بعد المعارك الضارية التي نشبت بين القوات المسلحة وقوات "الدعم السريع" في يوم السبت 15/ ابريل الماضي ودخلت يومها ال(95) وما زالت مستمرة بلا توقف، وايضا بسبب عدم وجود علامات ايجابية تدل علي قرب انتهائها في القريب العاجل خصوصا بعد ان فشلت المساعي الدولية والاقليمية علي وقف الاقتتال، عندها لم يبقي امام المواطن الا التخمينات المحبطة المتضاربة حول مستقبل السودان المجهول المصير. منذ العصور القديمة الي اليوم جرت العادة ، ان تكون سنة الحياة الدنيا دائما بعد الحروب- أيا كان نوعها صغيرة كانت او كبيرة، ومهما طالت وامتدت-، فلا بد ان يعقبها سلام وامان، لهذا فان الجنرال/ البرهان شاء أو أبى فان الاقتتال سيتوقف عاجلا او اجلا، فلا يمكنه الاستمرار طويلا في الحرب، نفس الشيء ينطبق علي "حميدتي" الذي لا يمكنه ان ينعم بانتصارات ويواصل المعارك والخراب الي الابد. هنا يبقي السؤال القوي مطروح بقوة طالما السلام قادم لا محال: ايهما يسبق الاخر: القوات المسلحة تحسم المعارك لصالحها وتنهي جبروت "الدعم السريع" وندخل بعدها في اعوام السلام؟!!.. ام ستكون هناك انتصارات باهرة لقوات الدعم يفرض بموجبها شرط اتفاق سلام نهائي ان تبقى قوات الدعم بلا حل؟!! تكمن المشكلة، انه لا يوجد حل وسط في مسالة الحرب التي نشبت بسبب وجود قوات "الدعم السريع" الموازية في قوتها قوة القوات المسلحة بالبلاد، فإما ان يتنازل البرهان مجبرا عن فكرة حل الدعم من أجل السلام ويبقي الحال العسكري القديم علي حاله..او من ناحية اخري ان يقبل "حميدتي" بمقترح حل قوات الدعم من اجل احلال السلام الدائم. قمة المشكلة تكمن ايضا، ان البرهان لن يرضي ان يخسر الحرب حتي لا يتهم انه سبب خراب البلاد، ولسبب اخر (نفسي) انه يخجل ان يفوز عليه "حميدتي" الذي كان في يوم من الايام نائبه وعمل تحت إدارته!!… وكيف يرضي لنفسه ان يفوز عليه "حميدتي" الجاهل الذي لم يدخل الكلية الحربية ولا عتب حتي بابها؟!! البرهان حتما سيواصل الحرب مع جنرالاته حتي اخر جندي ومتطوع وكوز ودبابين وفلول. اما عن "حميدتي" بعد انتصاراته المتلاحقة واحتلاله ولاية دارفور بكاملها، ونصف كردفان، وخضوع امدرمان وتوتي والخرطوم بحري لقواته، ونجاحه في احتلال قصر الشعب ومصنع اليرموك، والوزرات، معمل استاك القومي، والمقرن، ومبنى الاذاعة، والمطار،والمتحف القومي، وجامعة الخرطوم، وكل المباني الرئيسية في شارع النيل، وكامل منطقة العمارات وما فيها من سفارات ومقرات الدبلوماسيين، فانه (حميدتي) لن يرضى وهو القوي عسكريا في ساحة المعارك ان يقبل بأي حال من الأحوال سلام علي حساب حل قوات الدعم وضم الضباط والجنود للقوات المسلحة ، خصوصا ولم يبقي عنده في القائمة الاحتلال القيادة العامة- التي في حسب رأيه- انها ستسقط كما سقطت رئاسة الجمهورية رمز الدولة وسيادتها!! مما يعمق من حجم الحرب وزيادة اتساعها في المستقبل، ان الاخبار الاخيرة جاءت وأفادت بتجهيزات عسكرية تابعة لقبائل تجري علي قدم وساق في دارفور لارسالها الي امدرمان لمؤازرة قوات "الدعم السريع"، وان السبب الأصلي في وقوع المجزرة التي وقعت في دارفور وطالت ارواح نحو (87) مواطن من قبيلة "المساليت"، ترجع الي ان قوات الدعم هناك طلبت من أهل "المساليت" الانضمام لقوات الدعم للقتال ضد قوات الحكومة، إلا ان السكان رفضوا فكرة الانضمام للدعم، وانهم يفضلون البقاء علي الحياد دون المشاركة مع احد الطرفين المتقاتلين، فما كان من قوات الدعم الا الانتقام منهم وتصفيتهم جسديا ودفنهم في مقابر جماعية وصلت أخبارها للأمم المتحدة. هذه المجزرة المتعمدة كانت بمثابة رسالة تحذير قوية من "الدعم السريع" الي كل قبائل دارفور بلا استثناء: " يا معانا.. يا نصفيكم!!"، وما زاد الوضع الحرج علي قبائل دارفور انها دائما بلا حماية مضمونة من القوات المسلحة.. جنرالات مجلس السيادة رفعوا يدهم تماما عن دارفور وكردفان منذ زمن طويل ، هذا المجلس السيادي الان بكامل عضويته والموجودين في البدروم لا يستطيعون تقديم اي نوع من المساعدات للقبائل، الشيء الوحيد الذي يقدر عليه هو السماح بتحليق الطائرات الحربية والقاء القنابل بلا تمييز علي السكان او تجمعات الدعم السريع!! لا يبقي امامنا الا الانتظار بقلق بالغ معرفة "ايهما يسبق الاخر: الجيش يحسم المعارك لصالحه.. أم اتفاق سلام يبقي قوات الدعم؟!!".. نتمنى ألا يطول الانتظار. [email protected]