تدشين أجهزة مركز عمليات الطوارئ بالمركز وعدد من الولايات    جامعة وادي النيل تعفي أبناء الشهداء والمتفوقين من المصروفات الدراسية    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    استشهاد أمين عام حكومة ولاية شمال دارفور وزوجته إثر استهداف منزلهما بمسيرة استراتيجية من المليشيا    المفوض العام للعون الإنساني وواليا شمال وغرب كردفان يتفقدون معسكرات النزوح بالأبيض    الارصاد تحذر من هطول أمطار غزيرة بعدد من الولايات    وزارة الطاقة تدعم تأهيل المنشآت الشبابية والرياضية بمحلية الخرطوم    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    إدانة إفريقية لحادثة الفاشر    دعوات لإنهاء أزمة التأشيرات للطلاب السودانيين في مصر    د. معاوية البخاري يكتب: ماذا فعل مرتزقة الدعم السريع في السودان؟    الاجتماع التقليدي الفني: الهلال باللون باللون الأزرق، و جاموس باللون الأحمر الكامل    يا ريجي جر الخمسين وأسعد هلال الملايين    الشعبية كسلا تكسب الثنائي مسامح وابو قيد    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    الأهلي مدني يبدأ مشواره بالكونفدرالية بانتصار على النجم الساحلي التونسي    شاهد بالصور.. المودل السودانية الحسناء هديل إسماعيل تعود لإثارة الجدل وتستعرض جمالها بإطلالة مثيرة وملفتة وساخرون: (عاوزة تورينا الشعر ولا حاجة تانية)    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    شاهد بالفيديو.. طفلة سودانية تخطف الأضواء خلال مخاطبتها جمع من الحضور في حفل تخرجها من إحدى رياض الأطفال    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا يريد حميدتي من تقدم؟
تجربة الاتفاقيات والتحالفات السياسية مع العسكر والقوى المسلحة 2
نشر في الراكوبة يوم 27 - 01 - 2024


26 يناير 2024
نصحتهم بمنعرج اللوى فلم يستبينوا النصح
في الحلقة السابقة استعرضت تجربة الاتفاقيات السياسية مع الأنظمة الشمولية وعواقبها ونتائجها الكارثية علي البلاد و القوى المدنية السياسية الموقعة عليها و استشهدت بتجارب الامة والاتحادي مع عبود 1958 و الشيوعي والقوميين العرب مع نميري 1969 و الجبهة الاسلاموية مع البشير 1989 وكيف ان هذه القوى المدنية كانت اول ضحايا الأنظمة الانقلابية ثم البلاد بأكملها المقال كان موجها لدعاة التفاوض مع انقلابي 25 اكتوبر و تحذير من عواقب اتفاق الإطاري معهم في 27 فبراير 2023 واندلعت الحرب في 15 أبريل 2023 اي بعد شهر ونصف فقط من المقال !!
نصحتهم بمنعرج اللوى فلم يستبينوا النصح ( حتى في ضحى الغد )!!
لقد كان لسان حال المقال كحال شاعر بنو امية نصر بن سيار :
أرى تحت الرماد وميض جمر ويوشك أن يكون له ضرام
فإن النار بالعودين تُذكى وإن الحرب مبدؤها كلام
فإن لم يطفها عقلاء قوم يكون وقودها جثث وهام
فقلت من التعجب ليت شعري أأيقاظ أمية أم نيام
ولكن للأسف لم يتعظ سياسيوا بلادي حتى بلغتنا الحرب المدمرة وها هم يرتكبون ذات اخطاء التجارب السابقة في توقيع اتفاق مع طرف من اطراف الحرب تاريخه دموي و يأملون في انضمام الطرف الاخر الأكثر دمويةً بل هو من أوقد كافة نيران وجحيم الحروب في بلادنا الحبيبة فهل سياسيينا عاطلون فكريا ام لا يتعظون أبدا ؟؟
اندلعت حرب الجنوب اكثر شراسة كنتيجة لاتفاق سياسي بين نظام جعفر نميري الديكتاتوري وحركة الأنانيا وتعني سم الثعبان الأسود بعد تدخل الديكتاتور نميري وخرق الاتفاقية بتقسيم الجنوب الى ثلاثة اقاليم ناقضا اتفاقية الحكم الذاتي 1972 باديس ابابا ذات مكان توقيع اتفاقية حمدوك حميدتي !! كانت الاتفاقية مثالا لخطل اتفاقيات وقف الحرب مع نظام شمولي لا يراعي عهدا ولا ذمة
حاربت الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق نظام نميري و العهد الديمقراطي الثالث ورفضت الاعتراف به بل جعلته امتداد لنظام جعفر نميري الذي أسقطته ثورة شعبية في أبريل 1985 و انتجت نظاما مدنيا ديمقراطيا في 1986 ثم جاء انقلاب 30 يونيو 1989 والمدهش منذ شهوره الاولى عقدت الحركة الشعبية لتحرير السودان جولاتها التفاوضية معه رغم انه كان تنظيميا جزء اصيل من نظام مايو جعفر نميري وفق اتفاقية 1977 وانخراط جبهة الميثاق الاسلامي بقيادة الترابي في نظام مايو وهي ذاتها الجبهة الاسلامية القومية منفذة انقلاب يونيو 1989 !!!
* التجمع الوطني الديمقراطي 1990
ولحاجة الحركة الشعبية لتحالف مدني تستند عليه ضد نظام الجبهة الاسلاموية شرعت في تحالفات سياسية مع القوى السياسية مشكلة ما عرف بالتجمع الوطني الديمقراطي
كانت اولى لقاءات الحركة الشعبية في اديس ابابا نفسها ووقعت اتفاق مع حزب الامة القومي تمهيدا لدخولها التجمع الوطني الديمقراطي وعقب ذلك الاتفاق مؤتمر نيروبي 1993 ثم مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية 1994
بذلك اصبحت الحركة ضمن تحالف مدني عسكري اذ كونت الاحزاب المدنية جيوشا منها – جيش الامة للتحرير – قوات فتح الحزب الاتحادي – قوات التحالف عبد العزيز خالد – قوات مجد الحزب الشيوعي واخرون . بينما كانت القوى السياسية ترفع شعار لا للتفاوض وسلم تسلم والثورة الشعبية المحمية بالسلاح كانت الحركة الشعبية لتحرير السودان تفاوض نظام الجبهة الاسلاموية ابتداء من نيروبي نوفمبر و ديسمبر 1989 مبادرة الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر اي بعد اشهر فقط من انقلاب يونيو 1989 ثم مفاوضات ابوجا الاولى بواسطة الرئيس النيجري إبراهيم بابنجيدا في مايو 1992 وتواصلت مفاوضات الحركة الشعبية لتحرير السودان مع نظام انقلاب البشير الجبهة الاسلاموية حتى بعد تحالف الحركة الشعبية مع القوى المدنية لكن دون إشراكها في المفاوضات !!! و جاءت الإيغاد المنظمة الاقليمية لمحاربة الجفاف والتصحر بطلب من عمر البشير رئيس حكومة انقلاب الثلاثين من يونيو في ديسمبر 1993 وطوال فترة هذه المفاوضات كانت الحركة الشعبية رغم تحالفاتها مع القوى المدنية هي الطرف الممثل المفاوض الاوحد واستمرت حتى توقيع اتفاق ميشاكوس 2002 وقف إطلاق النار و الشروع في مفاوضات اتفاق نيفاشا 2004 برعاية أمريكية ومشاركة دول شركاء وأصدقاء ايغاد حدثت كل هذه المفاوضات واتفاقياتها دون مشاركة او تدخل من القوى المدنية المتحالفة مع الحركة الشعبية التي كانت ترفض رفضا قاطعا مشاركة التجمع الوطني بحجة رفض الطرف الاخر !!
ما حدث في تجربة مفاوضات الحركة الشعبية لتحرير السودان هو ذاته ما يحدث الان من مفاوضات جدة بين طرفي حرب اجهزة أمن نظام الجبهة الاسلاموية عمر البشير والمؤتمر الوطني !! حيث تصر المبادرة السعودية الأمريكية على استبعاد اي عملية سياسية في المفاوضات وبالتالي تغييب اي عنصر مدني من المفاوضات !!
تكرار ذات تجربة اتفاق الحركة الشعبية لتحرير السودان مع القوى المدنية تم الان في اديس ابابا بين تحالف قوى مدنية و ما تسمى بقوات الدعم السريع احد الأجهزة الامنية لنظام عمر البشير !
هل كانت تجربة ابعاد القوى المدنية رغم تحالفها مع حركات مسلحة هي الاولى ؟؟!
* قوى اجماع جوبا 2009
في العام 2009 وقعت القوى السياسية والمدنية و الحركات المسلحة جميعها في جوبا ما عرف إعلان جوبا للحواروالإجماع الوطني وكون تحالف قوى اجماع جوبا
حيث شارك فيه الدكتور رياك مشار نائب رئيس حكومة الجنوب حينها والإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمةالقومي والدكتور حسن الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي والأستاذ محمد إبراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعيوالسيد مبارك الفاضل رئيس حزب الأمة الإصلاح والتجديد والأستاذ فاروق أبو عيسى المتحدث باسم التجمع الوطنيالديمقراطي و الأستاذ علي محمود حسنين نائب رئيس الاتحادي الديمقراطي (الأصل) و أركو مناوي رئيس حركةتحرير السودان، وآخرين بلغ عددهم 28 من قادة القوى السياسية والمدنية شكلت كل هذه القوى ما عرف بتحالف قوى اجماع جوبا وفي حقيقة الأمر كان هذا التحالف كرد فعل لخلافات الحركة الشعبية لتحرير السودان الشريك في الحكم حينها مع شريكه المؤتمر الوطني حول قضايا تقرير المصير والانتخابات و قانون جهاز الامن والمخابرات !! ومرة اخرى استغلت الحركة الشعبية القوى المدنية للوصول إلى مفاوضات ثنائية مع غريمها الشريك دون اتعاظ القوى المدنية من تجربة التجمع الوطني الديمقراطي وانفراد الحركة الشعبية بمفاوضاتها مع حكومة المؤتمر الوطني التي دعمت موقف الحركة الرافض لإشراك التجمع الوطني سوى ارادت حكومة الطاغية عمر البشير ذلك بوعي منها او بدون وعي !
ورغم ان قوى اجماع جوبا كانت تحالف مدني مسلح إلا ان تكرار انفراد القوى المسلحة بالتفاوض اضعف المكون المدني وقاد إلى تفاهمات النظام مع الحركات منفردة فانفصل الجنوب و استمرت مفاوضات الحركات التي بدات في ابوجا 2006 برعاية الاتحاد الافريقي وشاركت بموجبها حركة تحرير السودان مناوي نظام الجنرال عمر البشير حتى بعد تحالفها في جوبا مع القوى السياسية والمدنية .
* تحالف قوى نداء السودان 2014
في ديسمبر 2014 تأسس تحالف جديد مرة اخرى أوسع بين القوى المدنية و الحركات المسلحة شمل "تحالف قوىنداء السودان" ديسمبر 2014 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الجبهة الثورية المسلحة المكونة من "حركة تحريرالسودان فصيل مني أركو مناوي" و"حركة تحرير السودان فصيل عبد الواحد نور" و"حركة العدل والمساواة" بقيادةجبريل إبراهيم و"الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال".
وأيضا "حزب الأمة" القومي بزعامة الصادق المهدي"، و"قوى أحزاب الإجماع الوطني" وتضم مجموعة من القوىالمدنية المعارضة أبرزها "الحزب الشيوعي السوداني" و"المؤتمر السوداني المعارض" وحزبا "البعث"و"الناصريين" عنهم فاروق ابو عيسى و"مبادرة المجتمع المدني" وتضم العشرات من منظمات المجتمع المدني عنهم دكتور امين مكي مدني
يعتبر تحالف نداء السودان اكبر تحالف مدني سياسي يضم كافة القوى المعارضة لنظام عمر البشير المؤتمر الوطني يحمل من ضمن اهدافه هدف وقف الحرب وإحلال السلام
في اغسطس 2016 وقع نداء السودان علي خريطة الطريق لاحلال السلام المقدمة من الاتحاد الأفريقي وهي وثيقةقدمها الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي تتضمن رؤى ومراحل لإحلال السلام في السودان في كل من دارفور ومنطقتيجنوب كردفان والنيل الأزرق، وتدعو إلى بدء حوار سياسي مع الحكومة وفق للدعوة التي وجهها الجنرال عمر البشير للحوار الشامل . إلا انها ايضا حصرت التفاوض في ( قضايا الحرب علي النظام والحركات المسلحة ) باستثناء حركة تحرير السودان عبد الواحد نور – الرافضة للتفاوض -دون اي دور للقوى السياسية والمدنية بنداء السودان إلا وفق مبادرة الجنرال عمر البشير كما جاء في إعلان مبادرة خارطة الطريق الأفريقية التي جاء فيها نصا :
( فيما يتعلق بالمنطقتين، سيتم إجراء المفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان–شمال.
فيما يتعلق بدارفور، سيتم إجراء مفاوضات بين الحكومة وحركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان–منيمناوي.)
( تعترف الأطراف بحوار السودان الوطني الذي دعا له سعادة رئيس الجمهورية في الخرطوم في أكتوبر عام 2015.
ومع ذلك تعترف أيضا بأن هذا الحوار الوطني لم يكن شاملا بما فيه الكفاية، لأنه لم يشمل الأطراف الموقعة علىاتفاقية خريطة الطريق هذه، وهي حركة العدل والمساواة، وحركة/جيش تحرير السودان –ميني ميناوي، والحركةالشعبية لتحرير السودان –شمال وحزب الأمة القومي.) انتهى
وبذلك عزلت المبادرة الأفريقية القوى المدنية والسياسية عن اي دور في مفاوضات وقف الحرب تماما كما في المبادرة السعودية الأمريكية الان
خلاصة تجربة تحالف نداء السودان :
انقسمت الجبهة الثورية لقسمين
خرجت قوى الإجماع الوطني
خرج حزب الامة القومي
تلاشت قوى نداء السودان
* قوى الحرية والتغيير يناير 2019
في يناير 2019 وبعد تفجر ثورة ديسمبر الشعبية العظيمة تشكل بدار حزب الامة القومي بأم درمان أكبر تحالف سياسي – مهني – مدني – مسلح في تاريخ السودان الحديث المعارض للأنظمة الشمولية والديكتاتورية علي الإطلاق عبارة عن كتل تجمع المهنيين و نداء السودان و الإجماع الوطني و القوى المدنية و تنظيمات اخرى قاد الثورة إلا انه لم يحقق اهدافها فماذا حدث ؟
ورغم ان كافة الحركات المسلحة قالت بدعمها للثورة و وقوفها معها إلا أنها ( فرزت عيشتها ) بمجرد ان تم الإعلان البيان الاول لعزل الجنرال عمر البشير وبغض النظر عن أسبابها و رجاحة مبرراتها من عدمها إلا أنها والقوى المدنية و السياسية جميعها وقعت في ذات اخطاء تجارب التحالفات والاتفاقيات السابقة فخلاصة ما حدث داخل تحالف قوى الحرية والتغيير انه احدث انقساما كبيرا بين القوى المدنية و المدنية وبين القوى المدنية والحركات المسلحة و بين الحركات المسلحة والمسلحة نفسها : –
جمد حزب الامة القومي تواجده داخل مؤسسات الحرية والتغيير
انقسم تجمع المهنيين
خرجت بعض الحركات المسلحة من الجبهتين الثوريتين
خرجت الجبهتين من قوى الحرية والتغيير واتخذت مسار جوبا و أبعدت بعنف اي دور للحرية والتغيير في المفاوضات التي انتهت باتفاق جوبا بين الجبهتين و المكون العسكري
خرج الحزب الشيوعي
خرجت بعض مكونات المجتمع المدني
خرجت احزاب و كيانات مدنية واعلنت عدم اعترافها بمجلس مركزي الحرية والتغيير بإعلان سياسي بدار المهندس في ديسمبر 2020
* دشنت بقايا قوى الحرية والتغيير إعلان سياسي في سبتمبر 2021 بقاعة الصداقة سمي بإعلان توحيد قوى الحرية والتغيير تخلصت فيه من مسميات الكتل السياسية ولم تعد موجودة ولم تعد كيانات وكتل يناير 2019 وسمي لاحقا بالحرية والتغيير المجلس المركزي موجودة بينما كونت الجبهة الثورية مناوي جبريل و كيانات اخرى تحالف سمي الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية
خرج حرب البعث العربي الاشتراكي الأصل بعد الاتفاق الإطاري اكتوبر 2022
* الاتفاق الإطاري :
حمل الاتفاق الإطاري منذ ان كان مسودة عوامل دماره واقتصرها في الاتي :
اولا كان نتاج تفاوض فوقي بين قوى سياسة و اخرى انقلابية حملت كل تراشقات واستقطاب تجربة الوثيقة الدستورية و انقلاب 25 اكتوبر
ثانيا احدثت انقسام حاد بين الكيانات المدنية والمسلحة بما فيها كيانات الانقلاب نفسه وأفضت للحرب .... و القوى المدنية و الثورية المناهضة له فيما بينها
ثالثا فصلت بين العملية السياسية والامنية و جعلت الإصلاح الامني والعسكري بين مكونين مسلحين تحركهما المصالح السياسية والإثنية والاقتصادية وامتداد لصراعات الأجهزة الامنية للنظام السابق
* تحالف القوى المدنية والسياسية اديس ابابا اكتوبر 2023
ولد تحالف جديد باديس ابابا تحت مسمى تقدم من كيانات مدنية وسياسية برئاسة عبد الله حمدوك شمل احزاب في قحت و مستقلين وكيانات مدنية كإمتداد للاتفاق الإطاري لم ينضم للتحالف قطاع كبير ومؤثر من القوى الثورية و المدنية والسياسية الأخرى كلجان المقاومة الحزب الشيوعي حزب البعث وحركات مسلحة مثل الحركة الشعبية عقار و جبريل العدل والمساواة جبريل و حركة تحرير السودان مناوي و حركتي الحلو وعبد الواحد نور واخرون
وكان من الممكن ان تكون مبادرة القوى المدنية الان برئاسة عبد الله حمدوك بادرة لتجاوز اخطاء الماضي و تضع لنفسها ترياقا يقيها الوقوع فيما وقعت فيه القوى السياسية والمدنية والمسلحة في كافة التحالفات السابقة دون ان تعزل نفسها عن اي محور من محاور احلال السلام و وقف الحرب والتحول المدني الديمقراطي لان وقف الحرب فقط بين متحاربين وفق اتفاقيات ثنائية اثبت عمليا انه يزيد من توسعها و يشعلها مرة اخرى اكثر جحيما فما هو خطا قوى تقدم تحالف المدنيين و ما تبقى من قوى الحرية والتغيير ؟
اولا : لم تسعى لتسوية خلافاتها مع القوى السياسية والثورية الأخرى كلجان المقاومة واحزاب مثل الشيوعي والبعثي الأصل و حركات مسلحة خارج المنظومة الامنية في الانقلابية
ثانيا شرعت في توقيع اتفاق أمني سياسي مع طرف اصيل في الحرب الدائرة الان هذا الطرف كان ضمن المنظومة الامنية لنظام عمر البشير وأشد اجهزته بطشا و دموية
ثالثا دعمت المبادرة السعودية الأمريكية رغم فصلها للعملية السياسية عن وقف الحرب
رابعا أبعدت نفسها عن اي عمل مدني داخلي وسط المجتمع السوداني تاركة المواطن نهبا لخطاب الانقلابيين و فلول النظام السابق وترسانته العسكرية
خامسا اعتمدت بشكل كبير على دعم الدول الاقليمية كأيغاد والاتحاد الأفريقي رغم التجارب السابقة
سادسا توقيع اتفاق ثنائي ولو كان مبدئيا دون الدخول في تفاوض مع بقية مكونات المجتمع السوداني من احزاب و تنظيمات مدنية وثورية كلجان المقاومة جعل منها طرف اصيل في الأطراف الموجودة الان وسط اتهامات بأن توقيع اي تفاهمات مع طرف تجعلها في تحالف معه مهما كانت المبررات
إذا ما هو الحل ؟؟
الحل كما قدمت في مبادرة سابقة بتاريخ 27 سبتمبر 2023 آليته كالاتي :
اولا تفاوض من اجل تحالف يشمل كافة القوى المدنية والسياسية والثورية المناهضة لانقلاب 25 اكتوبر
ثانيا التفاوض مدعوم بحوار حقيقي مع المجتمع السوداني بعيدا عن طرفي الحرب
ثالثا يولد التفاوض اجماع شعبي مدني سياسي مجتمعي يجبر الأطراف التي تحمل السلاح للجلوس في مؤتمر شامل دون اي تدخل دولي خبيث
رابعا يهدف المؤتمر الشامل الى وضع معالجات شاملة للقضايا السودانية تشمل انهاء الحروب و استدامة السلام
خامسا تنفذ مخرجات الاتفاق الشامل حكومة مدنية سياسية مستقلة وتذهب القوى السياسية والمدنية والثورية والأطراف المسلحة إلى تنظيم نفسها واعادة ترتيبها وهيكلتها بحيث تفضي إلى :
مؤسسات مدنية حقيقية تشمل أجهزة الدولة و مؤسسات المجتمع المدني
مؤسسات امنية مهنية قومية يعاد تصحيح عقيدتها و هيكلتها
هذه المؤسسات المدنية والعسكرية تكون بعيدا عن الاستقطاب السياسي و الامني والإثني والديني بحيث تمثل كافة التنوع السوداني
ان لم نستفيد من تجاربنا السابقة ونضمد جراحاتنا فان الجحيم القادم سيكون إعصارا مدمرا للبلاد والعباد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.