أجبرت ظروف الحرب آلاف السودانيون على النزوح نحو الولايات الآمنة خصوصاً بعد أن استباحت قوات "الدعم السريع" مدينة ود مدني وعدد من المناطق بولاية الجزيرة. ويعيش الهاربون من ويلات الصراع المسلح حالة من القلق والإحباط في رحلة البحث عن مساكن بسعر مناسب، يحاصرهم من جانب آخر تزايد تكاليف إيجارات المنازل والشقق التي سجلت أرقاماً غير مسبوقة. مبالغ طائلة المواطن متوكل سعد اضطر إلى مغادرة منزله بمدينة ود مدني واتجه إلى عطبرة، وهناك حالفه الحظ في الحصول على شقة سكنية استأجرها ب (800) ألف جنيه سوداني، لكن الأب لثلاثة أطفال وجد نفسه محاصراً بعد إصرار مالك العقار على مضاعفة قيمة الإيجار مرتين، مستغلاً في ذلك توافد النازحين إلى المدينة. يقول متوكل ل (الراكوبة) : لا نستطيع دفع هذه المبالغ الكبيرة خصوصاً بعد توقف الأعمال اليومية وعدم صرف الرواتب، كما أن الأموال التي بحوزتي بدأت في النفاد. وأضاف : رفضت طلب مالك السكن لأن الشقة لا تستحق ذلك، ورغم ما حدث، ضايقني صاحب المنزل واضطريت للرحيل والبحث عن مكان آخر من أجل الاستقرار بشكل نهائي. معاناة كبيرة من جانبه يروي المواطن صالح فضل في حديثه ل (الراكوبة) عن معاناته مع أزمة السكن، إذ يقول على مدى أسبوع لم أحصل على منزل بسعر مناسب واضررت إلى اختيار مدينة ريفية تتوافر فيها خدمة الكهرباء والمياه فقط، لكن كلفة الإيجار كانت أعلى من المتوقع ووصلت إلى 500 ألف جنيه. وأوضح أن "اكتظاظ المدن الآمنة بالنازحين جعل أسعار المنازل ترتفع بصورة جنونية نسبة لتزايد الطلب عليها بشكل شبه يومي. ووصف أوضاع القادمين من ولاية الخرطوم ب"الصعبة والمعقدة في ظل عدم توافر المال لدفع استحقاق الإيجارات. استغلال غير مسبوق عامر حسن، وهو رب أسرة تتكون من أربعة أفراد يشتكي من أزمة السكن ومعاناة النزوح، إذ يقول ل (الراكوبة) : استغلال أصحاب العقارات غير مسبوق، في وقت يصعب التدخل لإلزامهم على تقاضي الحد الأدنى من سعر الإيجار، بالتالي بات المواطن البسيط يدفع الثمن تشرداً واستغلالاً وأزمات لا تنتهي. ووجه حسن انتقادات لاذعة ضد أصحاب المنازل والشقق، واصفاً إياهم ب"تجار الأزمات" الذين يستغلون حاجة الناس من دون مراعاة ظروف الأسر الاستثنائية العصيبة التي تركت كل شيء وفرت للنجاة. وتابع : الزيادات التي عرفتها أحياء المدن الآمنة لم تقتصر على المناطق الفاخرة أو المتوسطة، بل طاولت حتى الشعبية منها مع قرار فئات واسعة الانتقال إليها لانخفاض الأسعار بها مقارنة بأحياء أخرى، مما تسبب في تضخم الإيجارات بها أيضاً.