بكري الصائغ في يوم الثلاثاء 14/ نوفمبر الحالي، أنتهي الشهر السادس من الحرب التي كانت بدايتها في يوم السبت 15/ أبريل الماضي، وصادف ايضا وقوعها في يوم 24/ رمضان 1444 هجرية. مدة الحرب خلال الستة شهور الماضية وصل عدد أيامها الي (312) يوم .الشهر السادس من المعارك كان بكل المقاييس من أسوأ شهور الحرب، وفيه فشلت كل المساعي الدولية والاقليمية لوقف نزيف الدم ووقف الحرب. الشهر السادس شهدت فيها البلاد مجازر فاق عدد ضحاياها ال(3) ألف قتيل علي أقل تقدير أغلبهم من سكان دارفور وكردفان وامدرمان. واسوأ ما برز في أحداث الشهر السادس تلك العنصرية في اسوأ معانيها، وكراهية فاقت الحد البعيد ضد سكان قبيلة المساليت في دارفور وصلت الي حد التصفيات الجسدية بالجملة من قبل المليشيات المسلحة من نفس الولاية. اليوم الأربعاء 15/ نوفمبر الحالي دخلت المعارك يومها الاول من الشهر السادس وتنتهي أن قدر لها أن تستمر الي يوم الجمعة 15/ ديسمبر القادم. رغم أن الاوضاع السياسية والعسكرية والامنية والاجتماعية والمعيشية في أسوأ أحوالها بالبلاد، فان هذا لا يمنع في ان تكون هناك سيناريوهات ايجابية متوقعة بجانب السلبية. وما من مواطن سوداني الا وعنده تصور خاص به كيف ستسير الأحوال في الشهر السابع . وهنا ارصد عدد (20) سيناريوهات الفترة القادمة واحداها يتوقع أن تنزل الي أرض الواقع بحسب وجهة نظر كاتب المقال. السيناريو الأول:- التقاء البرهان وحميدتي في ايغاد: الزيارة المفاجئة التي قام بها البرهان الي كينيا في يوم الإثنين 13/ نوفمبر بعد عودته مباشرة العاصمة الرياض، والتقي بالرئيس الكيني/ وليام روتو، شددا ما علي الضرورة الملحة لإيجاد حل للصراع بالسودان في أقصر وقت ممكن، ومواجهة البطء الذي تواجهه مفاوضات جدة بين الجيش السوداني والدعم السريع. وقالت الرئاسة الكينية في بيان لها، إن الزعيمين أجريا محادثات ثنائية حول الوضع الأمني الأخير في السودان والمنطقة، أشار البيان إلى اتفاق روتو والبرهان، اعترفا بالتقدم البطيء لمفاوضات جدة، وإلى الحاجة لتسريع عملية نحو وقف الأعمال العدائية وتقديم المساعدات الإنسانية، والعمل على عقد قمة عاجلة للإيجاد، في سبيل إيجاد طرق لتسريع عملية جدة نحو وقف الأعمال العدائية في السودان، وستتفق القمة أيضًا على إطار عمل لحوار سوداني شامل. هذا اللقاء في نيروبي فتح باب الأمل في انجاح لقاء يضم (الأخوة الاعداء) برهان و"حميدتي" وجها لوجه لانهاء المعارك. السيناريو الثاني:- أن يعلن "اجتماع جدة" عن حل نفسه ويفض يده عن الاستمرار في مباحثات عقيمة بين الطرفين المتحاربين، وانه في ظل تعنت المفاوضين ما عادت تجدي الاجتماعات في ظل المعارك المستمرة التي تشتد كل يوم اكثر ضراوة عن ذي قبل، وكل طرف يحاول تحقيق نجاحات عسكرية كبيرة تؤهله أن يتسيد الموقف التفاوضي . وجاءت الاخبار الاخيرة وافادت، انه في أعقاب جولة جديدة من المحادثات بين الطرفين المتحاربين والتي استؤنفت في مدينة جدة السعودية الشهر الماضي، أعلنت الولاياتالمتحدة والسعودية ومجموعة "الإيغاد" في بيان مشترك، الأسبوع الماضي عن أسفهم على عدم التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار. السيناريو الثالث:- منعا لازدواجية الاجتماعات المتعددة الدولية والإقليمية والتي بلغ عددها (7) ، تقوم ايغاد بتقديم مقترح، بأن تكون ايجاد هي الجهة الوحيدة التي تقوم بالنظر في "المسألة السودانية" بعد تجميع كل المقترحات التي تناقش حاليا في دول عديدة. وان تشارك الدول الافريقية والسعودية والبرلمان الاوروبي وامريكا في اجتماعات إيغاد من أجل إعطاء دفعة أقوي لحل مشكلة السودان. السيناريو الرابع:- أن تستمر الحرب في شهرها السابع بسبب عدم تنفيذ قوات "الدعم السريع " ما تم الاتفاق عليه من قبل في "اتفاق جدة" أن تخلي قوات الدعم كل المقرات الحكومية والوزارات والسفارات والمستشفيات والمساكن التي احتلتها قبل ستة اشهر وما زالت باقية فيها، وأن القوات المسلحة ستواصل المعارك طالما لم يتم بعد جلاء المحتلين من كل ما تحت أيديهم من عقارات. السيناريو الخامس:- الحرب في شهرها السابع سيكون ضاريا الي الحد البعيد بسبب اعلان بعض الجهات الأهلية عزمها الاشتراك في المعارك الى جانب القوات المسلحة، وكان آخرها ما جاء من بورتسودان التي أفادت: أن رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا و العموديات المستقلة، الناظر الأمين ترك، اعلن إن المكونات الأهلية التي يتزعمها "ستدافع عن الوطن والدين بالروح حتى آخر نفس"، وهو ما يؤشّر على أن قبائل البجا غير مستبعد أن تدخل الحرب إذا تعرضت فلول البشير لمخاطر في إقليم الشرق، الأمر الذي يبرهن على أن أطرافا محسوبة على الحركة الإسلامية تسعى إلى تسخير الإدارات الأهلية لإدخال الشرق دوامة الصراع. وهناك ايضا عدة ولاة ولايات أعلنوا عن تجهيز فئات قتالية "المستنفرين" ستشارك في المعارك. السيناريو السادس:- بعد فشل القوات المسلحة في حسم المعارك لصالحها ، وعدم استطاعتها فك الحصار عن العاصمة المثلثة وجزيرة توتي، وطرد قوات "الدعم السريع" من مواقعها الاستراتيجية والعادية في كثير من المناطق بالبلاد، وعدم قدرتها في إنهاء القتال حول القيادة العامة وسلاح المهندسين، وفشل "القوة المميتة" وتنظيم "براء بن مالك" في تحقيق انتصارات، وهروب جنود الي تشاد، قد يضطر البرهان الي طلب النجدة عاجلا من مصر للتدخل عسكريا لمساندة القوات المسلحة قبل أن تنهار كليا.. بالطبع هذا الاحتمال ضعيف تحقيقه بسبب أن مصر قد أعلنت من قبل أن "ما يدور في السودان شأن داخلي يخص أهل البلاد ولا تود التدخل فيه". السيناريو السابع:- في ظل الغضب العارم الذي بدر من ضباط وجنود في المؤسسة العسكرية بسبب هروب القائد العام البرهان الي بورتسودان ولحقه فيما بعد نائبه كباشي، عندها قد يضطر البرهان ازاء هذا الغضب العودة سريعا الي الخرطوم والبقاء في القيادة العامة لتهدئة الموقف حتي لا تنفلت الأمور داخلها وتزداد حالة القوات المسلحة اكثر تعاسة. السيناريو الثامن:- في ظل عدم توقف الطرفين المتحاربين وقف القتال وتصاعد حدة المعارك التي أدت الي فقدان اكثر من (10) ألف شخص حياتهم خلال الستة شهورالماضية بحسب وجهة نظر الصحف والمواقع السودانية، فان الصحف العربية تشككت في صحة رقم الصحف والمواقع السودانية ونشرت أن اعداد الضحايا فاق عددهم ال(30) ألف قتيل، واستندت الصحف العربية في حجتها، أن الصحف والمواقع السودانية لم تدرج في رقمها قتلى القوات المسلحة وقوات الدعم. السيناريو التاسع:- بعد فشل كباشي وعطا وجابر في انجاح مسؤولياتهم التي كلفوا بها إدارة مهام الوزارات لعدم خبرتهم في الشؤون الإدارية ولوائح الخدمة المدنية، وفشلهم التام في تخفيف المعاناة عن المواطنين، قد يضطر البرهان الي تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة تؤكل لها استلام المهام من الجنرالات الثلاثة، وتباشر عملها تحت إشراف البرهان. السيناريو العاشر:- رغم أن فكرة وقوع إنقلاب عسكري ضد البرهان غير واردة في هذا الوقت الحرج نسبة لانشغال ضباط وجنود القوات المسلحة بالمعارك، الا سطوة وقوة الضباط الاسلاميين داخل القيادة العامة قد تعجل بانقلاب، خصوصا أن الحركة الاسلامية المؤيدين لاستمرار الحرب غير راضية عن تذبذب مواقف البرهان بين سعيه لوقف الحرب من خلال اتصاله رؤساء دول وحومات، ما بين تصريحاته بالاستمرار ضد الانقلابيين. السيناريو الحادي عشر:- الموقف الأمني والعسكري في دارفور خرجا تماما من ايدي القوات المسلحة، وما عادت الولايات الدافورية الخمسة محل أمن وأمان خصوصا أن الحركات المسلحة في دارفور وعددها (88) تعيث فسادا في الارض وتقتيل واغتصابات علي حساب المواطن المسكين، اصبح من رابع المستحيلات وجود خطة عمل دولية تعيد الحياة في الولايات، قمة المأساة أن الحركات المسلحة والمليشيات والجنجويد والجيوش الصغيرة التابعة للقبائل كلها دارفورية، يتقاتلون بعضهم البعض احيانا بسبب المراعي، واحيانا للسيطرة علي مناطق الذهب، واغلب الاحيان لاسباب عنصرية وعدم الرغبة في وجود الاقليات الاثنية والزنوج . الذين في نظر أغلب الحركات المسلحة دخلاء لا ينتمون لدارفور. السيناريو الثاني عشر:- في ظل هذه الأجواء القائمة وعدم وجود أي اتفاق سلام بين الطرفين المتقاتلين، وع ازدياد سقوط المزيد من الضحايا كل يوم، قد تضطر محكمة الجنايات الدولية الى الاعلان عن توجيه اتهام الي البرهان وحميدتي وعبد الرحيم حسين بارتكابهم جرائم تصفيات عرقية وابادة، وهي نفس التهم التي وجهتها محكمة الجنايات الدولية للرئيس السابق/ البشير، ووزير الدفاع السابق/ عبدالرحيم حسين، ووالي دارفور السابق أحمد هارون. السيناريو الثالث عشر:- تنجح "مباحثات جدة" في الوصول الي اتفاق يؤمن وصول المساعدات الانسانية والسلع الضرورية والأدوية بأمان تام الي المناطق المتضررة من الحرب. السيناريو الرابع عشر:- قد تنجح مباحثات جدة الي اتفاق أن تخلي قوات "الدعم السريع" المقرات الرئيسية ومباني الوزارات والسفارات ومن منازل المواطنين في العاصمة مقابل أن تعود قوات الدعم الي مواقعها العسكرية التي عليها قبل يوم 15/ أبريل الماضي. السيناريو الخامس عشر:- إزاء الضغط الدولي الواقع علي "حميدتي"، فان هناك احتمال وارد بنسبة ضعيفة ، وهو أن تعود قوات "الدعم السريع" بكامل قواها العسكرية والعدة والعتاد الي دارفور، مقابل الاعتراف بقوات "حميدتي" كجزء من المؤسسة العسكرية وعودة حميدتي الي منصبه السابق نائب رئيس مجلس السيادة. السيناريو السادس عشر:- قد يفجر "حميدتي" مفاجأة ويعلن عن رغبته في لقاء مع البرهان علي أرض محايدة و بضمانات دولية وبحضور ممثلين عن دول أوروبية وأفريقية. السيناريو السابع عشر:- بعد الاخبار الاخيرة التي جاءت اخيرا وافادت، أن قوات الدعم السريع (شبه العسكرية) في السودان، قد بسط كامل سيطرتها على مدينة نيالا، أكبر حواضر إقليم دارفور، والمدينة الثانية في الترتيب بعد العاصمة الخرطوم من حيث الأهمية الاقتصادية، وتعداد السكان. وأن المحلل العسكري، العقيد سلمان الضي، يرى أن خسارة الجيش لمدينة نيالا، يعني ضمنياً فقدان الجيش سيطرته على كامل إقليم دارفور، والاحتمال القوي المتوقع ، ان يعلن "حميدتي" عن تشكيل حكومة عسكرية تدير شؤون الولاية ، وسبق أن أعلن "حميدتي" من قبل عن نيته تشكيل حكومة دارفورية كرد فعل علي وجود حكومة في بورتسودان تخضع مباشرة للبرهان والجنرالات الثلاثة. السيناريو الثامن عشر:- لن يلعب المكون المدني بفروعه المتعددة والأحزاب السياسية والنشطاء السياسيين اي دور بارز او وجود حقيقي في الساحة السياسية خلال أيام الشهر السابع للمعارك، ولا يوجد اي احتمالات بعودة الروح في حياة "قوى التغيير" التي اكتفت بالتصريحات الصحفية المكررة والمعادة عشرات المرات، تصريحات فقط من أجل إثبات أنها موجودة وعندها وجود. السيناريو التاسع عشر:- مع قدوم فصل الشتاء القارس، تزداد معاناة ملايين اللاجئين في معسكرات اللجوء، ولا توجد أي خطة دولية عاجلة لمدهم بمعونة الشتاء، لهذا فان الحال سيبقى كما هو عليه الآن في هذه المعسكرات ما لم تتم خطة وصول المواد التموينية والدواء بسلام. السيناريو العشرين:- في ظل الانتصارات الكثيرة التي حققتها قوات "الدعم السريع" في ولايات دارور، وأصبحت هي الاقوى بين كل باقي الحركات والمليشيات العسكرية في دارفور، فهناك احتمال كبير أن تنضم كل القوي المسلحة التابعة للقبائل والحركات المسلحة وعددها (85)، والمليشيات والجنجويد الي "الدعم السريع"، وتصبح بذلك دارفور أقوي منطقة عسكرية في البلاد. ملحوظة: رأي الشخصي، أن السيناريو الاول هو الاقرب للوقوع من باقي السيناريوهات الأخرى.