أقصر الطرق لوقف الحرب في السودان هو التفاوض والسلام، واطول الطرق لذلك هو رفض السلام وتسليح المواطنين وتأجيج اوار الحرب. من يتسبب في تعطيل الاتفاق بين الجيش والدعم السريع هو الجيش نفسه والكيزان وفلول النظام البائد، وهذا ما يجعل هؤلاء مسؤلين مسؤلية مباشرة عن اطالة امد الحرب وعن ما ينتج عنها من دمار وانتهاكات وجرائم. الحديث عن التدخلات الخارجية كسبب لاطالة امد الحرب هو حديث الغرض او العجز، فالتدخلات الخارجية تظل غير حاسمة في اي شأن داخلي، وللتدليل على ذلك نذكر بأن البشير حاصره العالم لأكثر من 20 سنة فلم يستطع اسقاطه، بينما اسقطته القوى المدنية والشعب في أقل من 6 شهور. لذلك من تراه يصرخ ويولول ويرمي باللائمة على التدخل الخارجي في الحرب واستمرارها، فهو اما من الكيزان وفلولهم انصار إطالة امد الحرب، يصرخون بغرض استمالة الجماهير وشحنهم ضد عدو خارجي متوهم يصنع المعجزات، او انه شخص بسيط وساذج لا يفهم في الشئون السياسية ويسهل خداعه بالشعارات العاطفية الجوفاء. ويحمد لتنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية (تقدم) انها لا ترحم الكيزان وفلولهم، ولا تهتم للسذج والبسطاء، وانما تعمل جهدها من أجل ايقاف هذه الحرب عبر أقصر الطرق لذلك وأقلها كلفة وهو التفاوض. وقد حركت تقدم المياه الساكنة في بركة المدنيين بتوقيعها للإعلان السياسي مع الدعم السريع، اذ خرجت قوى مدنية متعددة من سباتها واصدرت بيانات ردا على ما جاء به الإعلان السياسي، من بينهم الحزب الشيوعي، وقوى الالية الوطنية، وهو حراك رغم ان طابع بعضه الغيرة (والروح الشريرة) الا انه يصب في اتجاه تحويل المعركة من ميدان الرصاص الى ميدان الحوار والأفكار. تقدم تتكون من بشر سودانيين، وليس ملائكة منزهين، وبالتالي هم لا يدعون أن جهدهم الذي قدموه لإيقاف الحرب هو جهد مقدس ومبرأ من كل عيب، وانما هو جهد بشري يحتمل الاخطاء، وبالتالي مهاجمة هذا الحل والتشنيع به وبالموقعين عليه، هو مجرد عبث ليس الا، فمن يريد الحرب فان تقدم لم تمسك يده، ذلك ميدان الحرب امامه فليتقدم، ومن يريد السلام فإما ان يتفق مع تقدم ويعمل معها بروح وطنية لاطفاء هذا الحريق المدمر، او فليقدم رؤيته للسلام بمعزل عن تقدم، و(الفيه بخور بنشم) كما يقول المثل السوداني. يوسف السندي