالتصرف في الحوْزة ، وبالتالي تحول المتهم إلى مُجرم ، قرّرت محاسبته وإيقاع بعض العقوبات عليه ، ممّا أدت إلى إيقافه عن العمل. وبالعودة إلى تفاصيل قصة الإتهام ، نجد أنه ووفقًا للخطاب الممهور بتوقيع م . بشير مختار أحمد- مدير عام الهيئة ، بتاريخ 13/12/2020 طالب فيه ، محمد المصطفى ، بضرورة مقابلة لجنة التحقيق ، بعد إستباق الأمر بخطاب آخر من مدير الهيئة ذاتها إلى مدير عام وزارة البنى التحتية والتنمية العمرانية- الوزير المكلف وقتها- الطيب عبد الرحمن الأمين. وجاء في خطاب الهيئة ، أن المهندس محمد المصطفى فضل ، الموظف في الدرجة الثانية ، قد خالف اللوائح والقوانين المالية والإدارية ، حيث حدد الخطاب زمان المخالفة في الفترة من أول يناير إلى أغسطس من العام 2020م ، أما مكانها عندما كان المصطفى مديرًا لمياه الريف. فقرر المدير العام- الوزير المكلف- بتوصية من مدير هيئة مياه الولاية ، تشكيل لجنة تحقيق من : آدم محمد جبريل رئيسًا ، وعضوية كل من : محمد الدود كروري- مدير إدارة التخطيط والتنمية العمرانية ، وعبد الرحيم علي نوية- مدير إدارة المخازن في وزارة المالية ، بالإضافة الى عبد السلام إدريس عضوًا. وحسب توجيه الوزير ، تم إجراء تحقيق مع المتهم ، وتحرير خطاب من مدير هيئة مياه الولاية ، إلى مدير ديوان المراجعة القومي ، يفيد بوجود مخالفات خاصة بالتصرّف في الخُردة التابعة لإدارة مياه محلية كتيلا ، بعد تأكيد مديرها أثناء التحقيق ، الحسن حامد علي ، في خطابه الموجه لمدير عام هيئة المياه ، بأن الحديد الخُردة غير موجود بالإدارة . أي أن تلك الخُردة (قاموا بيها سدّاري) لأنو المال السائب بعلم الحرامية ، مش كدا يا… عفوًا رفعوا الخُردة مباشرة إلى نيالا ، طبعًا للحفاظ عليها من أيدي الآثمين ، الذين يسيل لعابهم عند رؤية المال العام ، بعد أن قام المدير التنفيذي بالإدارة ببعض الإجراءات ، حسبما ورد في خطابه المرفق بتاريخ 29/9/2020. ووفقًا إلى تلك الإتّهامات الواردة في نتائج التحقيق ، تم إيقاف محمد المصطفى فضل عن العمل بتاريخ (17/11/2020)، بناءً وإستنادًا على ما جاء في المادة (22) الفقرة (2) من قانون محاسبة العاملين للعام 2006م، بيد أنه وبتاريخ (13/4/2022) ، تقرر فك مرتب المذكور والاستمرار في العمل. ويبدو- والعلم عند الله- أنهم قد إشترطوا عليه إستمرار إجراءات المحاسبة الإدارية الأخرى ، الخاصة بعدم تسنّمه لأي موقع إداري ، ولكن سرعان ما علمنا بتعيينه مديرًا لهيئة مياه الولاية ، لأنه صار من بُناة التغيير بعد ركوب سفينتهم ، فيما لا زال مديرها السابق يبحث عن راتبه ووظيفته. نواصل…