التيار السلطوى أدخل البلاد فى مأزق جديد الاتفاق الإطارى ليس قاموسا للعمل السياسي أن الأوان لأن تفكر القوى السياسية فى انشاء تحالف جديد لابد من اتفاق سياسي جديد بأوسع قاعدة على فولكر زيارة دار الوثائق وعلى الثلاثية أن تكون أكثر حيادية
يبدو أن ألتيار السلطوى بالمجلس المركزى قد وصل إلى قناعة بأن ما يسميه بالعملية قد وصل "الميس" فانتقل إلى خانة الهجوم على معارضى مشروعه للعودة للحكم وان هؤلاء يريدون إدخال البلاد فى أزمة وفات عليهم أن منهج الإقصاء واختطاف القرار وتهافتهم على السلطة عبر التحالفات الانتهازية داخليا واقليميا هو الذى عمق أزمة البلاد . فند واقع الحال تصريحات المركزى التى حاول عبثا الترويج لها بان الشركاء باتوا قاب قوسين أو أدنى من التوقيع النهائى ولم تكن هذه التصريحات التى لا تعبر عن الواقع محض خطأ فى التقديرات انما هو منهج المركزى المعلوم فى تعاطيه مع المسالة السياسية هذه الطريقة نفسها و التى تدلل على عدم النضج السياسي ارتفعت وتيرتها بفعل غلبة طريقة التفكير السلطوى على العقل السياسي للمركزى وهو ما ليس بحاجة لتعداد تمظهراته فيكفى النظر فى طريقة الإعداد والتحضير وحتى توصيات الورش التى ناقشت القضايا المؤجلة فكل ما يهم المركزى أن يسابق الزمن لإنهاء المصفوفة الزمنية التى يتم الاتفاق عليها كيفما اتفق دون عناية لا بالتحضير الدقيق ولا بالمخرجات لأن الغرض الأساسي للتيار السلطوى والمركزى هو السلطة عبر الوصول لمرحلة تشكيل الحكومة ولعل ما أحاط بورشة مراجعة اتفاقية السلام التى انعقدت بالخرطوم وما نشأ من تعقيدات عن ورشة الترتيبات الأمنية الأخيرة يقف دليلا على صحة مزاعمنا أن ما حدث بشأن ورشة اصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية زاد من عمق الأزمة ووضع البلاد مرة اخرى بين شقى الرحى وهذه مسؤلية يتحملها التيار السلطوى فى المجلس المركزى. بدأ واضحا أن التيار السلطوى بالمركزى قد شعر بأن الامور لم تعد كما كانت فبدأ فى استلاف لغة خطابات" نافع" فى التهديد والوعيد وفات عليه أن الحركة السياسية السودانية التى لا يعرفها تستطيع أن تقلب ظهر المجن لأى إفاك مستبد وان بإمكان القوى الثورية إعادة رسم خارطة المشهد بين عشية وضحاها ولن يجدى حينئذ لا سادس ولا سابع ودا "شعر ما عندو ليهو رقبة" فينبغى أن يقدر لرجله قبل الخطو موضعها أن ما يسمى بالعملية السياسية وفقا للاطارى ليست قاموسا للعمل السياسي انما هى رؤية مثل غيرها من الافكار تخضع للمراجعة والاتفاق والاختلاف لا عاصم لها من النقد ولا تحيط بها قدسية ولا اعتقد انها خرجت عن مبادرة الدكتور حمدوك الطريق الى الامام هذا أن لم يكن نسخة معدلة منها . فى ظل هذا دعت القوى الوطنية للاحتفاء بانتفاضة أبريل 1985 لتعيد الالق لثورة ديسمبر المظفرة. تظل ذكرى انتفاضة السادس من أبريل التى أسقطت النظام المايوى ذكرى حية وخالدة فنظام النميرى ارتكب فظائع شتى أسهمت فى تغيير وجه الحياة السياسية فى السودان وتركت ندوبا غائرة على وجه المجتمع السودانى لذلك هى حفية بالاحتفاء بها والاستفادة من دروسها مثلت أبريل تجربة ثرة راكمت خبرة الشعب السودانى فى مقاومة الأنظمة الدكتاتورية هذه الإرث النضالى أسهم بقدر كبير فى ثورة ديسمبر المجيدة التى اطاحت بنظام الانقاذ لعل أبرز ملامح التشابه تجربة التجمع النقابى فى أبريل ودوره الحيوي فى الانتفاضة فى أبريل 1986 ودور تجمع المهنيين فى ثورة ديسمبر 20219 الآن وكل قطاعات شعبنا تسعى لإسقاط انقلاب 25 أكتوبر فهى تستلهم تلك الدروس والعبر فالثورة حالة صيرورة مستمرة صحيح أن ثمة متغيرات على مستوى العالم وتطورات كبيرة إلا أنه وفى النهاية تظل سمات وملامح الأنظمة الدكتاتورية متشابهة فى ظل الدعوات التى تقودها القوى الثورية والتقدمية للاحتفاء بذكرى انتفاضة أبريل تبرز محاولات بعض القوى فى المجلس المركزى الوصول إلى تسوية سياسية مع الانقلابيين تحت رعاية الثلاثية وحتى الآن يبدو أن الوصول لاتفاق نهائى تحيط به عقبات ذاتية متصلة بالمكون العسكرى نفسه وموضوعية لها علاقة بالاتفاق والذى تتحفظ عليه قوى كثيرة من داخل تحالف قوى الحرية والتغيير نفسه سواء التى هى داخل المجلس المركزى أو الموجودة بالكتلة الديمقراطية وترفضه بشكل مبدئي كل قوى الثورة خارج هذا التحالف وأبرزها قوى مركز الحل الجذرى التى يقودها الحزب الشيوعى وكذلك القطاع الاعرض من لجان المقاومة بمختلف تشكبلاتها سواء مجموعات ميثاق سلطة الشعب أو مجموعات الميثاق الثورى إضافة إلى فصيلى القائد الحلو والأستاذ عبد الواحد محمد نور هذه القوى الثورية يبدو لى أن الطريق أمامها أصبح ممهدا لتشكيل تحالف جديد أكثر راديكالية من تحالف قوى الحرية والذى بحكم طبيعة جل تنظيماته لن يعدو موقفه النهائى من الانقلاب الوصول إلى مساومة يقتسمان بموجبها السلطة الآن وفى ظل فشل التيار السلطوى فى تحقيق اهدافه التى تمر عبر الاتفاق السياسي النهائى مع المكون العسكرى وفشله رهانه على مشروع الشراكة مع العسكر لأسباب شتى فإن الطريق أصبح ممهدا أمام تحالف جديد عماده مركز الحل الجذرى ومناصروه وبقية الاحزاب التقدمية وحراس الثورة فى لجان المقاومة وحركة جيش وتحرير السودان بقيادة عبد الواحد والحركة الشعبية شمال بقيادة الحلو وحزب البعث الأصل والبعث السودانى اضافة إلى قطاعات مهنية داخل دولاب الخدمة المدنية والقوى الديمقراطية فى قواعد الأحزاب بلا استثناء وقوى المجتمع المدنى. هذا التحالف التنسيقى والذى يجب أن يتصف بالمرونة وتعدد القوالب التنظيمية من الممكن أن يعيد البلاد إلى منصة التأسيس وبالتالى تحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة وقطعا واجبه الملح الآن هزيمة مشروع التيار السلطوى ممثلا فى الاتفاق السياسي النهائى عبر ما عرف بالعملية السياسية ومن ثم طرح مشروع التسوية التأسيسية التى تعالج كل اختلالات الدولة السودانية منذ النشأة أن الأوان لأن تتبنى القوى الثورية مشروعا وطنيا واقعيا بعيدا عن الرغبوية ومتجاوزا لكل البرامج الحزبية المنطلقة من الأيديولوجيا ايا كانت المطلوب من الثلاثية الحياد والوقوف على مسافة واحدة من كل الفاعلين فى المشهد. اذا كان السيد فولكر يعتقد أن بامكانه الركون للتيار السلطوى لتحقيق أجندة ما فعليه أن يعيد قراءة تاريخ الحركة السياسية السودانية المطلوب من السيد فولكر زيارة دار الوثائق السودانية ليعرف أن هذه البلاد مر عليها ساسة ملء السمع والبصر تركوا ارثا غنيا وسيرة عطرة من اقصى اليمين إلى أقصى يسار الشارع السياسي وما بينهما وان ذلك التاريخ الزاخر هو الذى يحرك المشهد ويصنع احداثه هذه البلاد لم يسبق لها أن رهنت أمرها لاغرار بلا معرفة نظرية للسياسة وبلا تجربة. على الدكتور فولكر أن يستفسر عن الطبقة السياسية السودانية فى تاريخ السودان ويعرف أن من قادوا هذه البلاد كانوا نجوما فى المحافل الدولية علما ومعرفة ومن قبل قدرات فطرية وان الحركة السياسية السودانية زاوجت فى تجربتها بين كل أشكال العمل السياسي . على الثلاثية الوقوف على مسافة متساوية أن أرادت النجاح فى مهمتها والا لتستعد لحزم حقائبها