لم يعد يخفي علي احد ، ان ولاية دارفور تعتبر حاليا اسوأ منطقة في العالم بسبب فقدانها الامن والامان بشكل كامل وعدم الاستقرار فيها مما اضطر اكثر من اثنين مليون مواطن الي مغادرة الولاية الي الداخل او لدول الجوار ، تمر الولاية حاليا بظروف بالغة القسوة لم تعرف دارفور لها مثيل من قبل ، لقد فاقت مأساة السكان فيها حال الأوكرانيين واللاجئين الروهينغا ، هذا الحال المزري في ولاية دارفور ليست بالجديدة فهي امتداد معاناة متواصلة بدأت في عام 2013م وازدادت أكثر حدة في هذا العام الجاري 2023م حتي وصلت فيها المآسي الي اقصي حدودها لدرجة ان منظمة الاممالمتحدة وحكومات الدول الأوروبية ودول كثيرة عجزت تماما في الوصول الي حل فوري وعاجل ينهي بشكل دائم وقوع المزيد من المجازر والاغتيالات والتصفيات العرقية والابادة التي يتعرض لها السكان بشكل يومي ودائم طوال ال(10) اعوام الماضية. من تابع بدقة تطورات الاحداث الدامية التي وقعت في دارفور خلال الفترة من فبراير عام 2003م الي هذا العام الجاري 2023م – اي خلال ال (20) عام مضت-، يلمس علي الفور، ان المشكلة الدارفورية بدأت عندما بدأت مجموعتان متمردتان هما "حركة تحرير السودان" و"حركة العدل والمساواة" بقتال الحكومة السودانية التي تتهم باضطهاد سكان دارفور من غير العرب ، عندها سارعت بالتصدي عسكريا ضد "حركة تحرير السودان" و"حركة العدل والمساواة" بسبب مزاعم الحركتين ، ان نظام الانقاذ يمارس سياسة اضطهاد سكان دارفور من غير العرب ، وردت الحكومة بهجمات عبارة عن حملة تطهير عرقي ضد سكان دارفور غير العرب . أدت الحملة إلى مقتل مئات الآلاف من المدنيين واتهم بسببها البشير بارتكاب إبادة جماعية ، جرائم حرب ، وجرائم ضد الإنسانية من قبل محكمة العدل الدولية. عندما اشتدت المعارك بين القوات المسلحة و"حركة تحرير السودان" و"حركة العدل والمساواة"، وحققت الحركتين انتصارات كثيرة قصمت ظهر الجيش ، ولما ارتفعت الأصوات في كل مكان خاصة في المحافل الدولية ونددت بسياسة القمع والابادة بالجملة وارتكاب جرائم ضد الانسانية ، اضطر البشير الي قبول اقتراح مدير جهاز الأمن وقتها صلاح قوش ، بان ترفع القوات المسلحة يدها قليلا عن دارفور وتكتفي فقط بقصف جوي دائم ومستمر .. وتشكيل قوة عسكرية أخرى أفرادها من غير ضباط وجنود القوات المسلحة تقوم بعمل القوات المسلحة في دارفور. بعدها تشُكّلت قوات "الدعم السريع" رسميًا في أغسطس عام 2013م ، وسرعان ما تمّت إعادة هيكلتها فأصبحت تحت قيادة جهاز الأمن والمخابرات الوطني ، وكان الهدف من تكوين "الدعم السريع" محاربة الجماعات المتمردة في إقليم دارفور وجنوب كردفان وولاية النيل الأزرق في أعقاب الهجمات المشتركة من قبل متمردي الجبهة الثورية السودانية في شمال وجنوب كردفان في أبريل 2013م . وبتخطيط كامل انسحبت القوات المسلحة من دارفور جزئيا وتركت زمام الامور بيد "حميدتي" ولكن برعاية ورقابة من قيادات الجيش والامن ، بعدها وقعت البلايا والرزايا ، ما ادراك ما جرائم قوات "حميدتي" بعد استلامه دارفور بكاملها ، وارتكابها المجازر بكل دم بارد ، ووقوع مئات التصفيات الجسدية والاغتيالات والاغتصابات التي قامت بها قوات "حميدتي" وجرى تنفيذها ضد قبائل فور ، والمساليت والزغاوة ، لدى قوات الدعم السريع «سجّل سيء للغاية» في مجال حقوق الإنسان وذلك بسببِ ما قامت بهِ خلال الحرب في دارفور من مهاجمةٍ للقرى وإحراقٍ المنازل ونهبها فضلًا عن ضربِ القرويين واغتصابهم بمساعدة جوية وبرية من القوات المسلحة السودانية. الشيء الذي لم يفوت علي فطنة السودانيين ، تلك المحاولات الفاشلة التي جرت من النظام السابق بعد توجيه التهم الي البشير وعبدالرحيم حسين واحمد هارون من قبل محكمة الجنايات الدولية بارتكاب جرائم ، ان من قاموا بجرائم دارفور هم الدارفوريين انفسهم لا احد غيرهم ، وأن القوات المسلحة لم تشارك في المعارك التي دارت في مناطق القتال ، وان "الدعم السريع" هي التي دافعت عن السكان ضد الهجمات .. ولكن المدعي العام بمحكمة الجنايات الدولية وقتها لويس اوكامبو اثبت بالدليل القاطع وبالادلة الموثقة وشهود عيان ، ان القوات المسلحة بالاشتراك مع قوات "الدعم السريع" الجنجويد موسى هلال شاركوا في تصفيات جسدية واغتيالات وصل عددها عام 2006م الي نحو (350) ألف قتيل. (أ)- عودة الى ما يجري في دارفور هذه الايام من احداث مؤلمة اصبحت حديث السياسيين في كل مكان ، واصبح الشغل الشاغل عند الكثيرين هذه الايام البحث عن اجوبة لاسئلة مطروحة بقوة : "لماذا رفعت القوات المسلحة التي يبلغ تعداد افرادها (100) ألف جندي يدها عن دارفور الجريحة؟!! . (ب)- لماذا ابعد البرهان الجيش عن حماية (6) مليون دارفوري يعيشون في ظروف قاسية ، ويتناقص عددهم يوميا بسبب الاغتيالات الفردية والجماعية ، ومجازر طالت حتي النساء والاطفال؟!! . (ج)- اين اختفي الجيش الذي قوامه (100) ألف جندي عندهم العتاد والاسلحة الثقيلة والخفيفة والطائرات الحربية؟!!.. وهل حقا الجيش اليوم لا يقوي علي محاربة قوات "الدعم السريع" في أرضه بدارفور؟!! . (د)- هل تخشى القوات المسلحة فعلا الدخول الي مناطق تحتلها قوات "الدعم السريع" في دارفور، فتجد نفسها في خضم معارك مع جماعة "فاغنر" الروسية التي تعتبر ولاية دارفور باكملها "قطاع خاص" ليس تابع لجمهورية صقر الجديان؟!! . (ه)- ما هو شعور البرهان وهو يرى ويسمع ما يجري في دارفور من حال مزري يشبه حال مجازر رواندا عام 1994م التي طالت هناك ارواح (800) ألف رواندي؟!! . (و)- هل هناك سبب قوي جعل البرهان يحجم عن إصدار توجيه عاجل بإرسال فرق عسكرية الي دارفور ، وهو الجنرال الذي سافر من قبل الي اليمن لنجدة السكان هناك من الحوثيين؟!! . (ز)- هل حقا ما يشاع ، ان البرهان يخشي إرسال ضباط وجنود الي دارفور فانضموا لقوات "الدعم السريع" بحكم ان اغلب الجنود في القوات المسلحة من دارفور؟!! . (ح)- البشير تخلي عن حماية دارفور فكان جزاءه تهم مازالت تلاحقه من محكمة الجنايات الدولية فهل يلحقه البرهان؟!! . واخيرا ، هل حقا البرهان غير ملم ولا علم له بما يجري في دارفور لا من قريب او بعيد بحكم وجوده في "البدرون"؟!!.