سبب الكارثة العسكرية التي حاقت بالجيش في معركة بحري الكبيرة هو مؤتمر القاهرة الذي إنعقد بالأمس بخصوص الحرب في السودان ،فمن الملاحظ أن المؤتمر قد خرج بتوصيات تبدو في الظاهر معقولة ومقبولة ولكنها تخفي السم في الدسم ،فالمؤتمر كان الهدف منه في الأساس رفع العتب عن الجيش المختطف والحرص على عدم إظهاره في صورة الطرف المتعنت الذي يرفض مبدأ التفاوض لإنهاء الحرب،حيث نلاحظ أن هذه التوصيات قد أتت في صور مرسلة ومفتوحة وغير مقيدة بقيد زمني محدد وتواريخ محددة لوضع هذه التوصيات موضع التنفيذ، أي أن هذه التوصيات يمكن تنفيذها في يوم أو شهر أو سنة أو عشر سنوات، ولكن السؤال هنا لماذا تركت هذه التوصيات مفتوحة وغير مقيدة بمواعيد وتواريخ محددة يتم خلالها تطبيق هذه التوصيات ،السبب في ترك هذه التوصيات غير مقيدة بتواريخ محددة لتنفيذها وتركها بغير قيد زمنى هو لإعطاء الحكومة الإنقلابية الفرصة للقضاء على قوات الدعم السريع وحسم المعركة دون الإضطرار للدخول في مفاوضات تنتهي على وضعية (اللاغالب ولا مغلوب)وهي الوضعية التي يتهرب منها الكيزان ومن ورائه الجيش المختطف،لذلك رأينا كيف أن الجيش قد تلقى الإشارة من مؤتمر القاهرة بحسم المعركة سريعا وقبل أن يفرض عليه المجتمع الدولي ضرورة الجلوس مع الدعم السريع لإيقاف الحرب وهو ما سيفشل خطة الكيزان في العودة الي الحكم تحت عباءة الجيش، وقد إنعكس الإصرار على حسم المعركة عسكريا في هذا الهجوم المرتجل وغير المدروس من الناحية العسكرية وهذا الإندفاع الجنوني الأهوج لحسم المعركة مهما كانت الخسائر فكانت النتيجة هذه المجزرة البشعة وضياع أرواح بريئة بسبب لهفة الكيزان في هزيمة قوات الدعم السريع وحسم المعركة في الميدان تفاديا للجلوس على طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب بالطرق السلمية.