حصل مؤخرا اهتمام دولي ملموس بالشأن السوداني عبر انعقاد مؤتمر باريس الانساني وتقرر خلال المؤتمر اقرار مساعدة بقيمة ملياري دولار لدعم الشعب السوداني. للوهلة الاولى يبدو ان هناك انعطافة ايجابية في التعامل الدولي مع الحرب الاهلية السودانية لكن بعد قليل من التدقيق يتبين لنا ان هذه المساعدة ستبقى دفترية حتى اشعار أخر لانها ليست مساعدة لبلد منكوب بزلزال او جفاف او حرائق غابات او فيضانات حتى تتسلم حكومة البلد المنكوب هذه المساعدة وتوزعها على مستحقيها بل هي مساعدة تقدم الى بلد لا سلطة شرعية فيه بل سلطة امر واقع ابطالها عصابات مسلحة تتقاسم السيطرة على مختلف انحاء البلاد وتتبادل الفيتو فيما بينها بشأن توزيع المساعدات وبالتالي فان عدم اقرار الية واقعية من قبل مؤتمر باريس لايصال المساعدات الى اصحابها لن يغير من معاناة اهلنا شيئا بل العكس ربما ستزيد هذه المعاناة سوى ان "المناضل الشرس" حمدوك سيكسب لقبا جديدا هو "ماما تيريزا السودان " تيمنا بالأم تيريزا "قديسة القلوب" لكن مع وقف التنفيذ . وفي المقلب الاخر نشهد تباكي وزير خارجية أميركا على بؤس حالة السودانيين وعن كرم أميركا وتبرعها بالملايين لبلسمة جراح السودانيين وكل ذلك يؤكد ان الدول الغربية واذنابها من الدول الاقلمية المتورطة في حرب السودان يريدون اقناعنا ان حرب الابادة ضد أهل السودان التي يقودها البرهان وحميدتي كل من ضفته هي كارثة بفعل الطبيعة وليست كارثة يسببها وحشان بشريان يستثمران في الحرب بعد ان فشلا في الحفاظ على ما نهبوه وسلبوه من ثروات الشعب السوداني سلما. نقول لمن يخاف علينا من المجاعة ويعتصر قلبه ألما ان شعب السودان ليس بحاجة الى مساعدات أكلية شربية بل هو بحاجة الى وقف الحرب. ولوقف الحرب يجب ان تتوفر ارادة دولية تقرر معاقبة الدول التي تغذي هذه الحرب بالمال والسلاح ومنعها من الاستمرار في المشاركة في هدر دماء السودانيين وهذه الدول المتورطة حتى العظم في خراب بلادنا أشهر من ان تعرف . اضافة الى ذلك يجب الضغط على دول جوار السودان لاجبارها على ضبط حدودها بمنع مرور الاسلحة والمرتزقة عبرها الى الداخل السوداني مع فرض رقابة دولية على السفن والطائرات القادمة الى السودان عبر المعابر الشرعية ودون تحقيق ذلك ستبقى الحرب مستمرة وهو كذلك لان مشروع تفتيت السودان هو مشروع حقيقي والحديث عن ان لتفلت الوضع في السودان تاثيرات كارثية على الاقليم هو تدليس وذر للرماد في العيون. فمن يشجع البرهان على استمراره في الحرب وتعنته غير أميركا لكن هناك في بلادي اغبياء يصدقون ان اميركا تعادي البرهان وهو يعاديها اقول لهؤلاء كيف تفسرون وجود جيش اوكراني يحارب الى جانب البرهان لو ان اميركا لم تأمر صنيعتها زيلينسكي الاوكراني بارسالهم الى السودان ؟ كيف تفسرون وصول طائرات الدرون الايرانية الى ترسانة البرهان بهذا الشكل السلس لولا غض الطرف الاميركي ، خصوصا وانتم تعلمون ان البحر الاحمر في حالة اشتعال من قبل الحوثيين الى متى لا تصدقون ان الاسلام السياسي الايراني والسوداني والمصري والليبي كل الاسلام السياسي هو صناعة مخابرات دول الغرب ويعمل لاجندتها وضد شعوب دوله . وكي نفهم واقعنا لابد من الاستعانة بالنحو والصرف هذه المرة حيث ان أفعال المقاربة: هي أفعال تدلّ على قرب وقوع الخبر ، وأشهرها كاد وأوشك. اي ان هذه الافعال تؤشر الى قرب وقوع الامر لكن لا تؤكد وقوعه وما نخشاه هو ان تكون عودة السلام الى ربوع السودان موجودة تحت مقصلة أفعال المقاربة بحيث تمضي أعمارنا ونحن نردد كاد السلام ان يحصل واوشك السلام ان يصل وبعدها يخيم الصمت فوق قبورنا. [email protected]