د. نور الدين بريمة تدور هذه الأيام قصص وحكايات عن فساد وزير الداخلية ، الفريق عنان حامد محمد عمر ، حسبما جاء في الفيديو الذي بثه المحسوب على المؤتمر الشعبي ، عبدالمنعم محمود الربيع ، حيث إتهم فيه الوزير بإستغلال نفوذه ، وإقالته لمسؤول الجوازات والسجل المدني بالسفارة السودانية بواشنطن ، العميد محمد حسن، وإقالة عمداء آخرين. بعد أن قام الوزير حسب المزاعم التي أثارها الربيع في الفيديو ، بالطبع دون نفيها من الوزير المُدّعى عليه ، أنه قام بترقية زوج إبنته الذي كان يعمل (فَلْقَنَايْ أو مُرْسَالًا) أي يعمل معه ساعيًا في مكتبه ، فتمت ترقيته من رتبة نقيب إلى رائد. وأشار إلى أن الوزير خالف في ذلك حتى العرف السائد في الشرطة ، بأن التعيين في السفارات ، يشترط فيه أن يكون الشرطي قد عمل في مناطق الشدة ، بالإضافة إلى عمله في السجل المدني، ونوّه الربيع إلى أن الوزير إستقدم شقيق زوج إبنته من الجيش ، وقام بتحويله إلى الشرطة (مكتب الوزير) ، ليحل مكان زوج إبنته. فضلًا عن تعيينه لزوج إبنته الثانية ، الذي يحمل رتبة نقيب في سفارة دبي ، وهو ما يشير بالواضح (كِدَا مَا بِالدّسْ) أنه ذهب بهم يعني (ودَّاهُم المحل الليّن) ، لأنو من (شَوَاقِيرُو) بيّن ، عشان يكنزوا الدولارات ، وخيرات العرب وبلاد العم سام. ففساد عنان قريب البرهان ، هذا ليس بمعزل عن فساد الإنقلابيين برمّتهم ، وما جرى من فسادهم منذ الإنقلاب البرهاني ، يشيب له رأس الولدان ، هكذا عهدنا السلوك الكيزاني منذ أن إستولى الإسلامويون بليل بهيم ، على السلطة الديمقراطية بالكُرباج والدبّابات المجندلة بالجنازير. فكيف لنا أن ننسى تلك الأيام التي فصلوا فيها تعسفيًا الآلاف وقطعوا أرزاقهم ، وما تلتها من أيّام حنظليّة ، عشناها مع (عمر سليقا) عندما كان الحبوبات يتندّرْن بفشل عمر البشير ، بأن الناس كانوا يشربون الشاي بدون سكر يعني شاي سليقا كلها حكايات وقصص تذكرني العام 2010م وما بعده. عندما جنّ جنونهم في ولايات دارفور ، في توظيف أهاليهم وأقربائهم ومحاسيبهم و(نسايبهم) ، يعني تعيين ناس المصارين البيض ، حسب الولاء والإنتماء القبلي ، فكنا نتابع تلك المجريات وهم يحشدون وساطاتهم وتزكياتهم ، دون إدراكهم أو إهتمامهم بالطبع ، للنظر في مؤهلات وكفاءات مريديهم ومحبيهم ، ومحاسيبهم ممن يرغبون في تعيينهم. المهم أنهم كانوا يهيمون بين أشرعة المُوالاة وتصفية الحسابات ، فكنا نتابع بنهْم وشغف مشروع تعيين الضباط الإداريين ، الذي إنتظم ولاية جنوب دارفور ، عندما قام بتفصيل جلباب وظائفه ، وقتها ترزي الكيزان د. عبد الرحمن الزين النور ، وزير الحكم المحلي في الولاية. وأصدقكم القول بأن تلك الفترة ، تعتبر من أكثر الفترات التي إنتظمت الولاية فسادًا في التعيين ، لأن التعيين كان بيتم بواجهات قبلية وإدارة أهلية ، وشوية ولاءات حزبية ، وأخرى لبعض نافذين قبليين لناس (هبّت) ، بإعتبارهم المعنيين بحكم الولاية ، حسب التقسيم القبلي للمؤتمر الوطني ، خاصة ولايات دارفور. فكثرت أحاديث مجالس المدينة حينها ، بأن الإدارات الأهلية في القطاع الجنوبي والغربي للولاية ، حزمت حقائبها وتيمّمت صوب نيالا- رئاسة الولاية ، (محل الوالي بنوم والطيارة بتقوم) ، ربما تظفر من مُولِدها بحمّص الحقائب الوظيفيّة ، فالمركز يظل هو المركز. وبمثلما تشكّل الخرطوم سيادة ، ومركز إتخاذ القرار السوداني ، فبالتأكيد تعتبر رئاسات الولايات مراكز مشابهة للأولى ، في السيادة وعمليات إتخاذ القرارات ، دون أي وازع قيمي أو أخلاقي ، أو مراعاة للمصالح الوطنية ، وظلوا يفعلون ما يحلو لهم من أفاعيل ، وما على تلك الأطراف والهوامش إلا الإستجابة والسمع والطاعة. الفطير : (لا لدنيا قد عملنا ، نحن للدّين فداء ، فليعد للدين مجده ، أو تُرق منّا الدماء) ، حيث عملوا لدنياهم لا لدينهم ووطنهم ، وأقاموا قصورًا شاهقات من المباني ، كما أراقوا دماء شباب وشيوخ وكهول لا ذنب لهم ، وعمدوا على إضاعة الدّين والوطن بل وأبعدوهما عن قيم المجتمع ، فلم يفدوا دينًا ولا وطنًا ولم يعيدوا لهما مجدًا.