بصورة مفاجئة، قدمت مصر دعوة للدكتور عبدالله حمدوك رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) طالبة حضوره، وهي الأولى من نوعها للقاهرة منذ استقالته من منصبه عقب انقلاب 25 أكتوبر 2021م. وقد لباها رئيس (تقدم) على مضد يوم الجمعة الماضي. تأتي هذه الدعوة المريبة، بعد أسبوع من زيارة قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، للعاصمة المصرية، في طريق عودته من زيارة غير موفقة، حسب توصيف مراقبون للعاصمة اللبيبة طرابلس. لا يزال الشارع السياسي السوداني يجتر، قول د. حمدوك للحكومة السيسي في عقد دارها "حلايب سودانية" مطالباً بإنهاء احتلالها من قبل مصر، حنيها، قالت مصر "حمدوك لازم يمشي"! تلك الكلمة التي تعتبر الضوء الأخضر للجنرال البرهان، للشروع في إنقلاب 25 أكتوبر. وبعدها ظلت مصر راعية كريمة لقوى الحرية والتغيير التي عرفت بالكتلة الديمقراطية، الحاضنة السياسية لإنقلاب ال 25 من أكتوبر، رتبت لها عدة مؤتمرات تحت أشراف المخابرات المصرية، فما الذي استجدّ، ليغير نظام السيسي موقفه من د. حمدوك، وتحالفه المدني الجديد (تقدم)؟ حسب مراقبون، هنالك عدة عوامل، لهذا التحوّل المصري المفاجئ، أولها الضغط الإقليمي والدولي على حكومة مصر المنهكة اقتصادياً، وتخّبط الفريق البرهان، واتضاح ارتهان قراره السياسي والعسكري، بما لا يدع مجالا للشك لحركة الإخوان المسلمين، البعبع المرعب لمصر ودول الخليج. لكن هل استدارة نظام السيسي للتواصل المفاجئ مع د. حمدوك كنوع من الضغط على الجنرال البرهان، أم أنه تحوّل مبدئي، مبنيّ على قناعة، أن لا مستقبل للعسكر والإسلامين في حكم السودان، وماذا تتوقع مصر من تنازلات من د. حمدوك، مقابل هذه اللفتة السياسية، في هذا التوقيت المفصلي من معطف الحرب في السودان. الأيام القادمة كفيلة بكشف المستور.