ظل الشعب السوداني منذ الاستقلال يدفع 80% من ميزانيته العامة للجيش وفصائله المسلحة والامنية والشرطية، من اجل الحفاظ على حياة وممتلكات ووحدة السودان، وبالمقابل يدفع اقل من 5% للصحة والتعليم، كل ذلك تقديرا لقيم الامن والامان. إلا إن كل الرصاص والسلاح الذي اشتراه الشعب السوداني من عرق جبينه وسلمه للجيش وفصائله المسلحة، تم توجيهه لصدور أبناء الشعب السوداني في الجنوب وفي دارفور وفي الشرق وفي المظاهرات المطالبة بالحرية وحكم الشعب. واخيرا وصل الامر مرحلة ان الجيش وفصيله الدعم السريع وكتائب الامن والشرطة لم يكتفوا بقتل السودانيين في الحروب بل شرعوا في هذه الحرب الحالية في تدمير ممنهج للبنية التحتية للوطن والعمل حثيثا نحو تحويله لارض جرداء خالية من السكان والعمارة. ازاء كل هذا التاريخ المظلم، فان حل كل هذه المؤسسات القاتلة للشعب، المدمرة لبنية الوطن التحتية (جيش، دعم سريع، حركات مسلحة، كتائب كيزان، كتائب امن، جهاز شرطة، كتائب الشرق، الخ ) هي الخيار الوحيد المتبقي للحفاظ على ما تبقى من وطن. ينشأ عقد اجتماعي جديد بين جميع الشعوب السودانية شمالا وشرقا ووسطا وغربا، يتم فيه أعادة توحيد السودان على أسس ومباديء عليا جديدة، هي الحرية والديمقراطية والمساواة وحكم القانون والخ، وعلى هدى هذا العقد الاجتماعي الجديد ووصفه للسودان الجديد ماهيته وكيف يحكم، يتم إعادة تكوين جيش قومي جديد وأجهزة أمنية وشرطية جديدة، ذات عقلية تحمي المواطن لا تقتله، تحمي حكم الشعب لا تنقلب عليه، تحمي البنية التحتية لا تدمرها، لا علاقة لها بالسياسة من قريب او بعيد. هذا العقد الاجتماعي يصنعه ويصيغه الشعب المدني المؤمن بالحرية والديمقراطية والسلام في كل أنحاء السودان عبر وقوفه متحدا وهادرا في وجه هذه الحرب العبثية وفي وجه جنرالات الدم كما وقف في ثورة اكتوبر وثورة ابريل وثورة ديسمبر. اذا الشعب يوما أراد الحياة ** فلا بد ان يستجيب القدر ولابد لليل ان ينجلي *** ولابد للقيد ان ينكسر يوسف السندي