*الحرب تدخل شهرها الرابع، ولم تنقطع شهيتها بعد، وتمضي أسلحتها وآلياتها الفتاكة في حصد ألآف الضحايا بين قتلى وجرحى ، وتشريد الملايين من العاصمة فقط ، ودفعهم يكابدون مصيرا مجهولا في الولايات التى وصلوها نازحين، بينما تحتضن دول مجاورة مئات الآلاف من اللاجئين الفارين من جحيم الحرب في الخرطوم و دارفور. * رغم بشاعة الفظائع الناجمة عن الحرب و ما تخلفه من خراب ودمار يحتاج سنوات لمحو آثاره، إلا أن الخطر المحدق بالبلاد حقا يتهدد وحدتها و تماسك نسيجها الاجتماعي، بدأ يطل برأسه كأفعى تنفث سموم العداء في أقبح صوره القبلية والمناطقية ، وتحركها أياد لم تعد مجهولة او خفية بعد سقوط آخر أوراق التوت لتفضح عري دعاة الحرب ونافخي كيرها من فلول النظام البائد وتوابعهم المنتفعين والمتباكين على فردوس دولة الفساد المفقود ،منذ تفجر ثورة ديسمبر المجيدة. * وكعادتهم لم يترك الفلول شيئا كما لم يتعلموا من دروس (ديسمبر) شيئا!.. فطفقوا في بث خطاب الكراهية وتفتقت عبقرية الشر الكامن في نفوسهم ، الى استخدام آخر الأسلحة الصدئة ، بإشاعة التفرقة وتحويل الصراع الدائر الى حرب أهلية ذات طابع عنصري وجهوي بغيض، في محاولة يائسة لتغبيش الوعي لدى الرأي العام السوداني، بمحاولة تصوير مايجري من تحولات واحداث، بأنه توجه اثني ومناطقي..!!. ،وهم بذلك يعمدون لذر الرماد على العيون والانحراف بحقائق الأشياء الى حيز جديد من الصراع في محاولة للإصطياد في المياه العكرة وتحييد فئات وطنية عن دائرة الفعل الايجابي. * وسط جهود دولية وإقليمية حثيثة، لوقف الحرب و استعادة السلطة المدنية المفضية الى التحول الديمقراطي وتأسيس دولة القانون والحكم الرشيد. يسارع دعاة الحرب لتمرير مخططهم الخبيث وتهيئة مسرحه بتفعيل منصات اعلامية وصفحات عبر وسائل "السوشيال ميديا" المختلفة . * لكن يظل الرهان كبيرا على وعي الشعب بقطاعاته المجتمعية الواسعةودوائره المستنيرة، في تفويت الفرصة على المروجين لإذكاء نار الفتنة وتقطيع أوصال البلاد تحت دعاوى ومسوغات لا تعبر إلا عن تقاعسهم عن الدور الوطني ، وركونهم الى فكرة واحدة بحثا عن سلطة تجعلهم الأعلون ، ولو على رقعة محدودة من ارض الوطن الفسيح وعلى رقاب أهله الطيبون. * استحسنت مبادرة اطلقتها هيئة شئون الأنصار في الجزيرة أبا، ترمي لوقف الحرب ، ولعلها تميزت بنداء مجتمعي خالص يستهدف محاصرة خطاب الكراهية المتفشي بوتيرة غير مسبوقة،ودعت في توصيات ورشة شاركت فيهاقطاعات شبابية ومنظمات للمجتمع المدني والادارات الأهلية في ولاية النيل الأبيض، الى تنظيم قوافل سلام تنطلق الى ولايات السودان قبل الترتيب الى وقفات رافضة للحرب والفتن الجهوية ،تتنظم عدد من مدن البلاد في توقيت متزامن . نأمل ان تجد المبادرة حظها وتلعب دورا مسؤولا في الحفاظ على لحمة الوطن بعد أن غاب عن المتشبثين بكراسي الحكم خطورة ماجروا اليه البلاد عند حافة الهاوية . *إضاءة اخيرة :* نستدعي توصيف الشاعر محمود درويش للغارات على بيروت : الطائرات تعضنا وتطير من غرف مجاورة الي الحمام .. نفتح علبة الساردين تقصفها المدافع …!