اهم جميع السودانيون يضعون أياديهم على قلوبهم، إثر تسامعهم بوصول الخلاف بين الجيش والدعم السريع إلى نقطة مفصلية وحاسمة، و بعد الخلافات التي عصفت بين ممثلي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حول قضية دمج عناصر الأخيرة ضمن القوات المسلحة، أعلن رسمياً تأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي الذي كان مقرراً أمس السبت إلى موعد لاحق. فقد جاء ذلك على لسان الناطق الرسمي باسم العملية السياسية، خالد عمر يوسف، والذي قال أن اجتماعاً سيعقد في وقت لاحق من يوم امس السبت بين الأطراف المدنية والعسكرية، والآلية الثلاثية لتحديد موعد جديد للتوقيع على الاتفاق السياسي النهائي. كما أشار في بيان مقتضب إلى أن التوقيع تعذر لعدم التوصل إلى توافق حول بعض القضايا العالقة، دون أن يحددها. إلى ذلك، أكد أن جميع الأطراف ستواصل انخراطها في مناقشات جادة، من أجل تجاوز العقبات الأخيرة في طريق الوصول لاتفاق يسترد مسار التحول المدني الديمقراطي، وتتشكل بموجبه سلطة مدنية تقود المرحلة الانتقالية في البلاد. (1) موقف الجيش لم يستغرب غالبية أهل السودان من حادثة انسحاب ممثلي الجيش عن الجلسة الختامية لورشة الإصلاح العسكري والأمني، ولأن المناخ العام في البلاد كان يعزز من فرضية تراجع البرهان من المضي في العملية السياسية حتى نهاية المطاف. حيث تصاعدت حدة التهديدات من قبل الرافضين للعملية السياسية ومما كان ينذر بأن البلاد مقبلة على توترات غير محسوبة على صعيد الأمن القومي في البلاد، هذا فضلاً عن وجود خلافات جوهرية بين الجيش والدعم السريع فيما يتصل بالترتيبات الأمنية ودمج الجيوش داخل الجيش. وخلال الفترة الأخيرة بدأت قيادات الجيش تشترط دمج الدعم السريع شرطا للمضي في العملية السياسية، وهو ذات الأمر الذي لم يرفضه الدعم السريع ظاهرياً. وعندما تطور الأمر لدرجة تأجيل التوقيع الذي كان مقررا له الأول من ابريل، بسبب خلاف حول قضية دمج الدعم السريع، قالت قناة الجزيرة أنها حصلت على وثيقة مهمة تم تقديمها في ورشة الإصلاح الأمني والعسكري، المنعقدة في الخرطوم، ولم تدرج ضمن توصيات الورشة. وقال الموقع الرسمي للقناة "الجزيرة نت"، أن الوثيقة تشمل رؤية القوات المسلحة لعملية دمج قوات الدعم السريع في الجيش السوداني. وطالب الجيش بوقف التجنيد ووقف فتح معسكرات جديدة ووقف الانفتاح والانتشار إلا بالتنسيق مع الفرق العسكرية، والتي ستبدأ مع التوقيع على الاتفاق النهائي. وجاء في الرؤية أنه لا يتم أي انتشار للقوات الدعم السريع إلا بالتنسيق مع الجيش، مع إخضاع استثمارات هذه القوات لإشراف وزارة المالية، ووقف أي تعاقدات خارجية لتزويدها بالسلاح وأن يتم ذلك عبر الجيش. (2) رؤية الدعم السريع بالمقابل تتمسك قوات الدعم السريع برؤية خاصة بالنسبة للإصلاح العسكري والأمني وما يتعلق بالدمج داخل جيش واحد مهني وقومي. ووفقا لموقع "دارفور24" الذي رصدته " الجريدة" فإن ورقة الدعم السريع التي قدمها في ورشة الإصلاح الأمني والعسكري، أوصت الورقة بتجريم الانقلابات العسكرية، على أن ينص الدستور على نأي المؤسسة العسكرية عن التدخل في السياسة. وإلزام القوى السياسية بقانون الأحزاب بعدم اللجوء للمؤسسة العسكرية، وأوصت الورقة بضرورة الرقابة المدنية على المؤسسة العسكرية عبر البرلمان. وإخضاع ميزانية الدفاع للمراجعة والمساءلة من البرلمان، ومراجعة وتطوير العقيدة العسكرية وتضمين حقوق الإنسان والنوع في القانون العسكري. ووضعت الورقة عدد من المطلوبات؛ اعتبرتها ضرورية لعملية الإصلاح؛ جاء في مقدمتها؛ تصفية القوات المسلحة وقوات الدعم السريع من عناصر النظام السابق وأصحاب الايدولوجيات. إشراك ضباط الدعم السريع في كافة مشاريع تحسين بيئة العمل أسوة بزملائهم من القوات المسلحة، وتحسين شروط الخدمة وإشراكهم في صناديق التكافل. وإشراك عناصر الدعم السريع في التمارين العسكرية كافة، وإشراك الدعم السريع في شئون ومصالح الدولة الخارجية. واعتبرت الورقة مراجعة مناهج الكلية الحربية أمر ضروري لعملية الإصلاح عطفاً على الإصلاح القانوني والهيكلي وتحسين شروط الخدمة. وأشارت الورقة إلى أهمية التدريب والتأهيل والتهيئة النفسية لعناصر المؤسسات العسكرية لقضايا التحول الديمقراطي والمرحلة الجديدة. الجريدة